الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مشاهير الصادقين والذين تركوا لهم احسن الاثر هو ابراهيم بن العباس الصولي، هذا الرجل هو احد شعراء اهل البيت اللامعين وهو يأتي اسمه في طليعة المجاهدين في سبيل الله وفي سبيل اهل البيت.
طبعاً ابراهيم الصولي ولادته عام 167 هـ وكان كاتباً وخطيباً بليغاً وقيل فيه انه لو جاد بشعره لما ترك لشاعر خبزاً يعني هذا مثلاً يراد به جودة شعره وحسن ادبه وقد عده ابن شهر آشوب بأنه من معالم شيعة اهل البيت ومن علماءها ومادحيهم، يقصد اهل البيت ومادحي اهل البيت(ع)، ابراهيم الصولي احد الشعراء الذين وفدوا على الامام الرضا(ع) لتهنئته يوم اعيدت اليه فدك، وهي بستان الزهراء(ع) التي وهبها رسول الله لابنته فاطمة استجابة لنداء القرآن: «وآت ذا القربى حقه» خضعت الى تنقلات اخذت من اهل البيت وبعد ذلك اعادها الخليفة الثاني الى الحسن والحسين ثم اخذها عثمان، طبعاً هذا الحديث له وقته فأعيدت في المرة الرابعة من قبل المأمون اعيدت للامام الرضا(ع) ومن قبله كان الرشيد والمنصور قد اغتصباها وفدك تمثل رمزاً وهي محور من محاور او زاوية من الزوايا التي تخص الصراع بين اهل البيت وبين خصومهم لا لقيمتها المادية وانما لقيمتها السياسية واعتبارات اخرى فيوم اعيدت فدك الى الامام الرضا كانت هذه نقطة ايجابية ونقطة مضيئة وشكلت ابتهاج لكل موال لاهل البيت فدخل المعنونون من الشعراء والعلماء ومن الادباء على الامام الرضا(ع) تقديم التهاني له، في طليعة الشعراء الذين دخلوا لتهنئة الامام الرضا(ع) هو ابراهيم بن العباس الصولي والقى قصيدة من اروع القصائد ضمنها هذا الصراع المؤلم المرير بين اهل البيت وبين خصومهم اعم من ان يكونوا امويين ام عباسيين وطبعاً هذه القصيدة كان لها موقعها لذلك اتلفت نتيجة الضغوط ونتيجة الغارات وذلك المسلسل الخطير الذي قاده الامويون والعباسيون لتحطيم تراث اهل البيت، القصيدة هذه اختفت ضمن ديوان يأتي الحديث عنه، ديوان كامل لابراهيم الصولي هذا الشاعر، ولم يحتفظ المؤرخون بهذه القصيدة الا مطلعها وهو:
ازال عزاء القلب بعد التجلد
مصارع ابناء النبي محمد
هذه مطلعها وقال الرواة بأن الامام الرضا تفاعل بمضامين القصيدة وكافأ ابراهيم الصولي بعشرة آلاف درهم، طبعاً هذه ليست مكافأة في الواقع، المؤرخون يروون هذا التعبير لكن هي ليست مكافأة انما هو نوع من التكريم والا الكلمة الصادقة في حق اهل البيت آنذاك وفي ذلك الجو المستعر والملغوم تكافأ بملايين ايضاً قليل، هذا نوع من التكريم او التشويق وطبعاً العشرة آلاف درهم كانت من الدراهم التي ضربت بأسم الامام علي بن موسى الرضا على غرار دعبل الخزاعي(رض) وطبعاً قلت له الكثير من القصائد ومن المقطوعات وقد ذكر الصدوق رحمه الله في كتابه عيون اخبار الرضا بيتين لهذا البطل الشاعر ابراهيم الصولي مستدلاً بهذين البيتين على ان اشهر اسماء ام الامام الرضا(ع) هي تكتم والبيتان هما:
الا ان خير الناس اماً ووالداً
وجداً وآباءاً علي المعظم
اتتنابه للحلم والعلم ثامناً
اماماً يؤدي حجة الله تكتم
وللمترجم ابراهيم الصولي له ديوان من الشعر قيل اخفاه هو تقية من سطوة العباسيين وانتقامهم وقيل لا، عثر عليه ضمن تراثه واثاثه ودمر او فقد ومن نوادر شعره مثلاً في الحكمة:
خلي النفاق لاهله
وعليك فألتمس الطريقا
وارغب بنفسك ان ترى
الا عدواً او صديقا
وقرأت لهذا الشاعر بيتين جميلين في الحكمة والموعظة وهو قوله:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
الا التي كان قبل الموت يبنيها
فأن بناها بخير فاز ساكنها
وان بناها بشر خاب فانيها
ومن جملة ما كتب عنه ان احد خصومه حاول ان يضغط عليه بطريق القرصنة، يعني قرصنة مالية ضغط عليه ويغتصب مالاً، بهذه الطريقة اما ان يعطيه او يخبر المتوكل العباسي بقصيدته وبمقاطع من شعره لاهل البيت فاضطر هذا الرجل الى دفع ذلك المبلغ مقابل اتقاء سعاية ذلك ووشاية ذلك، انه كان يعاني ظروفاً صعبة ووضعاً خطيراً وطبعاً له مؤلفات كما جاء في معجم الادباء عن فهرست ابن النديم، من مؤلفاته قالوا بأن له ديوان، ديوان رسائله يبدو انه كان لديه مكاتبات وضمنها او جمعها في ملف وسمي ذلك الملف او الكتاب بديوان رسائل ابراهيم الصولي وقلت ايضاً له ديوان شعر كبير ايضاً هذا اختفى ولم يروي المؤرخون له الا بعض القصائد المتناثرة في حين اشار بعضهم الى انه نظم اكثر من مئتي قصيدة في مناسبات مختلفة وايضاً له كتب اخرى غير ديوان رسائله وديوان شعره تربو على الخمسة وربما كان غير وتلف نتيجة سطوة اعداءه، اخيراً بقي هذا الشاعر ملاحقاً وكان يحتاط بشدة ويتقي سطوة الخصوم وسجل بعض المؤرخين له ابياتاً ربما يمدح بها فلاناً او فلاناً من العباسيين واعتقد ان هذا كان تطبيق لتعليمات الائمة وتعليمات اهل البيت او تعليمات القرآن من باب «الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان» لان احياناً كان يتوقف الامر على حياة وممات وربما تكون موتة في غير موقعها لذلك اعتمد بعض الشعراء، بعض الكتاب بعض المجاهدين من اهل البيت اعتمد هذه التعليمات من اهل البيت في تمرير وانجاح مهامهم والابقاء على حياتهم من اجل ان يستطيعوا انجاز ما يريدون انجازه في خدمة الاسلام وخدمة اهل البيت وشاعرنا الذي اتحدث عنه ابراهيم الصولي صاحب ذلك التاريخ والباع الطويل اختفى في العشرة الاخيرة من عمره يعني العقد الاخير من عمره اختفى وقالوا عنه انه عاش في الادغال الى ان توفي في سامراء منتصف شعبان عام 243 هـ ودفن في سامراء ولم يشر المؤرخون بالتعيين والدقة الى موقع قبره بأعتبار ان هناك كانت مقبرة كبيرة معروفة بالجوسق ومقبرة اخرى ايضاً كانت معروفة بمقبرة الكبيرة وخصوم اهل البيت كانوا يعملون على تضييع قبور محبي اهل البيت من اجل ان لا تبقى هذه كرمز يحكي وقائع تاريخية مروعة ومذهلة عن ذلك الصراع بين اهل البيت وخصومهم.
اخيراً أسأل الله ان يوفقنا للاقتداء بسير هؤلاء الصادقين العظماء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******