بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
مستمعينا الأفاضل، سلام من الله عليكم ورحمة منه تعالى وبركات.. تحية لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى هذه الحلقة من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنشرع فيها على بركة الله تفسير آيات سورة الزخرف المباركة..
إخوتنا الأكارم.. تحتوي هذه السورة على تسع وثمانين آية وآياتها مكية عدا الآية 45، كما أن إسم هذه السورة مأخوذ من الآية 35 والتي وردت فيها كلمة (زخرف) وهي بمعنى الذهب والفضة التي تستخدم للزينة.
تتحدث آيات هذه السورة عن القرآن والنبوة، وردة فعل منكري النبوة، وأدلة التوحيد ومواجهة الشرك وبيان شيء من تاريخ الأنبياء يوم القيامة.
فلنبتدئ أيها الأكارم بالإستماع الى تلاوة آياتها الأربعة الأولى..
بسم الله الرحمن الرحيم
حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{3} وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ{4}
أيها الأفاضل.. مما تشير لنا هذه الآيات المباركات هو أن خصائص القرآن الكريم بما هو كتاب سماوي تتمثل بالتالي:
(مبين) (في أم الكتاب) (لدنيا) (علي) (حكيم).
كما أن كلمة (قرآن) هي من قرأ وتعني بالعربية (الكتاب المقروء) وكلمة (عربي) من (العرب) بمعنى الواضح البيّن، والمراد من لسان عربي أي لسان واضح بيّن لا إبهام فيه.
أما ما تعلمه إيانا هذه الآيات هو أولاً: بين الحروف المقطعة ونزول القرآن علاقة، فهذا الكتاب مؤلف من هذه الحروف العربية المعروفة.
ثانياً: القرآن الكريم مقدس ويصح الحلف به كما ورد (والكتاب)
ثالثاً: بصفته (حكيم) مرور الأيام وتطور العلوم البشرية لا ينقص من إحكام القرآن شيئاً.
أما الآن، أيها الأحبة، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الخامسة حتى الثامنة من سورة الزخرف المباركة:
أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ{5} وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ{6} وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون{7} فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ{8}
مستمعينا الأفاضل، الصفح في الآية الخامسة، بمعنى الإعراض بالوجه، والبطش هو بمعنى الأخذ بقوة وشدة.
ويطلق الإسراف في الإستخدام القرآني على كل فعل يؤدي إلى إهدار النعمة الإلهية، لذا أطلق على هؤلاء الذين لم يبالوا بهذا الكتاب السماوي تسمية المسرفين.
ومما تعلمنا هذه الآيات هي أولاً: وجود بعض المعوقات لا ينبغي أن يكون مانعاً من بث ما هو خير.
ثانياً: القرآن وسيلة للتنبيه من الغفلة، لإطلاقه كلمة (الذكر)
ثالثاً: بعثة الأنبياء سنة من السنن الإلهية.
ورابعاً: التاريخ وحوادث التاريخ تجري بشكل قانوني ولها سننها وقواعدها الخاصة بها لقوله عزمن قائل (ومضى مثل الأولين).
والآن إخوتنا الأفاضل نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين التاسعة والعاشرة من سورة الزخرف المباركة:
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ{9} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{10}
أيها الأكارم، مما تشير لنا هاتان الآيتان الكريمتان هو أن المشركين يقرون بأن الله عزوجل هو خالقهم، ولكنهم يعبدون الأصنام من دونه. كما تشير الى أن قطع الأرض لو انفصلت عن قمم الجبال وأعماق المحيطات فإن الحياة الإنسانية تتعطل، ولذا كانت إحدى النعم الإلهية تمكين الإنسان من جعل طرق وسبل للتواصل في هذه الأرض.
ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الشريفتان هو أولاً: مواجهة الكفار للدعوة الى الدين بالإستهزاء لا يمنع من دعوتهم الى الحق.
ثانياً: استجلاء فطرة معرفة الله تتم من خلال التذكير بنعم الله عزوجل.
ثالثاً: الهدف من الخلق منفعة الإنسان.
ورابعاً: السياحة في الأرض والتأمل في ما قدره الله تعالى في هذه الأرض وسيلة من وسائل الهداية.
إخوة الإيمان، بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.