الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وفي سياق الحديث عن الصادقين وخصوصاً وقد مضى على تقديمنا هذا البرنامج اكثر من عامين وقد تحدثنا فيه عن كثير من الشخصيات سواء من اهل البيت او من اتباعهم او من اصحابهم ومن اشياعهم، كان يتوجب ويفترض بأن نتحدث اول ما نتحدث عن العلوية السيدة فاطمة المعصومة(ع) خصوصاً ونحن نعيش في ظلال فيوضاتها بمدينة قم المقدسة، السيدة فاطمة المعصومة(ع)هي شقيقة الامام علي بن موسى الرضا(ع) وكانت من اصحاب الحديث، تروي ما سمعته من ابيها ومن اخيها ويقول صاحب تاريخ قم بأنها بعد خروج الامام الرضا(ع) الى مدينة مرو، لما احضره المأمون خرجت في طلب اخيها سنة 201 من الهجرة فوصلت مدينة ساوة او بابلان آنذاك وهذه المنطقة كلها ما فيها من ينطق غير العربية.
فوصلت هذه المنطقة مرضت مرضاً شديداً وكانت تسأل كم بيننا وبين مدينة قم، قيل لها عشرة فراسخ فأمرت خادمها ان يذهب بها الى قم لان منطقة قم سبق انها كانت موضع حديث اهل البيت(ع) مثلاً الامام الهادي(ع) يقول عن قم انها قطعة من بيت المقدس وربما يهدف الامام بهذا المعنى انه هي وبيت المقدس يتحدان في عالم المعاني فكما ان بيت المقدس مركز الشعاع، كذلك مدينة قم، اما الامام الصادق(ع) قال: «اذا عمت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها فأن البلاء مدفوعاً عنها» اما الامام الباقر(ع)يصف مدينة قم بأنها عش آل محمد ومأوى شيعتهم، يقول الامام الصادق(ع): «اذا اصابتكم بلية وعناء فعليكم بقم بأنها مأوى الفاطميين، وما اراد بقم احداً سوءً الا اذله الله وابعده من رحمته» طبعاً الامام الصادق اشار في اكثر من مناسبة وخلال اجوبة هادفة الى اهمية هذه البلدة، مثلاً دخل عليه كما ورد في البحار جماعة من اهل الري واذا بالامام يرحب بهم ويقول مرحباً بأخواننا اهل قم، هؤلاء استغربوا، هم ليسوا من اهل قم فقالوا يا ابا عبد الله نحن من اهل الري، اعاد الامام الجملة نفسها قال مرحباً بأخواننا اهل قم، فلما كرروا ثانياً قال لهم الامام ان لله حرماً وهو مكة وان للرسول حرماً وهي المدينة المنورة وان لامير المؤمنين حرماً وهو الكوفة وان لنا حرماً وهو بلدة قم وستدفن فيها امرأة من اولادي تسمى فاطمة فمن زارها وجبت له الجنة وطبعاً هذا الكلام يعتبر من دلائل امامت الصادق لانه نطق به قبل ان يحدث المقصود، قبل ان يولد الامام موسى(ع) وهو ابو فاطمة المعصومة، وفي لفتة اخرى، يصف الامام الصادق هذه البقعة بأنها تربة مقدسة واهلها منا ولعله المعينين بهذا هم آنذاك الاشعريون في الواقع هؤلاء من فصائل الامامية وكانوا آنذاك يقطنون هذه المنطقة وكانت قم احدى المناطق الممولة لاهل البيت في تلك الظروف الصعبة نلاحظ ان الامام الرضا(ع) حين مروره متجهاً الى مدينة مرو مر بمدينة قم واستقبله اهلها استقبالاً حافلاً وتخاصم وجوه البلد على ان يكون ضيفاً عندهم واتخذ نفس الحل الذي اتخذه النبي(ص) مع اهل المدينة حينما ذهب اليهم اول مرة فترك زمام الناقة وقال اتركوها فهي مأمورة على باب من وقفت انا عنده كذلك الامام الرضا(ع) في مدينة قم ترك زمام الناقة حتى وقفت على باب احد رجالاتهم ونلاحظ كلمة المأمون لريان بن الصلت «لقد هممت ان اجعل اهل قم شعاري ودثاري» نفهم من هذا اهميتهم وشدة تصلبهم في مودة اهل البيت(ع)، يذكر المؤرخون موقفهم من دعبل الخزاعي حينما عاد من الامام الرضا بعد ما القى قصيدته فخلعه الامام جبة ومالاً وكان المال من تلك الدراهم التي طبع فيها اسم الامام الرضا.
ودعا دعبل وفي الصحراء شاهده جماعة راكب وساروا جميعاً وكان يقرأ لهم قصيدته حتى وصل قم فأحتفلوا به اهل البلدة احتفالاً بهيجاً، اقاموا تجمعاً مهيباً في مسجد البلدة الكبير والقى عليهم قصيدته وهو يعتلي المنبر، بكوا بكاءاً شديداً وروى لهم قصة هدية الامام الرضا والجبة التي اهداها له فكانوا يتقطعون شوقاً للقاء الامام الرضا(ع) ثم ساوموه على شراءها فرفض.
اشتهرت هذه المنطقة تاريخياً بأنها من قلاع الامامية وكان من ينسب اليها يسميه اعداء اهل البيت بالرافضي، اذن ففاطمة المعصومة امرت بأن تنقل الى قم، في بعض الروايات ورد ان للامام الكاظم اربع بنات يسمين بفاطمة الكبرى، الصغرى، الوسطى والمعصومة، واحدة بباكو الثانية برشت والثالثة بأصفهان والرابعة وهي المعصومة بقم واحتفل بورود فاطمة المعصومة اهل قم واحتفى بها موسى بن سعد الخزرجي من وجهاء الاشعريين وانزلها داره فبقيت ستة عشر يوماً وتوفيت فغسلوها وكفنوها وشيعوها بأكمل وجه وقيل ان وفاتها في عشرة ربيع الثاني عام 201 من الهجرة، قالت السير ان الخزرجيين تحيروا فيمن ينزل في القبر ويجري مراسم الدفن فلا يوجد من محارمها احد وآخر المطاف اتفقوا على ان ينزل احد كبارهم في السن ولما انزلوها لاحظوا راكبين متلثمين اقبلا من البيداء فسلما ونزلا الى القبر واجريا مراسيم الدفن ثم خرجا وعادا الى البيداء، هذا الصحن والحرم الآن هو من اراضي موسى الخزرجي وبنى على قبرها سقفاً من البواري الى ان جاءت لزيارة قبرها ابنة زينب بنت الامام الجواد فبنت عليها بناءاً هو اول ما بني عليها، بنت بناء وقبة شاهقة وامرت بدفنها الى جنب فاطمة المعصومة، وهناك بعض العلويات الاخرى من بنات اهل البيت دفن بهذا المرقد. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المجاورين الاوفياء لهذه العلوية الشريفة السيدة فاطمة المعصومة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******