البث المباشر

الشيخ فضل الله النوري

الأربعاء 20 فبراير 2019 - 09:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 443

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 
ومن ابطال الصادقين وشهداءهم هو العالم الكبير والقائد المجاهد الشهيد الشيخ فضل الله النوري طاب ثراه، هناك ميدان كبير في طهران يطلق عليه اسم. هذا القائد والعالم الشهير وهناك طريق سريع في طهران او مانسميه بالاوتوستران او موتوروي ايضاً يحمل اسم هذا العالم الكبير. 
فمن هو الشيخ فضل الله النوري؟ وما هي ظروف استشهاده؟
هو من مواليد مدينة طهران عام 1258 هجرية، نشأ في جو عائلي يحب العلم والمعرفة، بعد تحصيله المقدمات في النحو والفقه انتقل الى النجف الاشرف لما نتحدث عن كبار الشخصيات امثال الشيخ فضل الله النوري، الشخصيات العلمائية نلاحظ ان كل هؤلاء مهما بلغوا من العلم كانوا يتجهون صوب النجف الاشرف، هذا لا يعني ان هناك في الحوزات المتواجدة هنا وهناك في مشهد او في قم نقصاً او فراغاً، المدرسة هي المدرسة، مدرسة الحديث، مدرسة الاصول، مدرسة اهل البيت، مدرسة الامام الصادق لكن هذا التركيز ما هو الا للجانب الغيبي او نسميه الجانب الغير مرئي، بأصطلاحنا الفطري نسميه البركة يعني مهما بلغ الرجل من علمه هذا امر شائع بين الناس انه لابد وان يزور النجف ويطلب العلم هناك ولو لفترة قليلة، يخطى بمسحة، يحظى بفيض لانه ينتهل العلم من مثوى او جوار مثوى الامام امير المؤمنين باب مدينة علم الرسول ومخزن اسراره.
الشيخ فضل الله النوري رحمة الله عليه يصير خال الميرزا النوري صاحب مستدرك الوسائل فلما وصل الى النجف الاشرف اصطحب خاله وخاله سافر بعد ذلك الى سامراء للانضمام الى حوزة الميرزا الشيرازي فهو سافر مع خاله وتفوق في العلم وصار عالماً من الاعلام وعاد الى ايران وشرع في التدريس واستقبال التلاميذ من طلبة العلم المتوافدين من ربوع ايران ثم اخذ يلعب الادوار السياسية ويقود الجماهير لمقاومة الاستعمار وافشال خططه فكان الشيخ فضل الله النوري رحمة الله عليه احد الشخصيات العلمية القيادية التي ساهمت في تفعيل فتوى الامام الشيرازي لما حرم استعمال التنباك انذاك واصبح يعد في ايران بعد المرحوم الميرزا حسن الاشتياني يعد بالمرجع الثاني واعطاه بعداً اقوى، مؤلفاته الشهيرة، ابحاثه الفقهية العالية، ذوقه الادبي، كان رحمه الله شاعر ايضاً، شاعر وثائر، في اللغة العربية والفارسية.
بعد وفاة المرحوم الاشتياني عام 1319 اصبح الشيخ فضل الله النوري المرجع الاول في ايران كلها وربما بعض المدن المجاورة، سافر الى الحج عن طريق تركيا وبعد ان ادى فريضة الحج مر بالعراق وزار العتبات المقدسة وكان يميل الى ان يقيم في النجف الاشرف ثانياً لكن التداعيات السياسية في ايران وظروف الاحتقان السياسي فرضت عليه العودة الى ايران، مارس رحمه الله الضغط على الموقف السياسي بتأييده المشروطة يعني الانتخاب مقابل النظام الملكي الى ‌ان هذه الجهود اتت ثمارها ونجح الشعب بفضل فتاوى العلماء وفي مقدمتهم فتاوى الشيخ فضل الله النوري في استحصال امر ملكي انذاك بأجراء الانتخابات وهذه كانت الخطوة تعتبر الاولى، اول هزيمة للشاهنشاهية المستبدة، اقيمت الانتخابات، اسس مجلس الشورى ودون الدستور لكن هنا لاحظ رحمه الله ان اعداء الاسلام نفذوا من طريق آخر الى المجلس وتدوين الدستور لفرض العلمانية على الشعب الايراني فأخذ الليبراليون انذاك يستغلون الموقف فهنا اضطر رحمه الله ان يتصدى مرة ثانية بحزم لمعالجة الامر وواجه ذلك في بياناته وخطبه فكانوا يشكلون عليه انه انت تؤكد على الانتخاب، كان يرد على الانتخابات والمشروطة في اطارها الصحيح اما الان ايضاً اخترقت هذه الموجة، صار يتعاضد ويتضامن بعض الليبراليين والشاهنشاهيين على تصفية شخصية الشيخ فضل الله النوري يعني اغتياله واغتيال شخصيته قبل اغتيال شخصه، كانوا ينشرون المنشورات وفيها هتك وتهم وبعض الناس البسطاء كانت تنطلي عليهم فواجه رحمه الله ظرفاً صعباً وخياراً مراً والتاريخ يقول اضطر الى ان يعتصم هو ومجموعة من العلماء في حرم السيد عبدالعظيم الحسني رضوان الله عليه وهناك بقي معتصماً اشهر ودخلت البلاد في ازمة خانقة لكن الاستكبار العالمي، الاستعمار الانكليزي بالذات دبر لايران ما يسمى بأنقلاب عسكري فقصف المجلس عام 1325 يعني اكثر من مئة سنة وقليل بالضبط قصف الانكليز المجلس وبعض المراكز الاخرى بعنوان انقلاب داخلي ونفذت حملات اعتقال وابادة وقتل الكثير من العلماء والوجهاء‌ واعتقل كبار العلماء مثل ذلك اليوم المرحوم السيد عبدالله مجتهد زادة، البهبهاني، السيد محمد طباطبائي وغيرهم، كانت هذه القرارات تتخد في داخل السفارة البريطانية في طهران، تأزم الوضع جداً، تأزم وضع العلماء المعتصمين واصبح عليهم لقمة الطعام حسرة لان كان من يمدهم بالطعام يقتل كما حدث وهذا رأيناه بأعيننا الشهيد محمد باقر الصدر فعلاً لما حبس في داره وحصر احد جيرانه اخذ صرة فيها طعام ورماها في بيته فصوروه من كاميرا وقتل ذلك الرجل، الشيخ فضل الله النوري في هذه المحاصرة رحمه الله كان محاصر في الشاه عبدالعظيم، السفارات الهولندية والروسية والعثمانية كانت تعرض عليه اللجوء فرفض رفضاً قاطعاً واستمر يجاهد حتى قبض عليه واودع السجن المركزي في طهران في اوائل شهر رجب عام 1327 وعرضت عليه عدة عروض لترك البلاد او التراجع عن افكاره فرفض وعملوا له محكمة عرفية صورية وحكم عليه بالاعدام في 13 رجب عام 1327 وتعمدت القوى العميلة ان يكون تنفيذ حكم الاعدام في ميلاد امير المؤمنين واعدم شنقاً في احد ميادين طهران وجمعوا الاراذل والاوباش والنساء العاهرات كانوا يصفقون ويرقصون فرحاً بقتله، كان هذا يوم من الايام السوداء التي عصفت بالتاريخ الايراني، المرحوم رحمة الله عليه حياته كانت كلها جهاد في جهاد ثم نقل جثمانه الى مدينة قم المقدسة فوري الثرى في صحن السيدة المعصومة تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة