الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن اعمدة الصادقين وقدوتهم وكبير علماء عصره السيد محمد مهدي آل بحر العلوم الطباطبائي الحسني رحمه الله، هو واحد من المهادي الاربعة المشهورين محمد مهدي النراقي، محمد مهدي القزويني، محمد مهدي الرضوي الشهيد. السيد مهدي آل بحر العلوم نموذج متفرد في عصره واذعن له علماء زمانه والمتأخرون عنهم بعلو مقامه ورئاسته وتفوقه في العلوم العقلية والنقلية وهكذا سائر الكمالات الاخرى. هذه الشخصية يعود تاريخها الى مئتين وخمسين سنة قبل، السيد مهدي بحر العلوم كبير اسرة آل بحر العلوم هذا هو الذي اوجد التواجد في مسجد السهلة لانه له هناك مكاشفات ومواقف في مسجد السهلة ليالي الاربعاء، اشتهر السيد محمد مهدي بحر العلوم اعلى الله مقامه، يرون والكتب تنص، بعض المصادر ان هذا العالم بلغ من تقواه وورعه واعتقاد الناس به ومحبتهم له أن الشيخ جعفر النجفي صاحب كتاب كشف الغطاء مع ما عليه من درجة علمية كبرى وتقوى وزهادة كان إذا التقى بالسيد بحر العلوم يأخذ من تراب خفه فينشره على عمامته تبركاً به، فهو مشهور وتواترت عنه الكرامات، اهمها لقاءه بالامام المهدي، لا اعرف كيفيتها ولكن حالة عامة اشتهر بها كما اشتهر بالمكاشفة والتفوق في التعاطي مع كمالات تفوق عالمنا المادي ووجودنا المادي العادي.
السيد مهدي بحر العلوم ولادته في كربلاء المقدسة عام 1155 هجرية، يعني اكثر من مئتي وكذا سبعين سنة، نشأ بجوار الامام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) يتطور بشكل عجيب في تحصيله بسبب نبوغاته وطهارة باطنه، كان قوي الاطلاع في كل النواحي العلمية فأصبح زعيماً للطائفة الامامية في اواخر القرن الثاني عشر الهجري ثم سافر الى مكة واقام هناك فترة طويلة وكانت ايامها حكم الاشراف للحرمين الشريفين وكان ايام تواجده في مكة تزحف الناس من كل صوب وحدب للاستماع الى حديثه، هناك في مكة ايام اقامته يروي تلميذه الشيخ غلام او الشيخ علام يروي هذه الكرامة للسيد مهدي بحر العلوم يقول كان السيد اودع كيس المال عندي فجأة ونحن في مكة وكان المقرر أن نبقى فترة مثلاً لكن اطال سفرنا اشهر والمصروف بدأ ينفذ وانا قلق وكلما اكلم السيد اراه لم يهتم، بعد يومين او ثلاثة قلت: سيدنا نحن مصرفنا نفذ فأجابني بهدوء وقال لي: نحن تحت رعاية ولي الله وحجته يرعانا يمدنا بفيوضاته، بعد يومين صفا الكيس خالياً، طلب مني أن آتي بحاجة قلت له: سيدي مولاي لا يوجد عندي اي مال، فكر واخرج ورقة من جيبه فعلقة وقال لي: لا تفتحها، اذهب الى جبل الصفا تجد على الارض صراف جالس اعطيه الورقة وسلم عليه، يقول الشيخ علام جئت بالورقة ووصلت الى الطرف جالس على الارض وامامه عمولات ونقود، سلمت عليه واعطيته الورقة فتحها وقبلها ثم بلغته سلام السيد فسألني عن حاله ثم اشار بأصبعه على صرة وقال لي: خذها وبلغ السيد سلامي. رجعت وسرت الامور وما كان ينقص من هذا المال سبحان الله، يقول الشيخ علام بعد يومين قلت لاذهب لجبل الصفا واجلس عند الصراف اسلم عليه واراه ويقول اتيت ولم اجد احداً، هناك دكاكين فأتيت عند صاحب الدكاكين وسألتهم فقالوا لي ماذا تقول. نحن هنا سنين ولم نرى هنا صرافاً، قلت لهم قبل يومين اتيت هنا قالوا لا نعرف ماذا تقول يقول الشيخ علام ادركت سر الامر وكلمت السيد بحر العلوم قال لي إن الامام يمدنا بفيوضاته يقول وغلق الكلام، عاد السيد بحر العلوم من الحج او بعد تلك الفترة وسكن النجف الاشرف، ايام وجوده في النجف الاشرف كانت النجف بحاجة الى اب علمي فشرع بالتدريس والبحوث واكتسب شهرة وكان يأخذ الطلاب كما قلت ليالي الاربعاء يذهبون الى مسجد السهلة، كان يصلي هناك بتلاميذه وصارت الاولياء والمؤمنين ايضاً يقتدون به واصبحت سنة الى اليوم واستمر الناس عليها، عصاري يوم الثلاثاء يذهب الناس ويصلون المغرب والعشاء ليلة الاربعاء، هذه من سنن السيد بحر العلوم اعلا الله مقامه. اما مؤلفاته وبحوثه كثيرة وشهيرة لكن اشهر مؤلفاته واثاره هي منظومة يسموها منظومة السيد بحر العلوم او الدرة النجفية، منظومة خاصة بكل ابواب الفقة ومسائل الفقة وحتى مسائل العقائد يقول في مطلعها:
افتتح المقال بعد البسملة
بحمد خير منعم وشكر له
مصلياً على نبي الرحمة
وآله الاطهار اهل العصمة
وهي اكثر من الفين بيت من الشعر، المهم ان السيد مهدي بحر العلوم كان منهلاً رائداً للاصلاح ونشر العلم واعطى للامة المئات من تلاميذه واكثر من ثلاثين كتاباً وتوفي رحمه الله في النجف الاشرف في سنة 1212 هجرية، هذه السنة هي التي اغار فيها الوهابيون على كربلاء المقدسة فسميت تلك السنة وهجومهم كان يوم الغدير سميت بغدير دم قتلوا سبعين الفاً من اهالي كربلاء بما فيهم ثلاثة الاف عالم وخطيب وكما هو يجري اليوم في العراق، احرقوا الحرم الحسيني، انتهبوا الحرم هجموا قتلوا الناس، انتهبوا التحف، قتلوا الشيعة. نعم وصل الخبر الى النجف الاشرف، حزن الناس واصابت السيد بحر العلوم آلام شديدة واستولت عليه الالام فقارق الحياة في هذه السنة ووري الثرى بجوار الشيخ الطوسي اعلا الله مقامه في النجف الاشرف. أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******