السلام عليكم أيها الأطائب و رحمة الله ، تحية طيبة و أهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرناج نسعى فيها معا لمعرفة الإجابة عن السؤال التالي : كيف نجتنب اتخاذ الهوى إلاها يعبد من دون الله و قد حذرنا القرآن من ذلك و اعتبره أخطر مصاديق الشرك؟ لنرجع معا إلى مناري الهداية الربانية القرآن الكريم و أهل البيت النبوي – عليهم السلام– سعيا للحصول على الإجابة.
مستمعينا الأفاضل، عندما نرجع إلى القرآن الكريم نلاحظ بوضوح أن الله تبارك و تعالى قد جعل (الحنيفية) في مقابل الشرك و معنى (الحنيفية) هي الميل عن كل باطل إلى ما يقابله عن الحق. و هذا يعني أن النجاة من جميع أشكال الشرك و منها عبادة الهوى تكون باتباع نهج الحنيفية.
لنتدبر معا في الآيات الكريمة التالية ، كقوله عزوجل في الآية الحادية و الثلاثين من سورة الحج : "حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ".
و في تفسير هذه الآية الكريمة روى الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قال : "الحنيفية هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ثم قال : فطرهم الله على المعرفة". يعني – عليه السلام – على المعرفة به عزوجل و بالتالي اتباعه و عبادته فهي التي تنجي الإنسان من أن تمزقه عبادة الأهواء المختلفة و تدمر طاقاته الشهوات كما تشير لذلك تتمة الآية الكريمة.
و لنتدبر معا أيها الأكارم في قوله عزوجل في الآية ۱۳٥ من سورة البقرة "و قالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا و ما كان من المشركين" قال الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – في تفسير هذه الآية كما ورد في كتاب تفسير العياشي : (إن الحنيفية هي الإسلام).
و في الكتاب نفسه عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قال : "ما أبقت الحنيفية شيئا حتى أن منها قص الشارب و قلم الأظفار و الختان".
وفي حديث الإمام الباقر – عليه السلام – إشارة لطيفة إلى أن الحنيفية قد اشتملت على كل ما فيه صلاح الإنسان و طهارته البدنية و المعنوية. و قال عزوجل في الآية ٦۷ من سورة آل عمران "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" و جاء في تفسيرها عن مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – كما في كتاب أصول الكافي قال : (في قول الله عزوجل "حَنِيفاً مُّسْلِماً" كان خالصا مخلصا ليس فيه شيء من عبادة الأوثان". و قال عز من قائل في الآية ۹٥ من سورة آل عمران "قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" و جاء في تفسير العياشي عن مولانا الإمام الحسين – عليه السلام – قال في هذه الآية الكريمة : "ما أعلم أحدا على ملة إبراهيم إلا نحن و شيعتنا".
أيها الأحبة و نقرأ في الآية ۱۲٥ من سورة النساء قول الله جل جلاله : "وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً". و قوله عزوجل في الآية ۱۰٥ من سورة يونس "و أن أقم وجهك للدين حنيفا و لا تكونن من المشركين" فمن هذه الآيات الكريمة و نظائرها يمكننا أن نستنتج الإجابة عن سؤال هذه الحلقة بما يلي : إن طريق النجاة من عبادة الهوى و جميع أشكال الشرك يمكن في اتباع (الحنيفية) التوحيدية و هذه هي الشرعة الإلهية النقية الشاملة لجميع شؤون حياة الإنسان و التي تهذب مشاعره و رغباته و تجعلها تتحرك بالإتجاه الصحيح الذي يضمن سعادته في الدنيا و الآخرة.
و هذا هو الذي تعبر عنه أدعية أهل بيت النبوة – عليهم السلام – عندما تعلم الإنسان أن يطلب من الله عزوجل جعل هواه تبعا لطاعته عزوجل. فمثلا جاء في الدعاء المستحب قراءته بعد زيارة الإمام الجواد – عليه السلام – قول الداعي : "اللهم صل على محمد و آل محمد و أرني الحق حقا فأتبعه و الباطل باطلا فأجتنبه و لا تجعله علي متشابها فأتبع هواي بغير هدى منك و اجعل هواي تبعا لطاعتك و خذ رضا نفسك من نفسي و اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
نشكر لكم أحباءنا طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (أسئلتنا و أجوبة الثقلين) من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران نجدد لكم أخلص التحيات و الدعوات و في أمان الله.