البث المباشر

الشاعر والعالم زيد المجنون

الأحد 10 فبراير 2019 - 14:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 181

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مشاهير الصادقين وفي خط الصادقين في ولاءهم لاهل البيت(ع) المرحوم المناصر لاهل البيت واحد زوار الحسين(ع) في اشد الازمات هو شاعر اهل البيت زيد المجنون ولم يذكر المؤرخون سنة ولادته ولاوفاته لكنه معاصر للعباسيين وبالخصوص ايام المتوكل العباسي وقد تطاول المتوكل في تدمير اي اثر يتعلق بآل الرسول وهذا واضح وفي طليعة ذلك هدمه لقبور ومشاهد اهل البيت في العراق وخصوصاً‌ قبر الحسين(ع) وحرث القبر واجراء الماء عليه حتى كادت تضيع كل آثار القبر وآثار المنطقة، سياسة العباسيين استمرت على هذا المنوال عشرين عاماً تطارد زوار الحسين وتصب عليهم صنوف العذاب وصنوف الآلام لكن اشتدت الازمة ايام المتوكل فكان المتوكل يتوعد الناس والزائرين بقتلهم ان اقدموا على التوجه والزيارة لقبر الحسين(ع) في هذا السياق وضع الرصد وعب المنطقة بالعيون وامرهم بقتل كل من يصل الى كربلاء فبلغ الخبر هذا العالم الجليل والشهيد المتصلب وهو زيد المجنون (سمي بالمجنون لانه افحم كل اديب وكل متكلم وكان الغالب منهم حينما يتعب من فخاصمته العلمية وكان يتعبه زيد يقول له جننتني اوانك مجنون فأشتهر بهذه الشهرة) كان زيد المجنون بمصر وسمع بما فعله المتوكل وارتكبه من خراب ودمار لقبر الحسين(ع) فغلب عليه الحزن والجزع وتوجه الى العراق لزيارة الحسين على رغم كل ما يحتمل فوصل من مصر الى الكوفة والتقى البهلول، الشخصية الساحرة المعروفة الساخرة، كان البهلول آنذاك في الكوفة فسلم عليه زيد المجنون بأسمه وهنا تعجب البهلول كيف سماه زيد بهذا الاسم وهو لم يلتقي به من قبل فقال له زيد ان قلوب المؤمنين جنود مجندة ما تعارف منها أئتلف وما تناكر منها اختلف وطبعاً هذا الحديث للامام الصادق(ع) فقال له البهلول كيف خرجت من بلادك يا زيد بغير دابة ولامركب فقال له والله ما خرجت الا من شدة حزني ووجدي على‌ ما فعله المتوكل بقبر الحسين وقد تنغص عيشي وقلة ‌راحتي فقال له البهلول وانا كذلك فأمضي بنا الى ان التقيا الرجلين على هذه النية ‌وعلى هذا الخط وهما شبت بهما الغيرة على ‌الحسين وآل الحسين وحمى‌ الاسلام بأعتبار ان تضييع آثار اهل البيت هو تضييع لآثار الاسلام ولم يبقى من الاسلام الى القشور اذا ابعد عن اهل البيت هنا اتفق الرجلان وخرجا لزيارة قبور اولاد علي المرتضى(ع) فأخذ كل بيد صاحبه حتى ‌وصلا كربلاء فوجدا قبر الحسين لم يضيع رغم كل ما فعله المتوكل فقال زيد للبهلول انظر كيف هدم الله بنيانهم وقرأ هذه الآية: «يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون» وتقدم زيد نحو قبر الحسين ووجد الآثار، آثار الخراب فأنشأ يقول: 

تا الله ان كانت امية قد اتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد اتاه بنو ابيه بمثله

هذا لعمري قبره مهدوما

اسفوا على ان لايكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

يعني هذا قتل من نوع آخر انهم يدعون بأنهم ابناء عم لاهل البيت ثم سار زيد بعد تلك الزيارة المأساوية التي زار بها الحسين(ع) سار ورافقه شخص اسمه الحارث، الحارث هو احد الذين استبصروا بسبب زيد المجنون وانه كان من عمال المتوكل لكن تأثر بكلام زيد وموقفه فأستبصر بسببه، رافقه فلما وصلا الى سر من رأى (سامراء) علم المتوكل بهما فأمر بقتل الحارث بأعتباره متمرد وقتل الحارث وامر المتوكل بجلد زيد المجنون فجلدوه حتى ظن الجلادون انه مات فرموه في مزبلة فكانت هناك بعد ذلك امرأة تتردد عليه وتمرضه حتى برء ‌مما اصابه بسبب ذلك الاعتداء الغاشم وكان بعد ذلك زيد المجنون يعيش بأنزواء بعيد عن الساحة ‌وفي الظل حتى رأى ذات يوم حالة غير عادية، سمع صراخاً والناس في اضطراب ومواكب عزاء ورايات وهرج و مرج فتصور زيد بأن المتوكل مات فسأل زيد رجلاً‌ ما الخبر قال له ان جارية كانت راقصة عند المتوكل ماتت وهذه مظاهر الحداد والعزاء حزناً‌ على ‌موتها، عجيب ثم شاهد زيد مبنى ‌كبيراً شاهقاً ‌قال هذا المبنى لمن قيل له ان المتوكل بناه لتدفن فيه هذه الراقصة، قبر الحسين يخرب وهذا المبنى يشاد لتدفن فيه راقصة فشبت احزان زيد من جديد وشبت به نار الغيرة فكان يصرخ بأعلى صوته اسفاه عليك ابا عبد الله تدفن بلا غسل ولا كفن ويخرب قبرك وقبر ابيك علي وقبر امك فاطمة هذه القبور تخرب وهذا العزاء وهذه المواكب والحداد وهذا البناء‌ لراقصة فقد شعون وأخذ يلطم على ‌رأسه حتى اغمي عليه فلما افاق كان يردد هذين البيتين:

ايحرث في الطف قبر الحسين

ويعمر قبر بني الزانية

لعل الزمان بهم ان يعود

ويأتي بدولتهم ثانية

في النهاية والنهاية للحق واهل الحق «ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة» النهاية بالتالي للحق والباطل يفنى، كان يصرخ:

الا لعن الله اهل الفساد

ومن يأمن الدانية الفانية

قالت السير ان زيداً كتب هذه الابيات وعلقها على باب قصر المتوكل فهاج غضب المتوكل وامر بألقاء القبض عليه ولما احضر امامه سأله بغضب واستهجان يازيد من هو ابو تراب قال والله انك عارف به وبفضله وبشرفه وحسبه ونسبه فوالله لا يجحد فضل علي الا كافر مرتاب ولايبغضه الا كل منافق كذاب واخذ زيد يعدد فضائل الامام علي(ع) حتى هاج المتوكل وتوتر فأمر بحبسه بزنزانة مظلمة فبقي فيها سبعة اشهر حتى‌ افرج عنه بتوسط البعض وقيل افرج عنه بسبب رؤية رآها في المنام وبالتالي هلك المتوكل بعد ذلك بأيام وسيعلم الذين ظلموا آل محمد اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة