البث المباشر

الشيخ فتح الله الإصفهاني المعروف بشيخ الشريعة

الأربعاء 20 فبراير 2019 - 12:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 451

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن اعلام الصادقين خط اهل البيت ومن رموز المجاهدين وزعماء ‌السياسيين في العراق هو الحبر الاعظم والامام الاكبر الشيخ فتح الله الاصفهاني المشهور والمعروف بشيخ الشريعة، في الواقع كثيراً ما نسمع ونقرأ عن هذا الاسم منذ ان وعينا في الحياة وعرفنا انفسنا لا نمر بكتاب او موسوعة تتحدث عن استقلال العراق وتاريخ العراق وعن النجف الاشرف بالذات إلا ولا بد أن يرد اسمه هذا، اسم شيخ الشريعة كعلم من اعلام الجهاد ورمز من رموز استقلال العراق، طبعاً شيخ الشريعة هو من مواليد اصفهان بإيران عام 1266 هجرية ودرس مقدمات العلوم الفقهية واللغة هناك وتحول الى مدينة النجف الاشرف وبفضل النبوغات التي كان يتمتع بها وابداعاته واستعداده الخارق كما يقال اخذ يرتقي مراقي عالية علماً بسرعة حتى في غضون فترة شبه اعجازية اصبح من العناصر التي يشار اليها بالبنان في النجف الاشرف، صار له دوي ودور علمي وريادي وخصوصاً على مستوى الفقه والاصول وعلم التفسير والرجال، قالوا عنه وكتبوا عنه كان قوي الذاكرة، وكان في معاشرته عذباً منبسطاً جداً، في علاقاته كان شعبياً وهذا اكسبه موقعاً ريادياً حتى انه سافر الى الحج عام 1313 هجرية ذلك اليوم والسفر واتعابه وكان معه مجموعة من الناس فعاد الى العراق وبسبب العلماء الذين كانوا برفقته والناس، لان السفر كان بوجود شخصية كهذا يتحول الى مدرسة واشتهر بعد ذلك بشيخ الشريعة والا هو اسمه الشيخ فتح الله الاصفهاني، ويجدر ان اذكّر او اذكر بأن هذا العنصر المبارك رغم اشتغاله بالعلوم العقلية والنقلية إلا إن وعيه السياسي وثقافته السياسية ادركته حقيقة الوضع الدولي، ما كان في زمانه إلا قليلين جداً الذين يملكون هذا الادراك وهذا الوعي السياسي، ربما على الفقه والاصول وهذه المستويات كان له انداد، أما على صعيد المشرب الدولي او السياسي نادراً ما كان مرجعاً في هذا المستوى وانشغالاته العلمية، كان يدرك ما يدور في الساحة الدولية فتحرك سياسياً وكان يدافع بحرارة عن استقلال العراق وسيادة‌ العراق، وفي الواقع بناة السياسة العراقية وبناة استقلال العراق هم الميرزا الشيرازي وشيخ الشريعة والنائيني والسيد ابو الحسن الاصفهاني ولا يحق لاحد ان يقول هذا شيرازي وهذا اصفهاني وهذا خراساني وهذا نائيني، في الواقع في ذلك اليوم وفي تلك البرهة من الزمن، قبل قرنين وقبل قرن ونصف ما كانت هذه الحواجز لها وزناً. من كان يصارع النزعة الاستعمارية للاستكبار الدولي غير علماء الامامية، هم كانوا قادة النضال، السيد محمد سعيد الحبوبي، السيد محسن الحكيم وهكذا في خطوات الى الوراء شيخ الشريعة الذي اتكلم عنه الآن، يومها كانوا هم بناة العراق وبناة استقلال العراق.
