البث المباشر

الشيخ عبد الكريم الزنجاني

الأحد 17 فبراير 2019 - 11:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 374

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن مفاخر الصادقين الذين هم في خط مدرسة اهل البيت هو العالم الجليل الورع والفيلسوف الالهي المتكلم آية الله العظمى المرحوم الشيخ عبد الكريم الزنجاني اعلى الله مقامه وقدس الله سره هذا العالم الفذ هو اساساً من مدينة زنجان في ايران دفعه قطار التوفيق الى ان يصبح رمزاً من رموز مدرسة النجف او الحوزة العلمية في النجف واستاذاً فذاً من اساتيذها العظام فهو تلميذ الامام السيد كاظم اليزدي وتلميذ الاخوند الخراساني اعلى الله مقامه صاحب المدرسة‌ الاصولية وتلميذ شيخ الشريعة اعلى الله مقامه واجازه بالاجتهاد المرحوم السيد كاظم اليزدي والسيد محمد الفيروز آبادي من كبار اساطين مدرسة النجف وهو والد السيد المرتضى الفيروز آبادي صاحب موسوعة فضائل الخمسة من الصحاح الستة وهذا العالم الجليل هو من الاوائل الذي غذى الحوزة‌ العلمية في النجف بالكثير من علومه من تلامذته مثلاً السيد ابوالقاسم الخوئي الذي درس عنده الفلسفة لفترة من الفترات حينما كانت درس الفلسفة في النجف ايام الميرزا علي القاضي اعلى الله مقامه وقبل ان تطوى صفحة تدريس الفلسفة‌ في النجف الاشرف، المرحوم الشيخ عبد الكريم الزنجاني هو لمن يريد المزيد من التفاصيل عن هذه الشخصية العملاقة هناك كتاب من مجلدين اسم الكتاب صفحة من رحلة الامام الزنجاني هو في الواقع من مواليد 1304 هـ يعني يصادف 1878م وبداية كان يحمل نبوغات واستعدادات خارقة فدرس العلم ومقدمات العلوم ثم سافر الى النجف الاشرف وعاش في النجف الاشرف قرابة ستين عاماً لم يسافر خلالها الا سفرة واحدة ولكنها سفرة مذهلة‌ وحساسة وثرية وسأتكلم عنها خلال هذه الدقائق المحدودة، هو تتلمذ على يد المرحوم السيد كاظم اليزدي والآخوند الخراساني وشيخ الشريعة واصبح تلميذاً بارزاً بين تلاميذ هؤلاء الاساطين ثم دخل عالم الفلسفة وكان اول كتاب له قد صدر واحدث دوياً وهو كتابه حول الفيلسوف الكندي واكسبه شهرة‌ عالمية رغم ان الكتاب نسخه كانت محدودة وانتشرت بشكل صعب الى القاهرة والى لبنان والى العواصم الاسلامية فكثرت عليه المراسلات ولكنه كان يعاني حالة شديدة وضائقة مالية صعبة كان يعيش عيشة متواضعة جدا من حيث السكن واللباس كما شاهدت ذلك بنفسي، هذا العالم الجليل سافر في اوائل تأسيس دولة الصهاينة‌ وكان لسفره سبب وهو ان علماء الامامية تحركوا قبل ان يتحرك غيرهم من علماء المذاهب الاخرى لنصرة القضية الفلسطينية وكانت اول لبنة في هذا المجال هو احداث وعي سياسي عند المسلمين لحظورة‌ ابعاد هذا المشروع وهو وعد بلفور كما يقال وان دولة ‌اسرائيل سوف تكون بارقة لفتنة طويلة يراد منها الهيمنة‌ على العالم الاسلامي وكما هو الآن يعني تطبقت كل نظريات ونظرات هؤلاء المراجع مثل كاشف الغطاء اعلى الله مقامه مثل جمال الدين الافغاني والمرحوم الزنجاني مثل شيخ محمد رضا المظفر هؤلاء الذين وعوا ووعوا وكانوا يعملون على تثقيف الجماهير ولكن السياسات الجائرة والحاقدة‌ التي كانت تتصرف بعقلية طائفية وبعصبية عنصرية ما فسحوا المجال وتعاونوا مع هؤلاء وسخروا لهم الوسائل لنشر افكارهم لتثقف العالم العربي لانهم من مدرسة‌ النجف ليس الا، سافر المرحوم الزنجاني الى دمشق ومنها الى القدس والقى‌ خطباً بليغة ومعروفة خطبته بالمسجد الاقصى وتسمى ‌بالخطبة النارية والهبت مشاعر المسلمين وكان لها صداها وسافر الى القاهرة‌ بعد ذلك ولما وصل الى القاهرة زار الجامع الازهر والتقى بعلمائها فلما التقى بهم استجدت عندهم حالة من الفهم الجديد للعقلية الشيعية‌ لفكرة علماء الامامية او لتقييم علماء‌ الامامية من جديد فعملوا له مهرجاناً تكريمياً في الجامع الازهر وكانت المفاجئة الكبرى حينما ارتقى المنصة، اعتلى المنصة وهو كانت تبدو على لهجته العجمة لانه من ايران ولكن لما ارتقى اعواد المنصة ‌وخطب وكان الاجتماع يزخز بعلماء مصر وكتابها وبشعراءها وبسياسييها فكانت الابصار كلها شاخصة والقلوب كلها متوجه اليه وسيطر على مسامعهم واستحوذ على مشاعرهم بلا ورقة‌ وبلا قصاصات بأرتجال تلكم وبأنسياب ويستشهد بالآيات من الذكر الحكيم واشبع خطبته بآراء فلسفية ضخمة بحيث ما ان قال السلام عليكم الا ونهض من وسط الجمع طه حسين الكاتب المصري وكان كفيف البصر يقوده زميله وهو يقول من يأخذ بيدي الى هذا الحبر الاعظم ثم اقترب اليه وامسك بيد العالم هذا الزنجاني وقبلها مراراً ثم صاح بصوت عال ان هذه اول يد اقبلها في التاريخ وآخر يد في الواقع كان لهذا صدى لكن قلت ان العقدة المستعصية هو ان هؤلاء ينتمون الى مدرسة الامام امير المؤمنين(ع) ولولا هذه العقدة كانت عواصم الدول الاسلامية اقامت لهم التماثيل وتفتخر بعقلياتهم واقلامهم ولكن على اي حال ما صنع للتعصب والتعنصر وللتحجر عموماً فعاد الامام الزنجاني الى النجف واكب على تدريس العلوم الاسلامية وبالخصوص الفلسفة، اذكر ملاحظة بأختصار وبأجمال كنت في الحرم الشريف اقرأ زيارة امين الله فاحتفى بي اساتذة بعد ذلك تعرفت عليهم انهم اساتذة من جامعة بغداد وقالوا نريدك ان تكون معنا وتدلنا على بيت الامام الزنجاني فذهبت وجلس هؤلاء في تلك الايام ما كانت مسجلات اخرج هؤلاء قراطيسهم واقلامهم وهذا الرجل رأيت بيته الوضيع وفراشه واثاثه البسيط فكان مستنداً الى الزاوية وهم يسألوه الاسئلة الفلسفية وهو ينساب بأحاديثه وهؤلاء يكتبون فمرت عليهم اربع ساعات وهم لم يشعروا الا وبأنها دقائق بين يدي هذا البحر الزخار من العلم والفقه والفلسفة ثم خرجوا في الازقة نتمشى وهم في دهشة وانبهار وكل يقول ويخاطب الآخر الله اكبر ما تضم هذه الازقة وهذه البيوت الخاوية بين جدرانها من علماء وعباقرة لا يعرف المسلمون قيمتها، عاش هذا الرجل وكتب كتباً جليلة وبحوثاً راقية فلديه موسوعة بأسم الفقة الارقى في شرح العروة الوثقى وله كتابه حول الفيلسوف الكندي وله مؤلفات اخرى لا استحضر اسمها وبالتالي توفي رحمة الله عليه عام 1386 هـ في النجف الاشرف المصادف 1965م ودفن في الصحن الشريف في صحن الامام امير المؤمنين وبيع اثاثه وكنت حاضراً فكان مجموع اثاثه الذي بيع عشرة‌ دنانير آنذاك وبوفاته انغلقت مدرسة ضخمة من المدارس الاسلامية والاصول والفقه في النجف الاشرف أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة