الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن اعيان الصادقين الاوفياء لآل الرسول صلوات الله وسلامه عليهم هو المرحوم العالم والخطيب والشاعر الملا عباس الصفار الزيوري البغدادي وهو من سلالة المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله هذا العنصر المبارك ولد ببغداد، مات ابوه وهو طفل صغير فانتقلت به امه الى مدينة الحلة الفيحاء لانها هي من الحلة اساساً فنما وكبر في الحلة واتصل بعلمائها وخطبائها واستفاد الكثير منهم، في حوالي 1285 هجرية انتقل الى كربلاء المقدسة وصار ينظم الشعر في اهل البيت ثم سافر الى الحج عام 1290 هجرية وبعدها قام بسفرة طويلة الى بلدان شبه الجزيرة العربية وبقي مدة في مدينة عدن، هناك كان ينظم الشعر فقام بتخميس علويات ابن ابي الحديد لابن ابي الحديد قصائد تسمى العلويات السبع، كما خمس قصائد الكميث بن زياد الاسدي رضوان الله تعالى عليه، في عام 1299 كان هو في سامراء ونظم قصيدة في الامام المهدي بأبي هو وامي وينظم هو في هذه القصيدة كرامة حدثت في سامراء للامام المهدي عليه الصلاة والسلام في سرداب الغيبة، الكرامة هي ان عائلة من جنوب الصين مسلمين وعندهم طفل اخرس فجاؤا الى سامراء وزاروا الغيبة يعني بيت الامام المهدي وتوسل الابوان الى الله بالامام المهدي فتشفعا بالامام المهدي واذا بالصبي ينطلق لسانه، في ذلك اليوم ضجت سامراء باهلها وكان آنذاك الميرزا محمد حسن الشيرازي موجود فاقام احتفالاً مهيباً في الصحن في سامراء والقى الملا عباس الصفار الزيوري قصيدته هذه في الامام المهدي التي من جملتها يذكر هذه الواقعة او الحادثة او الكرامة ويقول:
وفي عامها جئت والزائرين
الى بلدة تسر من قد رآها
رأيت من الصين فيها فتى
وكان سمي امام هداها
وقد قيد السقم منه الكلام
واطلق من مقلتيه دماها
في هذا الاحتفال الذي اقامه الميرزا محمد حسن الشيرازي بتلك المناسبة كان الشاعر السيد حيدر الحلي موجود ايضاً نظم قصيدة ومطلعها:
كذا يظهر المعجز الباهر
ويشهده البر والفاجر
كلامي فعلاً عن الملا عباس الزيوري الصفار، لهذا الشاعر المجاهد قصيدة ايضاً في كرامة حدثت للامام امير المؤمنين عليه الاف التحية والثناء، الكرامة حدثت ايضاً في النجف الاشرف يوم اغلقت ابواب الصحن الحيدري بوجهه مواكب العزاء واخيراً انفتحت ابواب الصحن ودخل جموع المعزين، الزيوري هناك نظم قصيدة ومن ابياتها اشارة الى هذه المعجزة او الكرامة:
مناقب حيدرة لا تضاها
وفي العد والحصر لا تتناها
ففي مئتين والف وتسع
وتسعين من عام هجرة طاها
لقد فتح الباب للزائرين ليلاً
فانكرها من رآها
الدكتور توفيق الفكيكي من رجالات القلم في العراق يذكر في احدى مؤلفاته عن هذا الشاعر يقول وهذه هي نكتة جميلة تتعلق بهذا العالم المجاهد، يقول كربلاء مدينة تضم عدد كبير من الشعراء كانت تعقد شبه مهرجانات او ندوات تجري فيها مطارحات شعرية، في يوم من الايام كان الشاعر المرحوم الملا عباس حضر ندوة كهذه وكان من الشعراء الشيخ عبد الحسين الحويزي وغيره فالشاعر هذا الشيخ عبد الحسين الحويزي القى قصيدة رائعة وعصماء، الحضار اعجبوا بها، من الحضار كان السيد جعفر الحلي اصر بان هذه القصيدة ليست للحويزي ولكن الحويزي كان يصر ان هذه قصيدتي وانا نظمتها، اخيراً رسا الحل بهذه الصورة ان الحضار اختاروا شخصين ليمتحنا هذا الشاعر الحويزي، فاقترح الشيخ ملا عباس الصفار الزيوري ان يمتحن شاعريته بهذه الطريقة قال له انا انظم صدر البيت وانت اكمل عجز البيت بارتجال وافق الحويزي، الحضار عيونهم شاخصة ماذا سيحدث، صاح الملا عباس رحمه الله وهو ينظم في الامام امير المؤمنين:
يا قطب دائرة الوجود ومن هو
الحويزي كمّل وقال:
النبأ العظيم ومن اليه المفزع
صفق الحضار بهذا الارتجال الجميل المتناسق.
ثم صاح الملا عباس الزيوري رحمة الله عليه:
انت ابن عم المصطفى ووصيه
الحويزي كمل وقال:
وابو بنيه وسره المستودع
الملا عباس كمل بيت ثاني قائلاً:
وجبت ولايته على اهل السماء
الحويزي: كمل وقال:
والارض ان سمعوا وان لم يسمعوا
نهض الحضار تصفيقاً واشادة وهم يهتفون بكلمة احسنت احسنت وانتصر الحويزي وهو يعلق على الموقف ببيتين جميلين:
يستصغر الخصم قدري من لواحظه
ونظم شعري كبير فيه تبيان
ولست اوهى خطى من نملة
نطقت فظل معتبراً منها سليمان
هذه كانت تجري، مطارحات وهذه خلقت ادباء وصنعت مشاهير الشعراء، مثلاً نظير هذا ان ثلاثة من شعراء النجف الاشرف التقوا في ندوة شعرية، الشيخ جعفر نقدي رضوان الله عليه، الشيخ عبد الامير الوردي، السيد باقر الهندي، الشاعر كان حاضراً هناك قال:
لا تجعل الحب ديناً
الشيخ جعفر نقدي كمل وقال:
فانني نجل نقدي
اما الشيخ عبد الامير الوردي كمل واضاف بيتاً:
لا تجعل الحب شوكاً
فانني نجل وردي
السيد باقر الهندي رحمة الله عليه صاح:
جودي علي فأني
يا ربة الحسن هندي
اعود الى الحديث عن الملا عباس الزيوري الصفار خطيب مطبوع شاعر ملهم، تخرج على يده الكثير من الشعراء والادباء والخطباء في كربلاء المقدسة او في النجف الاشرف، المرحوم اليعقوبي يكتب عنه في موسوعته البابليات يقول: من اشهر قصائده في رثاء الامام علي صلوات الله وسلامه عليه التي من جملتها يقول:
فمن لليتامى والايامى ومن به
بنو مضر تعلو بمجد وسؤدد
وصيك يا خير النبين رأسه
لقد شج في المحراب بسيف معتد
توفي المرحوم الملا عباس الصفار الزيوري في ايران وذلك بعد عودته من زيارة الامام الرضا فاعتراه مرض بطهران وتوفي عام 1320هجرية ودفن بجوار السيد عبد العظيم الحسني تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******