والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن اعيان الصادقين الموالين الرسول الله (صلى الله عليه وآله)، هو الصحابي والمجاهد خباب ابن الارط، وكثيراً ما نسمع بهذا الاسم وربما نشاهد اسمه يطلق على مدرسة او مؤسسة او شارع او ميدان او ساحة والخ. خباب ابن الارط قضيته فيها لفتات وفيها فوائد جمّة، نستفيد منها فوائد عديدة، هذا الرجل في البداية كان غلاماً مملوكاً، تملكه امرأة بمكة وهذه المرأة ام نمار او ام انمار، سبحان الله هذا الغلام كان من بعيد لبعيد ينظر النبي وميال الى النبي، الله عز وجل وضع محبة النبي حتى في قلوب بعض خصومه الا من كان ملوثاً بشكل لا يسمح له بذلك لكن عموماً كان النبي محبوباً لدى الكل، هذا الغلام هو غلام عند ام انمار لكن تسأل عنه فيقولون ذهب يسمع كلام محمد، تسأل عنه مرة ثانية، ذهب ينظر الى النبي من فرجة في المسجد، النبي جالس، يعني من الشباك كذا ينظر الى النبي، انزعجت فقالت له: ما هذا كل ما أسأل عنك انت خلف هذا الرجل! رأت لا اصراره على ذلك فطردته وقالت: اذهب وخلت سبيله، عتق بأنزعاج، رب ضارة نافعة. هذا الرجل ما ان قالت له: او طردته إلا وجاء صوب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو صحابي من مكة وهو من المهاجرين الأوائل الذين تشملهم الآية «وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ» هذا الرجل اصبح لا يفارق النبي (صلى الله عليه وآله) وشهد مع النبي بدراً، رجال بدر لهم ثقل خاص، شهد مع النبي بدراً، شهد مشاهد اخرى ثم في التاريخ نقرأ ان النبي اناط اليه عدة مهام اداها بشكل ممتاز مما يدل على ان النبي لمس فيه استعداد خاص، علمه النبي القرآن في مكة، ذاك اليوم جزء من القرآن نزل في مكة لان اكثر القرآن نزل في المدينة، لكن في المدينة النبي (صلى الله عليه وآله) جعل له مهمة خاصة ان يعلم الناس القرآن مثل مجموعة كانوا يتعلمون القرآن عند خباب بن الارط، سعيد بن زيد زوجته بنت الخطاب بنت الخليفة الثاني عمر، نرجع خطوة الى الوراء، هذا خباب بن الارط عذب في الله تعذيباً لا مثيل له وصبر على ذلك، صبر من اجل دينه، قريش اوقدوا النار تحت ظهره حتى التاريخ يقول اطفئوا وئد ظهره لهيب النار، كانوا يسحبوه على النار، آثار التعذيب، آثار النار بادية على جسده حتى يذكر صاحب اسد الغابة يقول ان الخليفة الثاني عمر شاهد ظهر خباب بن الارط من التعذيب فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل كظهر خباب ويذكر ايضاً صاحب اسد الغابة ان قريشاً البسوه الدروع الحديدية وصهروه في الشمس حتى بلغ منه الجهد مبلغاً وما ترك النبي وما رضخ لمطالب هؤلاء وانما بالعكس صمد، الى درجة ان بعض المفسرين لما يتكلمون عن هذه الآية ولا نظر «الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» قال بعض المفسرين انها نزلت في سلمان وابي ذر وعمار وخباب بن الارط. صاحب اعلام الورى يذكر عن خباب بن الارط يقول، يعني جناب يقول: اتيت رسول الله وهو متوسد برده في ظل الكعبة وقد لقينا يعني هو ومجموعة من مثل بلال، ياسر، سمية، هؤلاء هم الرعيل الاول الذين عذبوا هذا التعذيب، وقد لقينا من المشركين عذاباً شديداً فقلت: يا رسول الله ادعو لنا بالفرج، كاد الصبر ان ينفذ، فجلس النبي، الكلام لخباب، جلس النبي محمر الوجه وقال: لقد كان من كان قبلكم ليمشط احدهم بأمشاط الحديد يعني الانبياء، اصحاب الانبياء، النبي يشرح لهم اوضاع المجاهدين العاملين لدين الله قديماً، الانبياء، الاوصياء، بعض الانبياء قصوهم بالمنشار نصفين، وما دون عظمه من لحم او عصب، وضعوهم فقط اشكال هيكلية فقط عظام.
يقول لهم النبي: فلن يصرفهم ذلك عن دينهم فيوضع المنشار نصفين، وما دون عظمه من لحم او عصب، وضعوهم فقط اشكال هيكلية فقط عظام.
يقول لهم النبي: فلن يصرفهم ذلك عن دينهم فيوضع المنشار على مفرق رأسه ويقسم الى نصفين فلم يصرفه عن دينه وليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضر موت لا يخاف احداً الا الله، يعني تنتشر الروح الايمانية بالشكل الذي تؤثر في نشر البركات على وجه الارض، هذا الرجل كان صديقاً عزيزاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وبحكم موقع الامام علي سلام الله عليه كان ايضاً مع الامام امير المؤمنين لكن لاحظت بعض المصادر من الجمهور لا يذكرون هذه من باب عدم الإنصاف مع الامام امير المؤمنين.
ابن ابي الحديد (رحمه الله) يقول: ان خباب بن الارط جاهد بضراوة مع الامام علي يوم النهروان، وكان من خيرة محبيه وانصاره بعد ان كان قد نزل الكوفة ويقول مات بها عام 39 هجرية وهو اول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة وصار دفنه سبباً بعد ذلك لان كانت العادة والسيرة ان الناس يدفنون موتاهم في بيوتهم او عند ابواب البيوت لكن هذه صارت ان يتخلو عن هذه السيرة، الامام امير المؤمنين سلام الله عليه كان يترحم عليه كثيراً ويصفه ويقول: رحم الله خباباً، كأن الامام امير المؤمنين رجع من صفين ومعه عبد الرحمن بن جندب، مّر الامام في الكوفة بمحلة بني عوف رأى قبراً وقلت على خلاف العادة المتبعة، سأل الامام: هذا القبر لمن؟
قالوا: قبر خباب تأثر الامام كثيراً، ترحم عليه وقال: رحم الله خباب بن الارط فلقد اسلم راغباً وهاجر طائعاً وقنع بالكفاف ورضي الله عنه وعاش مجاهداً وابتلي في جسمه «يعني التعذيب» ولن يضيع الله اجر من احسن عملاً، الامام كان يزور قبره ويزور قبور الصالحين ويشيد بمواقفه من باب تحريك التاريخ وتحريك الاذهان، كان الامام امير المؤمنين يقف عند قبره ويقرأ هذه الزيارة لانه صارت مقبره عامة: «السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، انتم لنا سلف فارط ونحن لكم: عما قليل تبع لاحق، اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم، طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف وارضى الله سبحانه وتعالى». أسأل الله لهذا المجاهد العزيز خباب بن الارط الرحمة والرضوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******