سلام من الله عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة منه وبركات..
أزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج..
نتابع فيها بحثنا عن فروع الإجابة عن سؤال محوري عرضناه قبل ثلاث حلقات عن واجباتنا تجاه حبيبنا النبي الأكرم أو حقوقه – صلى الله عليه وآله –علينا، وقد عرفنا من النصوص الشريفة إلى الآن ثلاثة حقوق هي: حق الإتباع والطاعة وحق الرجوع إليه في الإختلافات وحق مودته والتبرء من أعدائه.
فما هو الحق الرابع من حقوقه – صلى الله عليه وآله – ؟
من خلال البحث في النصوص الشريفة نجد أنها تذكر أن من حقوق النبي الأكرم الصلاة عليه عند ذكره – صلى الله عليه وآله – وقد خصه الله تبارك وتعالى من بين أنبيائه بأن أمر عباده بالصلاة عليه، قال تبارك وتعالى في الآية ٥٦ من سورة الأحزاب؛
"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً".
اللهم صل على محمد وآل محمد، نعم أيها الأكارم، والآية صريحة في دعوتها للإقتداء بالله تبارك وتعالى وملائكته في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وآله -.
وقد فسرت الأحاديث الشريفة كما في تفسير علي بن إبراهيم معنى صلاة الله على النبي بأنها تزكية له – صلى الله عليه وآله – أما صلاة الملائكة فهي مدح وثناء عليه، في حين أن صلاة الناس عليه تعني دعاؤهم له والتصديق والإقرار بفضله.
أما معنى قوله عزوجل "وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" فهو يعني التسليم لأمر رسول الله وكل ما جاء به صلى الله عليه وآله.
فمثلاً روى الشيخ الصدوق في كتاب (معاني الأخبار) وكذلك روي في تفسير البرهان وغيره عن الإمام الصادق – عليه السلام – أنه أجاب عن سؤال لأحد أصحابه عن معنى الآية المتقدمة فقال: (الصلاة من الله عزوجل رحمة ومن الملائكة تزكية ومن الناس دعاء، وأما وقوله عزوجل "وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [فهو] يعني التسليم فيما ورد عنه).
وفي رواية ثانية: التسليم له في كل شيء جاء.
وجاء في رواية ثالثة قال – عليه السلام – يعني سلموا له بالولاية وبما جاء به.
مستمعينا الأفاضل، أما الأحاديث الشريفة فقد أكدت على أهمية وبركات العمل بالأمر القرآني المتقدم وأداء هذا الواجب من واجباتنا تجاه رسول الله – صلى الله عليه وآله – وهي أحاديث كثيرة مروية من طرق الفريقين، نكتفي بذكر نماذج منها:
روي في أصول الكافي مسنداً عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال: "ما من قوم إجتمعوا في مجلس فلم يذكروا إسم الله عزوجل ولم يصلوا على نبيهم إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالاً عليهم".
ومن طرق أهل السنة ما رواه النسائي في السنن الكبرى عنه – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "ما جلس قوم مجلساً فتفرقوا عن غير الصلاة على النبي إلا تفرقوا على أنتن من ريح الجيفة".
وفي سنن إبن ماجة عنه – صلى الله عليه وآله – قال: "من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة".
وفي الجامع الصغير عن أبي ذر عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال: "إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي".
وفيه أيضاً عنه – صلى الله عليه وآله – قال: "من الجفاء أن أذكر عند الرجل فلا يصلي علي".. أعاذنا الله وإياكم من أن نجفو حبيبنا رسول الله – صلى الله عليه وآله -.
وقال مولانا الإمام الرضا – عليه السلام – فيما كتبه للمأمون من محض الإيمان وشرائع الدين "والصلاة على النبي واجبة في كل المواطن وعند العطاس والذبائح – أي مع التسمية – وغير ذلك".
وروي في الكافي عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قال: "وصل على النبي – صلى الله عليه وآله – كلما ذكرته أو ذكره ذاكر في أذان أو غيره".
وروي في كتاب ثواب الأعمال عن الإمام الكاظم – عليه السلام – قال:
"من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثني رجله أو يكلم أحداً: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً"".
اللهم صل على محمد وآل محمد وذريته، قضى الله له مائة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الآخرة.
وفي دعاء طلب الحوائج من صحيفة سيد الساجدين يقول عليه السلام: "اللهم وصل على محمد وآله صلاةً دائمة نامية لا إنقطاع لأبدها ولا منتهى لأمدها واجعل ذلك عوناً لي وسبباً لنجاح طلبتي إنك واسع كريم".
مستمعينا الأفاضل والأحاديث عن أهل البيت – عليهم السلام – في فضيلة الصلاة على النبي – صلى الله عليه وآله – كثيرة تأمر بالإكثار منها وتبين عظيم فضلها في قضاء الحوائج واستجابة الدعاء وغفران الذنوب والتطهر منها؛ وأعظم بركاتها تلك المصرحة بأن من صلى على النبي – صلى الله عليه وآله – مرة واحدة حباً له، صلى النبي عليه عشراً ومعلوم أن في صلاة النبي على الناس نزول السكينة عليهم كما تصرح بذلك الآية (۱۰۳) من سورة التوبة.
أما بالنسبة للصيغة الشرعية التي لا يجوز تجاوزها للصلاة على النبي – صلى الله عليه وآله – فهي الصلاة التي تقرن آل محمد دون سواهم به – صلى الله عليه وآله – وهذا ما نص عليه النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في الحديث المشهور المروي من طرق الفريقين فقد رواه البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل والترمذي وأبو داوود وابن ماجة والنسائي، وجاء فيه أن النبي الكريم – صلى الله عليه وآله – فقال: "قولوا: "اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد"".
كما روى أعلام أهل السنة نهيه – صلى الله عليه وآله – عن الصلاة البتراء أي التي ليس فيها (آل محمد) صلى الله عليه وآله.
مستمعينا الأكارم، وخلاصة ما تقدم هي أن من واجباتنا تجاه حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله – الصلاة عليه كلما ذكر عملاً بالأمر القرآني على أن تكون كيفية هذه الصلاة هي بالصورة التي أمرنا بها وهي التي تقرن به – صلى الله عليه وآله – آله المعصومين – صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وبهذه النتيجة ننهي أيها الأطائب حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. لكم منا خالص الدعوات ودمتم بألف خير.