الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين بمعنى من المعاني وهو مالك بن دينار البصري رحمه الله غلام الامام الصادق عليه الصلاة والسلام طبعاً الامام له غلمان عديدين لكن هذا من الغلمان المتميزين القريبين من الامام عليه السلام، لم نعثر على تأريخ ولادته لكن هذا الرجل عاش حياة ذات شطرين يعني شطرين ولكن فيهما اختلاف كثير لكن كتب الله التوفيق له في النهاية ليصبح غلاماًَ للامام الصادق عليه السلام، هناك حديث للامام امير المؤمنين عليه السلام يقول الاعمال بخواتيمها بمعنى ان نحن لما ندرس حياة الرجل او نستفسر عن الرجل يهمنا اخر حياته كيف كان اخر لحظة والا كثير من الناس عاصروا النبي وجاهدوا وضحوا لكن آخر لحظة مات وهو يلعن وصي رسول الله امير المؤمنين اخ الرسول ووليه او يده بيد ظالم سفاح هذا الامر مهم جداً اننا لمّا نريد ان نقيم انساناً نقيمه ليس ببداية حياته وانما نرى النهاية ما هي فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل خواتيم امورنا وعواقب امورنا خيراً بحق محمد وآل محمد، هذا الرجل مالك بن دينار في البداية كان منحرفاً ومنهمكاً في المعاصي نستمع اليه ونترك الحديث له نرى ماذا يقول، يقول مالك بن دينار كنت غاصاً بالمعاصي ومحتسياً للخمرة وذات يوم اشتريت جارية ورزقت منها طفلة، بنت كبرت واخذت تدرج، ازداد تعلقي بها خصوصاً البنت كأن الله اودع الاباء فطرياً حباً خاصاً للبنات لكونهن مظلومات، يقول ازداد تعلقي بها بحيث لا اقوى على فراقها لحظة واحدة يزداد حبي لها يوماً بعد يوم ازدت غرقاً بمحبتها فلا انس الا معها ولا تأنس الا معي حتى ان احياناً اصب الخمرة فكانت تمسك ثوبي يراق الخمر على اثوابي ثم الحديث يقول اكملت الطفلة سنتين من عمرها فمرضت وماتت هذه الطفلة واحزنني موتها بدرجة لا استطيع وصفها، طول الليالي اعيش ذكريات هذه الطفلة وانتحب وابكي، ذات ليلة وكانت ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة جمعة، تحكم هكذا حالات انا عشت هذه المناسبات ان تصير احياناً ليلة القدر ليلة الجمعة او تصير ليلة عرفة ليلة جمعة او ليلة النصف من شعبان ليلة جمعة هذه فرص لا تتكرر في العمر يجب على الانسان ان يستغلها يقول كنت ثملاً فنمت في حالة سكر واذا في المنام ارى القيامة قامت والناس حشروا للحساب وهم في فزع وخوف وهلع فجأة اسمع صراخاً من خلفي، اصوات مرعبة ملت بوجهي الى الوراء واذا بافاعي عظيمة سوداء فتحت افواهها وهي تطاردني وانا اركض هارباً هائماً، رأيت رجلاً ثيابه بيض هادئ صحت انقذني قال كيف انقذك وانا متحير في امري القرآن يقول يوم تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها، قال انظر الى هذا المرتفع، هناك الجأ فان فيه ودائع المسلمين ولعل وديعة هناك تنفعك يقول لا ادري ما هي الوديعة، تسلقت ذلك المرتفع والافاعي تتبعني فنظرت الى اعلى المرتفع واذا حجاب ستار، سمعت منادياً يرفع الحجاب عنه واذا روضة وحدائق غناء ورأيت اطفالاً صغار كل طفل وجهه كوجه البدر ليلة تمامه والافاعي قريباً ان تلتهم جسدي واذا طفلة من بين الاطفال صرخت بتلك الافاعي صاحت اليكم عنه فأنه ابي التفت واذا هذه بنتي التي ماتت، صاحت بالافاعي والافاعي فرت، يقول انا نسيت الافاعي واعتنقت بنتي باكياً ووضعتها في حجري واذا تنظر الي ووضعت وجهها في وجهي وهي تقرأ هذه الآية «الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله»، يقول مالك فبكيت بشدة وقلت بنية انت عمرك سنتين متى تعلمت القرآن وانا لم اعلمك قالت ابه هنا افضل من الدنيا وما فيها هنا يعلمون القرآن ومعاني القرآن قلت بنية ما هذه الافاعي التي تركض ورائي يقول بكت الطفلة وقالت يا ابه انها معاصيك في الدنيا، هذه ليست افاعي، هذه معاصيك في الدنيا سألتها بنية ماذا تفعلين هنا؟ ما تصنعين، انت وهؤلاء الاطفال؟ فقالت نحن اطفال امة محمد صلى الله عليه وآله اودعنا هنا ننتظر اباءنا لنشفع لهم في هذا اليوم، يقول مالك بن دينار استيقظت من النوم فضربت على كل ما عندي وتبت الى الله، المصادر تقول ان مالك بن دينار دخل المقطع الجديد من حياته فأخذ يتدرج بايمانه وتقواه بحيث جاء ليصبح غلاماً عند الامام الصادق سلام الله عليه وشهد مالك بن دينار منعزلاً سألوه قال لا يصفو لي العيش الا مع الزاهدين، في اواخر حياته رأى يوماً من الايام عابداً قال له اوصيني قال يا مالك انا اوصيك ان استطعت ان يكون بينك وبين اهل الدنيا حجاباً فافعل فقال مالك زدني فقال اقطع طمعك من المخلوقين تسكن ملكوت السموات اللهم اقطع طمعنا من اهل الدنيا وما في ايديهم، هذا حاصل طبيعي الانسان عندما يبتعد عن الدنيا وطاعة الهوى ولوث الدنيا تتهذب نفسه فيرقى رويداً رويداً حتى يصبح افضل من الملك.
اخيراً مالك بن دينار عاصر اواخر ايام حياته ابراهيم بن ادهم وهو ايضاً من غلمان الامام الصادق وهؤلاء آليا على نفسيهما ان لا يفوتا فرصة الا بخدمة الامام الصادق سلام الله عليه وتأمل ان اللحظة الواحدة كم يستفيد من الامام الصادق حينما يعيش الانسان زميلاً للامام الصادق سلام الله عليه، الروايات تقول ان مالك بن دينار بلغ من العبادة كان مضرباً للمثل، اذا واحداً يريد ان يقول لشخص ما هذه العبادة يقول كأنك مالك بن دينار، نسأل الله سحانه وتعالى ان يعطينا التوفيق لتكون خواتيم اعمالنا صالحة، توفي مالك بن دينار في البصرة عام 121 هجرية ودفن هناك بجنب قبر الحسن البصري تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******