سلام من الله عليكم أيها الأطائب وطابت أوقاتكم في كل خير..
تحية من الله مباركة طيبة نحييكم بها وندعوكم لمرافقتنا في لقاء الله من هذا البرنامج.
في هذا اللقاء نتابع البحث في نصوص الثقلين عن سؤالنا الذي عرضناه بشأن حقوق النبي الأكرم علينا أو واجباتنا تجاهه – صلى الله عليه وآله – وقد تعرفنا في الحلقات السابقة على عشرة من هذه الحقوق هي: الطاعة والإتباع والتحاكم والرجوع إليه للحكم عند الإختلاف وحق مودته والصلاة عليه كلما ذكر – صلى الله عليه وآله – وتعظيمه كما عظمه الله وتوقيره ومبايعته وزيارته والهجرة إليه وأداء الخمس وكذلك أداء حق أبوته المعنوية للأمة ومودة قرباه وإكرام ذريته – صلى الله عليه وآله – فما هو الحق الحادي عشر من الحقوق المحمدية؟
أعزاءنا.. تفيدنا النصوص الشريفة أن إجتناب إيذاء النبي والحرص على رضاه – صلى الله عليه وآله – هو من الحقوق النبوية المهمة التي يستتبع إنتهاكها عذاب الله وسخطه، قال تبارك وتعالى في الآية الحادية والستين من سورة براءة أو التوبة: "وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".
وقال جل جلاله في الآية ٥۷ من سورة الأحزاب: "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ".
ونقرأ في الآية ٥۳ من سورة الأحزاب أيضاً:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً".
وفي هذه الآيات – مستمعينا الأطائب – إشارات إلى مصاديق من إيذاء النبي الأكرم في حياته – صلى الله عليه وآله – كما أن في ذيل الآية الأخيرة منها إشارة إلى أحد مصاديق إيذائه بعد وفاته وهو ما حرمه الله عزوجل من الزواج بزوجاته، وثمة مصاديق أخرى لإيذائه في حياته وبعد وفاته ذكرتها الأحاديث الشريفة تأتيكم بعد قليل فأبقوا معنا مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات.. روي في تفسير علي بن إبراهيم – رضوان الله عليه – ضمن تفسيره للآية السابعة والخمسين عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال ضمن حديث عن سيدة نساء العالمين وقد ذكر أنها – صلوات الله عليها – بضعة منه: من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي، ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ومن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وهو قول الله عزوجل [إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً أليما].
وروي في تفسير مجمع البيان بسند عن الحاكم أبو القاسم الحسكاني الشافعي مسنداً عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال لأمير المؤمنين عليه السلام: "يا علي من آذى شعرة منك فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فعليه لعنة الله".
وروي في كتاب (شرح الآيات الباهرة) ضمن حديث طويل أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال لبريدة الأسلمي وقد سعى في إيذاء الوصي المرتضى – عليه السلام - : "أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن علياً مني وأنا منه وأن من آذى علياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم".
ونقرأ في تفسير علي بن إبراهيم رحمه الله وضمن تفسير قول الله عزوجل: "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها" نقرأ أنه جاء في الحديث الشريف في معنى الآية: "قال: يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في علي والأئمة صلوات الله عليهم كما آذوا موسى فبرأه الله منهم".
إذن فإيذاء رسول الله – صلى الله عليه وآله – يكون بإيذاء أهل بيته المعصومين من بعده فمن أداء حقه إجتناب ذلك بكل صوره، كما أن من مصاديق أداء هذا الحق إجتناب المسلم كل ما يسوء نبيه – صلى الله عليه وآله – في كل عصر إذ أن النصوص الشريفة صريحة بأن الله يطلعه على أعمال أمته بعد وفاته.
قال الله تبارك وتعالى في الآية ۱۰٥ من سورة براءة أو التوبة:
"وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".
وروي في كتاب الكافي مسنداً عن الإمام الصادق – عليه السلام – قال: (ما لكم تسؤون رسول الله – صلى الله عليه وآله - ؟ فقال له رجل: فكيف نسوؤه؟ أجاب – عليه السلام - : (أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه؟ فإذا رأى معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله – صلى الله عليه وآله – وسروه).
وروي في تفسير علي بن إبراهيم – رضوان الله عليه – عن الإمام الصادق في تفسير الآية المتقدمة من سورة التوبة أنه – عليه السلام – قال: "إن أعمال العباد تعرض على رسول الله – صلى الله عليه وآله – كل صباح أبرارها وفجارها، فأحذروا وليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح".
أيها الإخوة والأخوات، ونصل الآن لتلخيص النتيجة المحورية المستفادة من النصوص الشريفة المتقدمة وهي:
إن من حقوق نبينا الأكرم على أمته إجتناب إيذائه سواءً في حياته المباركة أو بعدها وأداء هذا الحق يكون باجتناب كل ما يؤذيه – صلى الله عليه وآله – ويسوؤه وأهم مصاديق ذلك إيذاء عترته وأهل بيته – عليهم السلام – وقيام المسلم بالأعمال القبيحة والمعاصي فإن ذلك مما يكرهه لأمته وقد نصت الأحاديث الشريفة أن أعمال أمته تعرض عليه كل يوم برزخه.
أعاذنا الله وإياكم من كل ما يسوء حبيبنا المصطفى ويؤذيه – صلى الله عليه وآله - اللهم آمين ..
وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. شكراً لكم وفي أمان الله.