في عام 1919 يومها احتلت القوات البريطانية مناطق من العراق وعلماء الامامية‌ وقفوا موقفاً جداً مشرف ومفاجيء للعالم، اصدر شيخ الشريعة (رضوان الله عليه) فتاواه المشهورة مثلاً حرم على الناس التعامل مع البضاعة الغربية، وما اقتصر نضاله السياسي في أمر العراق بل تجاوز ذلك الى الشأن الدولي العام مثلاً نحن نقرأ في ترجمة هذا العالم الجليل وبياناته الشديدة حينما ادان الغزو الايطالي لليبيا او الغزو الروسي لإيران هذا ملفت للنظر. المرحوم شيخ الشريعة وقف مع العثمانيين جنباً الى جنب ضد الغزاة البريطانيين ويعلم الاخوة والاخوات تعلمون جيداً ما عاناه الشيعة من قتل عام على أيدي العثمانيين لكن شيخ الشريعة وغيره وقفوا مع هؤلاء جنياً الى جنب لان بأعتبار وحدوا كلمة‌ المسلمين مقابل الغزو الكافر، شيخ الشريعة (رضوان الله عليه) له موقفاً مشرفاً وكبيراً ومهماً مع المشروطة يعني مع حكم الانتخاب، جنباً الى جنب مع الفقهاء الذين دعوا الى ذلك. في عام 1920 ميلادية ارسل المرحوم شيخ الشريعة هو والمرحوم محمد تقي الشيرازي رسالة شديدة اللهجة الى رئيس امريكا في ذلك الوقت وكان شيخ الشريعة (رحمه الله) يوقع رسائله بعنوان رئيس الهيئة العلمية وتضامن معه العديد من العلماء كالشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ جواد الجواهري، وكان (رحمه الله) يتحرك بخفة وحرارة يخطب الخطب، يكتب البيانات، يقود المظاهرات الشعبية لمواجهة المحتلين الانجليز.
وللعلم وبصراحة موقفه هذا هو تبنى المواجهة للغزاة لكن الانجليز لعبوا لعباً قذراً وماكراً وفتحوا قنوات الاتصال مع بعض العناصر الأخرى وبالتالي وجهوا ضربة الى وحدة الموقف فمارسوا دوراً خفياً في انشاء علاقات مشبوهة مع بعض الوجودات وبالتالي واجه شيخ الشريعة (رضوان الله عليه) شيئاً من التفكك في موقف النجف او القيادة في النجف ودخل الانجليز وهاجموا الناس حتى التاريخ يقول ان لاذ الناس الى مسجد الكوفة كما يذكر صاحب معارف الرجال في الجزء الثاني صفحة 154 يعني اعطي العنوان لمن يريد الخوض في التفاصيل ويعرف حقائق التاريخ وحقائق الامور لان الحاضر ابن الماضي، ففي معارف الرجال في الجزء الثاني صفحة 154 يقول بأن الانجليز بعد ان غدروا او لعبوا هذه اللعبة الماكرة ودخلوا، قتلوا الناس بالجملة وهاجموهم فلاذ الناس الى مسجد الكوفة فضربوا مسجد الكوفة بالقذائف واخذت طائراتهم تقصف كل مكان حتى مسجد الكوفة، المذهل في الأمر ان شيخ الشريعة (رضوان الله عليه) لم يتوانى لحظه واحدة رغم هذا الشرخ او الخرق الذي صار ولازم خطه الجهادي حتى ان كان رئيس الوزراء البريطاني واجه رسالة شديدة اللهجة من شيخ الشريعة وتعجب وارسل الى المندوب السامي الموجود في العراق ليطلب منه تفاصيل عن الشيخ وجيشه وسلاحه فكتب له المندوب السامي جواباً بأن هذا الشيخ اثاث بيته لا يتجاوز قيمة كذا روبية واما جيشه وعتاده فلا يوجد له جيش نظامي ولا عتاد وانما جيشه هو الناس إلا انه يقود الناس اعظم من القائد الذي يقود الجيوش.
قلت: ان شيخ الشريعة صفحة لامعة في تاريخ النجف الاشرف وتاريخ العراق السياسي والعلمي وعاش (رحمة الله عليه) اياماً عصيبة يواجه هذا الغزو ولن يوهنه ولن يقلل من همته العالية ومع كل تلك المصائب وذلك الجهاد كان مشغولاً بالتأليف والتدوين وفي الاواخر كان مراقباً بدقة من قبل الغزاة حيث وضعوا الرصد حتى على خادمه يعني من اجل ان يلاحظون الرسائل او المكاتبات، وبقي صابراً على معاناته ولم يتواني ولم يفتر لحظة واحدة عن التدريس والبحوث العلمية حتى وافاه الأجل في الثامن شهر ربيع الثاني عام 1339 هجرية ودفن في الصحن الحيدري في النجف الاشرف تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة