البث المباشر

الإمام السيد موسى الصدر

الأربعاء 20 فبراير 2019 - 12:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 450

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن مشاعل الصادقين وابطالهم وشهداءهم هو العالم والمتكلم والزعيم النشط الامام السيد موسى الصدر (رضوان الله تعالى عليه)، هذه الشخصية الاسلامية والتي هي شغلت حيزاً كبيراً في التاريخ الجهادي الجديد لعلماء الامامية وهو هذا العلم الامام موسى الصدر، هو طبعاً من مواليد 1928 ميلادية، ولد في مدينة قم المقدسة وينتمي الى اسرة آل الصدر، هي اساساً من الكاظمية في العراق وتوزعت بعد ذلك، قسم انتقلوا قطنوا جنوب لبنان وقسم بأصفهان في ايران وقسم في طهران وقسم في النجف وقسم عادوا من ايران الى لبنان وقسم عادوا من لبنان الى النجف وهكذا، منشأ هذه الاسرة هي الكاظمية وتعود هذه الاسرة علمياً الى تاريخ ستمئة سنة، كلهم علماء وكتاب وخطباء ومجاهدون ولست بهذا الصدد لان وقت البرنامج قليل، المرحوم او الشهيد السيد موسى الصدر (رضوان الله عليه) بعد ان اكمل المراحل الاولى، من الدراسة الاولى والوسطى على ايدي كبار الاساتذة في قم نبغ ورقى في مستوياته العلمية وصار من تلاميذ المرحوم الطباطبائي صاحب تفسير الميزان، هذا التفسير العملاق. وخلال تواجد الامام موسي الصدر في مدينة قم المقدسة درس فترة من الوقت عند الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، واخذ درجة الاجتهاد في قم وانتقل الى النجف الاشرف، انتقاله الى النجف الاشرف كان بتشويق من ابن عمه شهيد الاسلام الخالد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه)، فعامين هو كان في النجف الاشرف يواصل دراساته العليا عند السيد محسن الحكيم وعند المرحوم السيد محمود الشاهرودي وكان يواصل العرفان والفلسفة عند المرحوم الشيخ عباس القوجاني وعند المرحوم السيد عبد الأعلى السبزواري. هو كان نشطاً فبعد ان امضى عامين في النجف الاشرف عاد الى مدينة قم المقدسة وهناك اسس مؤسسات ثقافية واصدر مجلة‌ بأسم «مكتب اسلام» واصبح محوراً لعدد من العلماء المتنورين واصبح شخصية لامعة ومحلقة فألح عليه المؤمنون في جبل عامل والجنوب اللبناني بالسفر اليهم، المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين والمرحوم الامام البروجردي الحوا عليه بأن يستجيب لدعوة المؤمنين فأنتقل الى لبنان عام 1959 ميلادية، لما وصل الى لبنان غير الوضع بكامله، انجز منجزات باهرة مثل تأسيس جمعية «البروالاحسان» مجموعة تعني بأيواء اليتامى والمستضعفين، كما قام بمؤسسات وتنظيمات متعددة مثل منظمة امل للمحرومين وآخر جهوده تكللت بالنجاح حين قام بتأسيس المجلس الشيعي الاعلى في لبنان لرعاية الطائفة وتطور هذا المجلس حتى اصبح ذو صفة دستورية يعني له موقع في التشريع ومناقشة القوانين والخ. الامام موسى الصدر عرف بشعبيته الكبيرة وتواضعه وانبساطه للمساكين والضعفاء حتى اصبح شبه أب لهؤلاء وكان موهوباً في كل الجوانب، كان جميلاً وسيماً شجاعاً يتكلم بعدة لغات، الفرنسية والانجليزية والعربية والفارسية ‌وكان مليح البيان، وفي اجتماعاته مع بعض زعامات العالم كان يصحبهم ببيانه ولباقته وعذوبة حديثه حتى ان امير الكويت السابق جابر الاحمد استقبله عام 75 وكان انذاك رئيساً للوزراء وكان الوقت المخصص للقاء ساعة واحدة الا ان رئيس الوزراء هذا طلب تمديده فأستمر الجلسة ثلاث ساعات لأنه استأنس بحديث ضيفه.
