الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء و المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
روي عن البسع بن حمزة القمي قال: اخبرني عمربن مسعدة وزير المعتصم الخليفة العباسي انه جاء عليّ بالمكروه الفضيع اي انه وردت عليّ مشكلة وانه سيعاقب ويؤخذ حتى تخوفته على اراقة طمي وفقر اولادي فكتبت الى سيدي ابي الحسن العسكري(ع)اشكوا اليه ماحلّ بي، فكتب الامام(ع) اليّ قائلاً: لا خوف عليك ولا بأس، ثم كتب كلمات قال: ادعوا الله بهذه الكلمات يخلصك الله وشيكاً مما وقعت فيه ويجعل لك فرجاً فان آل محمد(ص) يدعون بها عند اشراف البلاء وظهور الاعباء وعند تخوف الفقر وضيق الصدر.
يقول البسع بن حمزة فدعوت الله تعالى بالكلمات التي كتبت اليّ في صدر النهار فوالله ما مضى شطره حتى جاءني رسول عمر بن مسعدة وزير المعتصم العباسي وقال لي: اجب الوزير فنهضت ودخلت عليه فلما بصر بي تبسم اليّ وامر بالحديد ففك عني والاغلال فحلت مني ثم امرلي بخلعة من فاخر ثيابه واتحفني بعطر وطيب ثم ادناني وقربني وجعل بحدثني ويعتذر اليّ وردّ عليّ جميع ما كان استخرجه مني واحسن رفدي وضيافتي وردني الى الناحية التي كنت اتقلدها واضاف اليها المنطقة التي تليها.
هذه القصة التاريخية تتضمن مجموعة من النقاط التي تهمنا في هذا العصر، اولاً تتضمن وضع وبيان وضع من كانوا يتبعون اهل البيت اولاً تتضمن هذه الرواية التاريخية بياناً لمن كان يتبع اهل البيت(ع) وكيف انهم كانوا يتعرضون بين الحين والآخر لاسباب تافهة للمضايقة والاذى احياناً بسبب اشخاص كانوا يشون الى الخلفاء بهم ويرفعون تقارير فاسدة وتقارير كاذبة ضدهم.
اما النقطة الثانية فتشير الى ان اتباع اهل البيت(ع) كانوا يرجعون الى اهل البيت في جميع مشاكلهم ويطلبون منهم المعونة والمساعدة الفكرية وغيرها من انواع المساعدة ثم تبين لنا كيف ان اهل البيت(ع) كانوا يهبون الى مساعدة اتباعهم ويسكنون روعهم ويهدئون خواطرهم ويزرعون في نفسهم الامل والطمأنينة.
والنقطة الاخرى التي نستفيدها من هذه القصة التاريخية هي اعتماد اهل البيت(ع) وسيلة الدعاء للخلاص من المشاكل التي كانت تحيط بهم فهم كانوا يعتقدون بان الله سبحانه وتعالى مسبب الاسباب وبيده كل شئ وانهم بالتوجه اليه وبالضراعة اليه سيحضون بمساعدته وسيحضون بالنجاة وهذا ان دلّ على شئ بيده الايجاد والاعدام وبيده الخلاص والنجاة والموت والحياة ولهذا فان الانسان يجب ان يتضرع الى الله سبحانه وتعالى في المشاكل والمحن والمصائب ويسأله النجاة والخلاص والعون والمساعدة، كما انه من جانب آخر يدل على ان اهل البيت(ع) كانوا يعتمدون وسيلة الدعاء عند المحن والمصائب ولا شك ان اتباعهم الذين يتبعون ويقتدون بهم ويتخذونهم اسوة ينبغي لهم ايضاً ان يسيروا بنفس الطريق وينهجوا نفس النهج فيتبعون اهل البيت(ع)حتى في هذا الاسلوب من العمل وهو التضرع والدعاء الى الله سبحانه وتعالى والتوسل باسماءه وصفاته الحسنى وطلب النجاة والخلاص منه على ان وسيلة الدعاء ليست هي كما نعلم الوسيلة الوحيدة التي توجب النجاة وتجلب الخلاص الى الانسان فالدعاء سبب من الاسباب وقد اكد الله سبحانه وتعالى على هذا السبب في آيات كثيرة حيث قال في بعضها او في احداها "قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم" فان دعاء الانسان وان تضرعه وتوجهه الى الله سبحانه وتعالى وارتباطه بالله سبحانه وتعالى يمكن ان يكون احد الاسباب الناجعة والنافعة لنجاته وخلاصه كما قال سبحانه وتعالى "ادعوني استجب لكم" ولكن الى جانب ذلك على المؤمن والمسلم ان يتوسل بالوسائل العملية الاخرى للنجاة والخلاص من المحن والمصائب والمشاكل فهناك العمل الاقتصادي حتى ان احداً لما افتقر وكان يدعو كثيراً فقال له الامام(ع) لما شكى الى الامام وقال له بانه لا يستجاب له وهو مع ذلك يدعو طويلاً لان يرتفع ماهو عليه من المحنة والمشكلة فقال له الامام: الا ترى الى النملة تسعى لرزقها وهل انت اضعف منها عليك ان تعمل وعليك ان تجهد وتجتهد وعليك ان تسعى وتدعو الى جانب ذلك، وهل انت اضعف من النمل؟
اضافة الى ذلك ان العمل والسعي والكدح هو من عمل الانبياء والاولياء وبهذا اعطاها الامام وسائر الائمة(ع) درساً في العمل ودرساً في رفع المشاكل بصورة ايجابية وبصورة عملية اذن فلابد للمسلم ولابد للمؤمن اذا وقع في مشكلة وفي محنة ان يتوسل بالوسائل المختلفة التي منها العمل والسعي الايجابي الى جانب التوسل والضراعة والدعاء الخالص.
وفقنا الله تبارك وتعالى الى انتهاج نهج اهل البيت والعمل وفق سيرتهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******