بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم إخوة الايمان ورحمة الله وبركاته
أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج
السؤال الذي نتناوله فيها هو:
ما هي العلاقة بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر أو الآخرة؟
نتلمس الأجابة عن هذا السؤال من النصوص الشريفة، فكونوا معنا مشكورين.
أيها الأخوة والأخوات، عندما نرجع الى القرآن الكريم نلاحظ بوضوح كثرة الآيات الكريمة التي تذكر الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر معاً
بل وتصرح بعضها بأن الإيمان بالله واليوم الآخر هو القاسم المشترك في الإصول العقائدية بين جميع الأديان الإلهية، نلاحظ معاً أيها الأكارم قول الله تبارك وتعالى في الآية ٦۲ من سورة البقرة:
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ".
والذي نستفيده أيضاً من هذه الآية الكريمة هو أن تحقق النجاة يكون باقتران الإيمان بالله عزوجل بالأيمان باليوم الآخر، فكيف يكون ذلك؟
هذا ما تجيب عنه الآية الكريمة نفسها، إذ أنها تقول بعد ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر "وَعَمِلَ صَالِحاً".
وهذا يعني أن الإيمان باليوم الآخر هو من العوامل التي تدفع الإنسان للعمل الصالح.
وهذا المعنى أكدته كثيرٌ من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، كما سنلاحظ ذلك في حلقات لاحقة خاصة بعلامات صدق الإيمان بالله واليوم الآخر.
نعود مستمعينا الأفاضل الى سؤال حلقة اليوم عن العلاقة بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، وقد اتضح من الآية المتقدمة أنهما متلازمان في الرؤية القرآنية.
بل وإنهما يمثلان جوهر وقطب الأصول الإعتقادية لجميع الرسالات السماوية لأن بهما معاً يندفع الإنسان للعمل الصالح الذي تكون به نجاته ويرتدع عن السيئات التي توقعه في الشقاء.
والآية الكريمة المتقدمة تصرح بأن الإيمان بذلك يدفع عن المؤمن الخوف والحزن ويحفظ له أجره؛ في حين أن عدم الإيمان باليوم الآخر يوقع الإنسان في مهاوي الشقاء والظلم. قال تبارك وتعالى في الآيتين ۳۹ و٤۰ من سورة القصص عن طغيان فرعون:
"وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ{۳۹} فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ{٤۰}".
والآيات الكريمة صريحة في التنبيه لحقيقة أن عدم الإيمان باليوم الآخر والمعاد هو سبب أشكال الانحرافات والظلم والطغيان، قال تبارك وتعالى في الآيات ۲۹-۳۲ من سورة الأنعام وهو يحكي حال وعاقبة الظالمين:
" وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ{۲۹} وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{۳۰} قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ{۳۱} وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ{۳۲}".
ولنتدبر معاً أيها الأخوة والأخوات في الآيات التالية وهي الآيات ۲٤-۲٦ من سورة الجاثية، وفيها يبين تبارك وتعالى علة اتباع الجاحدين لأهوائهم كما أشارت لذلك الآية ۲۳ من هذه السورة، فاتباع الأهواء هو نتيجة لإنكار المعاد.
قال عز من قائل "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ{۲٤} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{۲٥} قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{۲٦}".
وقد ذكر القرآن الكريم في مواطن عديدة أن إنكار اليوم الآخر كان من أهم ما يواجه بهع المترفون والظالمون الأنبياء الكرام عليهم السلام، وبه كانوا يسوغون لأنفسهم الإنحراف والظلم والطغيان، وإن زعموا أنهم يؤمنون بالله.
وفي المقابل فقد كانت دعوات الأنبياء جميعاً تؤكد على الإيمان باليوم الآخر ويوم البعث والحساب دفعاً للشقاء عن الخلق وفتحاً لأبواب النجاة أمامهم.
وخلاصة ما تقدم أيها الأخوة والأخوات أن من أوجه العلاقة المهمة بين الإيمان بالله عزوجل والأيمان باليوم الآخر، هو أنهما معاً يشكلان جوهر الرسالات الإلهية لأن بهما معاً تتحقق النجاة والسعادة للإنسان.
وبهذه النتيجة ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) فشكراً لكم على الإستماع له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله اعمالكم ودمتم في رعاية سالمين.