واذكر هنا خاطرة لي معي هذا الرجل الكبير العظيم الامام موسى الصدر، لقد شاهدته في البيت الحرام عند الكعبة، شاهدته عام 72 امام باب الكعبة وعانقته وسلمت عليه، رأيته يزور زيارة امين الله، زيارة امير المؤمنين فسألته عن المناسبة فأشار الى هذه النكتة الجميلة قال: أليس هنا قد ولد الامام علي امير المؤمنين؟ 
قلت: نعم. 
قال: اذن اول ارض لامست بدنه الطاهر هذه البقعة، ثم قال: كلما ادخل البيت الحرام اطوف ثم ازور الامام امير المؤمنين.
طبعاً في الواقع هذه ترسخت في ذهني والى الان كلما اوفق لزيارة بيت الله الحرام اقف امام باب الكعبة وازور الامام علي بن ابي طالب وايضاً اترحم واذكر الامام موسى الصدر. السيد موسى الصدر (رضوان الله عليه) اصبح محلقاً في عالم السياسة والجهاد والعلم وجميع السياسيين والملوك كانوا حينما يلتقون الامام موسى الصدر يطئون رؤوسهم اجلالاً له وذلك لهيبته وايضاً كان يعطيه قوة وشخصية اكبر في عيون هؤلاء ان الامام موسى الصدر كان مقاوماً عنيداً للصهيونية، وهذه هي بداية المرحلة التي تنبه اليها علماء الشيعة، علماء الامامية كالمرحوم كاشف الغطاء اعلا الله مقامه، بقية العلماء كالشيخ عبد الكريم الجزايري اعلا الله مقامه، كالشيخ عبد الكريم الزنجاني اعلا الله مقامه، هؤلاء اول من تنبه وأثار ضمير العالم الاسلامي الى خطر (اسرائيل) وشر (اسرائيل). الامام موسى الصدر كان في هذا المجال له موقف بارز وشديد وصارم، كان يصرخ بخطبه ويعلن، من يلاحظ خطبه يعلن بأن (اسرائيل) تريد ان تجزأنا وتفرق بيننا وبين هويتنا وثقافتنا وحضارتنا وتفتح ابواب الفساد لمسخ الهوية الاسلامية، كان في هذا شديد جداً. ولا يفوتني ان اذكر ان الامام موسى الصدر تدفقت عليه الاموال من الشخصيات المتعددة ومن بعض الكيانات السياسية فكان ينفق كل ذلك على الضعفاء وينشأ المؤسسات الخيرية وكان هذا الرجل على عظمته ومواهبه معرضاً عن الدنيا ولذائدها، يعيش عيشه تقليدية حتى اني سكنت عنده ليلة وبقيت عنده يوماً في لبنان، سكنه وحياته لا تتجاوز حياة ابسط موظف عادي، فكان رحمه الله يلح عليه بعض اصدقاءه او بعض الشخصيات المتمكنة مادياً انه لماذا لا تشتري بيتاً لك فأبى وكان يسكن بيتاً استأجره وحتى الى لحظات استشهاده هو لا يملك داراً ولا عقاراً ولن يخلف مالاً ابداً، هنا اذكر ان معظم مراجع الشيعة الكبار المقدسين الزهاد المعرضين عن الدنيا غادروا الدنيا ولا يملكون بيت سكن كالامام الخميني (رضوان الله عليه) او نرجع الى الوراء الشيخ مرتضي الانصاري، شيخ الشريعة لا يملك بيت للسكن، هكذا الشهيد الصدر عرضت عليه مبالغ من الاموال ابى والى ان استشهد لا يملك داراً للسكن حتى لزوجته واولاده، الامام موسى الصدر لم يخلف لا داراً ولا عقاراً ولا مالاً ابداً.
قضية استشهاده، لما اصبح يتبوأ هذا الموقع اصبح شخصية يحترمها زعماء العالم طبعاً دور الاستكبار خشيت ودبروا له مع احد اقزامهم مؤامرة ودعي الى ليبيا واختفى هناك عام 1978. أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة