وسميت سورة البلد بذلك الاسم لأنّ الله تعالى ابتدأ السورة بالقسم بالبلد الحرام والمقصود به مكّة المكرّمة "لَآ أُقْسِمُ بِهَٰذَا ٱلْبَلَدِ"، وفي ذلك تعظيماً لشأنها، وقد شرف الله مكة فجعل فيها الكعبة وهي قبلة المسلمين.
ومحور السورة هو تبيين حقيقة الحياة في الدنيا والتأكيد أن الحياة فيها شدائد وصعوبات يعيشها الإنسان.
وجاء في كتب التفسير أنّ السورة تُبيّن خِلقة الإنسان المبنية على التعب والمشقة، ولا تجد شأناً من شؤون الحياة إلا ومقروناً بمرارة الكد والتعب، فلا راحة وسعادة من غير شقاء وتعب إلا في الدار الآخرة، لذا فهي تدعو إلى الصبر على الطاعة والابتعاد عن المعصية، وأن ينشر الرحمة على اليتامى والفقراء وغيرهم، حتى يكون من أصحاب الميمنة، وإلا فهو من أصحاب المشأمة الذين عليهم نار مؤصدة.
وتبدأ السورة المباركة بالقسم إذ يقول تعالى "لا أقسم" وفي الآية الثانية تشير الى كون النبي (ص) في مكة ويؤكد معظم المفسرين أن "لا أقسم" يدل على القسم لأن الله سبحانه وتعالى أقسم بمكة المكرمة لعظيم شأنها؛ لأنها الموطن الذي فيه الكعبة، وهي أحسن بقاع الدنيا، وكذلك بسبب وجود النبي محمد (ص) في تلك المدينة.
لكن البعض يعتبرون أنه لا يقسم بمكة المكرمة وهي مقدسة ولكن لأن أهلها لا يكرمون النبي (ص) فأراد الله تعالى أن لا يقسم بها ثم يقول "بوالد وما ولد" قبل أن تقول " لَقَدْ خَلَقْنَا الاِنْسانَ فيكَبَد" (البلد / 4) لتؤكد أن الحياة ملئها مشاكل وشدائد.
وتفيد السورة المباركة أن شرط بلوغ السعادة الحقيقية هي عيش الصعاب والابتلاء في الدنيا واحتمال الشدائد والمرور منها.
ومن أهم مقاصد سورة البلد هي "تذكير النبي (ص) بعظمة البلد وهو مكة ومن سكنه من الآباء والأجداد"، و"تأكيد حقيقة البعث والنشور من خلال ذمّ ما عليه أهل الشرك من إنكار ذلك"، و"تذكير أهل مكة بأنّ ما هم عليه من القوة، وما هم فيه من النعمة، يستوجب الشكر"، و"تذكيرهم بأن تجاوز العقبات لا يكون إلا بالعمل الصالح؛ كالإحسان إلى العبيد واليتامى والمساكين"، و"بيان أن ثمة طريقين؛ الاستقامة والضلال، وبيان حال كل طريق، ثم بيان مآل كل طريق، ومصير السالك فيه".