الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الاشراف المشهورين بالحسنات هو عبد الله بن جعفر زوج الحوراء زينب عقيلة آل ابي طالب وابو الشهداء الاربعة الذين استشهدوا في كربلاء مع الحسين عليه الصلاة والسلام، عبد الله بن جعفر هو ابن عم الحسين عليه السلام وهو الولد الوحيد الذي انحصر به عقب جعفر بن ابي طالب، اولاد جعفر كانوا ثمانية كلهم من اسماء بنت عميس لكن سبحان الله لم يمكن له عقب وليس لهم خلف وانحصر نسل جعفر لولده عبد الله فقط، لما استشهد جعفر بن ابي طالب بموته صعد النبي المنبر واخذ عبد الله من دون اليتامى ووضعه النبي على صدره وكان يمسح على رأسه ونعى للمسلمين استشهاد جعفر، عبد الله بن جعفر هو من مواليد الحبشة ايام هجرة المسلمين الاولى وهو اول مولود في الاسلام في ارض الحبشة وعبد الله بن جعفر هو تلميذ حيوي ونشط للامام علي بن ابي طالب سلام الله عليه واشتهر بالرواية عن اهل البيت وممن روى عنه سليم بن قيس وغيره، عبد الله بن جعفر له قصة جميلة ترتبط بايام صغره وهي ان النبي مر فشاهده وهو صغير يصنع من الطين فخارة فالنبي سأله قائلاً يا بني ما تصنع بها قال ابيعها قال وما تصنع بثمنها قال اشتري به تمراً فاكله فابتسم النبي ودعا له قائلاً: "اللهم بارك له في صفقة يمينة" ومن هنا يروى بان عبد الله بن جعفر لم يخسر باي صفقة تجارية في حياته بل كان يربح بها يبدو هذه من بركات دعاء النبي صلى الله عليه وآله عبد الله بن جعفر كان غيوراً وكان كريماً فقد روى المؤرخون انه شاهد يوماً شاعراً دخل على مروان بن الحكم مدحه بشعره فلم يعطه مروان شيئاً، خرج الشاعر حزيناً سأله عبد الله بن جعفر كم كنت ترجو منه قال كنت ارجو منه الف دينار على الاقل على مديحي هذا له فقال وكم تأمل ان تعيش قال امل ان اعيش سنة او سنتين فاعطاه من المال بعدد السنين التي قالها ولكل سنة الف دينار ففرح الرجل فرحاً شديداً، "اللهم اجعلنا من الكرماء او من الاسخياء على الاقل لان السخي دون الكريم وذكرت السير ان رجلاً عرض في المدينة سكراً فلم يشتري منه احداً وكان منزعجاً ويريد العودة الى بلده فقيل له لو عرضت ذلك على عبد الله بن جعفر اتى وقال له الا تشتري مني هذه الحمولة من السكر قبل عبد الله بن جعفر وقال له وزعها على فقراء المدينة، بائع قال وآخذ انا منها؟ قال خذ ما تشاء ثم سأله عن سعر السكر فقال اربعة الاف فأعطاه الثمن فسر وفرح وانشد يقول:
لا خير في المجتدي في الخير تسأله
فأستمطروا من قريش خير مختدع
تخال في اذا حاورته بل يهن
من جوده وهو وافي العقل والورع
ومن قصص جوده انه كان مع الحسنين ذاهباً الى الحج وتخلفوا عن القافلة وضيعوا الاثر ووفدوا على بيت اعرابي ما عنده سوى شاة ذبحها لهم بعد ما اكلوا علموا انه لا يملك الا هذه الشاة فوعدوه بالجزاء في المدينة، دارت الايام والسنين عثر به عبد الله بن جعفر في المدينة وهو لم يعرف عبد الله بن جعفر لكن عبد الله عرفه فقال اتذكرني فلان يوم فذكره فأخذه للحسنين فاعطياه كل واحد منهما الف دينار ولم يحب عبد الله بن جعفر ان يكون دونهما فاعطاه مثل ما اعطياه الحسنان، هنا اذكر لفتة جميلة ان شحاذاً محترفاً، مر وصديقه على باب مسجد النبي ورأى عبد الله بن جعفر كان قد لبس جبة راقية من الخز فقال الشحاذ لزميله اتدري انني لاستطيع ان اخذ هذه قال كيف قال اصبر وانظر وقف الشحاذ عند باب المسجد ويصيح بصوت عال رأيت ابا جعفر في المنام فالبسني منه دراعة وكأنه يسر حلماً او رؤيا فما كان من عبد الله بن جعفر الا ان قام وخلع الجبة والبسه اياها، لما لبسها اراد ان يفهمه ان هذا الكلام مفتعل قال كيف بك واذا رأيتني لبست افخر منها قال الشحاذ قال سأرى بذلك طيفاً آخر ان شاء الله، عبد الله بن جعفر كان من اعيان الهاشميين ومن علمائهم له قصة جميلة مع ام عقيل روتها السير راح ولدها وكيف هدئها بآيات من القرآن حتى تصبرت لانها كانت كالمجنونة بفقدها ولدها الوحيد، عبد الله بن جعفر من تلاميذ الامام علي والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم وشاهد محنة الامام علي، الروايات تقول لما خطب الحوراء زينب ووافق الامام امير المؤمنين اشترط ضمن العقد على ان لا يمنعها من السفر ان ارادت السفر مع الحسين الى العراق، تزوجت الحوراء زينب من عبد الله بن جعفر وانجبت منه ولدين وهما عون وجعفر وبنت وهي ام كلثوم وهذه البنت حاول معاوية ان يزوجها لابنه يزيد فرفض عبد الله بن جعفر وقال ان امرها بيد خالها الحسين فلما علم الحسين ذلك اراد ان يغلق الباب بوجه معاوية زوجها من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر واعطاها صداقاً كصداق امه فاطمة وهذا القاسم زوج كلثوم بنت الحوراء زينب استشهد في كربلاء، اذن اولاد جعفر اثنين من الحوراء زينب استشهدوا مع الحسين واولاده اثنين من زوجته الاخرى ايضاً استشهدا بين يدي الحسين سلام الله عليه، عدم انضمام عبد الله بن جعفر للحسين في الرحيل الى كربلاء كان سببه فقدانه بصره وقد كلم الحسين كثيراً ليصرفه لكن لما شاهد عبد الله بن جعفر اصرار الحسين للرحيل الى كربلاء امر اولاده بالانضمام الى الحسين فاصطحبوا الحسين وكانوا اربعة، اول ما ندخل من جهة المسيب الى كربلاء هنالك قبر عون ويقولون هذا ابن زينب لا هذا عون آخر عالم من العلماء اراد زيارة الحسين وهناك قبره، عون ومحمد اولاد زينب مع الشهداء اذن انضم اولاده الاربعة ولدين من الحوراء زينب وهما عون وجعفر وله ولدين اخرين استشهدا مع الحسين وهما محمد وعبيد الله وامهما الخوصاء كما ذكر ابو الفرج الاصفهاني وغيره، تقول السير ان عبد الله بن جعفر لما وصله خبر استشهاد الحسين عليه السلام تألم وحزن ولكن تصبر، عنده غلام من غلمانه، صاح بصوت عال هذا ما لقيناه من الحسين فلما سمعه عبد الله بن جعفر غضب وحذفه بنعله وصاح يابن اللخفاء افي الحسين يقال هذا والله لو شهدته لاحببت ان لا افارقه حتى اقتل بين يديه، بقي عبد الله بن جعفر في المدينة وفي القاهرة وفي الشام واين يذهب يحدث الناس عن فضائل اهل البيت، ثم باعتبارات خاصة هاجر المدينة الى الشام ثم عاد الى المدينة وتوفي عام 80 هجرية ودفن في البقيع في زاوية الصحابة تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******