البث المباشر

ما يدل على وجود إمام منصوب من قبل الله عزوجل للإمامة في كل زمان؟

الأحد 10 مارس 2019 - 14:30 بتوقيت طهران

الحلقة 116

سلام من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة منه وبركات..
أطيب تحية نحييكم بها في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج فأهلاً بكم..
سؤالنا في هذه الحلقة هو: هل في القرآن الكريم ما يدل على وجود إمام منصوب من قبل الله عزوجل للإمامة في كل زمان؟
نبحث عن الإجابة معاً فتابعونا على بركة الله عزوجل.
أيها الإخوة والأخوات، إن المراجع للقرآن الكريم بروح الإنصاف بعيداً عن القناعات المسبقة يجد أن الإجابة بالإيجاب على السؤال المتقدم من الأصول القرآنية الواضحة وضوح الشمس في ضحاها، إذ أن الآيات الكريمة تصرح بكل وضوح أن الله عزوجل ورحمة بعباده جعل لهم في كل زمان ولكل قوم إماماً هادياً إليهم بأمره يهديهم إليه تبارك وتعالى ويكون حجة لله عليهم.
وإذا كان ثمة غموض أو إبهام في ذلك فهو ليس في منطوق الآيات القرآنية بل هو ناتج عن التأثر بالآراء المختلفة والمشارب السياسية البعيدة عن روح القرآن الكريم؛ فهي التي عمدت إلى صرف عدة من الآيات الكريمة الدالة على ذلك بتأويلات غريبة بعيدة عن ظواهرها البينة الواضحة.
فوجود إمام يقتدى به للوصول إلى الحق هاد إلى الله تبارك وتعالى تنطق به نظائر قوله عزوجل في الآية الحادية والسبعين من سورة الإسراء:
"يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً".
فأي آية أصرح في الدلالة على المقصود من هذه وهي تستخدم لفظ (كل أناس) الذي يفيد الإستغراق والشمولية بأكمل تعبير؛ وهي تبين أن الله عزوجل يدعو كل قوم في أي زمان بالإمام الذي إقتدوا به، فإن إمام هدىً من الله هداهم إلى الجنة وإن كان إمام ضلالة – والعياذ بالله – ساقهم إلى النار، فهل تتم الحجة الإلهية على الخلق إذا لم يكن لله عزوجل إمام هدىً في كل زمان يهديهم إلى الله عزوجل بأمره، كما صرحت بذلك آيات أخرى، نظير قوله تبارك وتعالى في الآية الثامنة من سورة الرعد "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" وهذا ما أكدته وبينته كثير من صحاح الأحاديث الشريفة ننقل لكم بعضها بعد قليل فأبقوا معنا مشكورين..
روي في تفسير محمد بن مسعود العياشي رضوان الله عليه مسنداً عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
"لا تترك الأرض بغير إمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله وهو قول الله عزوجل [يوم ندعو كل إناس بإمامهم] ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية".
أيها الأفاضل، وقد صحت في مختلف المصادر المعتبرة عند مختلف المذاهب الإسلامية الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
ونلاحظ هنا أن الإمام الصادق – عليه السلام – يستند إلى هذا الحديث النبوي الشريف لتأكيد المفهوم المستنبط من الآية الكريمة باستحالة خلو أي زمان من إمام هدى تكون معرفته وإتباعه سبباً للنجاة من ميتة الجاهلية في الدنيا والنجاة في يوم القيامة يوم يدعى كل إنسان بإمامهم.
وهذا مقتضى عدل الله عزوجل، ولذلك فإن إنكار وجود إمام هدى في كل زمان يعني إنكال عدل الله جل جلاله، وهذا ما يشير إليه مولانا الإمام الرضا – عليه السلام – في الحديث المروي عنه في تفسير العياشي أنه قال: "في قول الله عزوجل [يوم ندعو كل أناس بإمامهم] قال: أليس العدل من ربكم أن يولوا كل قوم من تولوا؟ قالوا: بلى،، قال: فيقول تميزوا فيتميزون".
أيها الإخوة والأخوات، والمعنى المتقدم مروي من طرق أهل السنة أيضاً، فمثلاً روى السيوطي في تفسير (الدر المنثور) عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال: في بيان معنى الآية المتقدمة من سورة الإسراء: "يدعى قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم".
وفي تفسير العياشي عن الإمام محمد الباقر – عليه السلام – في تفسير هذه الآية: "يجيء رسول الله – صلى الله عليه وآله – في قومه وعلي – عليه السلام – في قومه والحسن في قومه والحسين في قومه وكل مات بين ظهراني إمام جاء معه".
وقد روى السيوطي أيضاً والحاكم في مستدركه على البخاري ومسلم وفي شواهد التنزيل وغيره، مسنداً عن عدة من الصحابة ورواية الحاكم عن أبي بريدة الأسلمي قال: "دعا رسول الله بالطهور وعنده علي بن أبي طالب فأخذ رسول الله بيد علي بعد ما تطهر فألصقها بصدره ثم قال "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ" ويعني نفسه، ثم ردها إلى صدر علي ثم قال "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" ثم قال – صلى الله عليه وآله – له: يا علي! أنت منار الأنام وغاية الهدى وأمير القراء، أشهد الله على ذلك إنك لكذلك".
مستمعينا الأفاضل، والأحاديث الشريفة بهذه المضامين كثيرة مروية من طرق الفريقين ومضمونها يفوق حد التواتر، وسننقل نماذج لها في حلقة مقبلة بإذن الله.
ونختم الحديث هنا بالنتيجة التالية المستفادة مما تقدم أن القرآن الكريم يصرح بكل وضوح بأن الله عزوجل لا يخلي أرضه في زمان من إمام هدىً تكون معرفته وإتباعه وطاعته سبباً للنجاة من ميتة الجاهلية.
وبهذا نختم لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله عملكم ودمتم في رعاية سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة