الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
الامام جعفر الصادق(ع) هو سادس ائمة اهل البيت(ع) الذين جاء ذكر عددهم في صحيح مسلم. اذ قال رسول الله(ص) لا يزال الدين قائماً ولا يزال الاسلام ماضياً ما وليهم اثني عشر خليفة اوامير، كلهم من قريش. 
كما عن جابر بن سمرة في ينابيع المودة في القندوزي الحنفي البلخي كلهم من بني هشم. وقد عرف الامام جعفر الصادق(ع)بعلمه الواسع ووفقهه وما خلفه من المواعظ ومن المعارف في شتى الحقول. كما انه(ع) عرف بانه استاذ مجموعة من فقهاء المسلمين حتى بعض الفقهاء الذين اسسوا مذهباً اسلامياً كبيراً لا يزال قائماً ومستمراً الا ان هناك بعداً اخر من ابعاد هذه الشخصية العظيمة مجهولاً لدى الكثيرين، وينبغي ان نسلط عليه الضوء وينبغي ان نتأمل فيه، الا وهو البعد الاخلاقي فان الامام جعفر الصادق(ع) في عصره محبوباً ومقبولاً ومرضياً وذا مكانة عند الجميع حتى عند من كان يخالفه الرأى والعقيدة وفي المسلك لاجل اخلاقه، فقد كان(ع) محبوباً لاجل خلقه العظيم حتى ان الكثيرين يصفوه بهذا الجانب قبل ان يصفوه بالعلم وقبل ان يصفوه بالمعرفة وما اثر به من الاحاديث في شتى حقول المعرفة. 
الشئ الذي لفت نظرهم هو اخلاق الامام الصادق(ع) ولهذا ينبغي ان نسلط شيئاً من الضوء على هذا البعد وهذا الجانب الشريف، اعني البعد الاخلاقي عسى ان يوفقنا الله سبحانه وتعالى لان نترسم هذه الاخلاق ونتحلى بها في حياتنا، كان(ع) شديد الحساسية تجاه الحرام وتجاه المعاصي فجاء في الحديث عن هارون بن الجهم قال: كنا مع ابي عبد الله الصادق(ع) بالحيرة حين قدم على ابي جعفر المنصور الخليفة العباسي فختن بعض القواد ابناً له وصنع طعاماً ودعا الناس وكان ابو عبد الله الصادق(ع) في من دعي الى تلك المائدة التي اقيمت بمناسبة ختان احد قادة الجيش في حكومة ابي جعفر المنصور، يقول هذا الراوي: بينما هو اي الامام الصادق(ع) على المائدة يأكل ومعه جماعة على المائدة اذا استسقى من تلك الجماعة رجل ماءاً، طلب ماءاً فأتى بقدح فيه شراب فيه خمر فلما ان صار القدح في يد الرجل قام ابي عبد الله من المائدة، قال الصادق فسأل عن سبب قيامه فقال، قال رسول الله(ص): "ملعون ملعون من جلس على المائدة يشرب فيها الخمر". وفي رواية "ملعون ملعون من جلس طائعاً يعني من غير اجبار على مائدة يشرب عليها الخمر". 
هكذا نجد الامام جعفر الصادق يظهر حساسية شديدة تجاه الخمر حتى لو لم يقدم اليه، بل حتى لو قدم الى من كان على مائدة هو يجلس عليها وبذلك يعطينا درساً ويعطينا في الحقيقة منهجاً في كيفية مكافحة المعاصي والذنوب اذا تسامح الناس تجاهها تجاه المعصية فان صاحب المعصية يتحرأ ويقدم الى الامام وتستشري تلك المعصية وتنتشر في عامة الناس اما اذا اكفهر الناس وقطبوا وجوههم تجاه صاحب المعصية فانه سيرتدع، واذا اظهروا حساسية تجاه الذنب فان صاحب الذنب سيخجل ويترك الذنب ويموت الذنب في مهده. 
هكذا كانت سيرة الامام الصادق(ع) تجاه المعصية ولنرى خلقاً اخر من اخلاقه(ع)، يقول احدهم: رأيت عند ابي عبد الله الصادق ضيفاً فقام ذلك الضيف لقضاء بعض حوائجه مثلاً قام بأتاه اناء او شئ فنهاه الامام الصادق(ع) عن ذلك وقام هو نعمة القدرة على المضغ نعمة القدرة على الهضم نعمة القدرة على الاستفادة من الطعام هي نعمة ايضاً، ولذلك نعم الله لا تحصى ولا تعد مهما اراد الانسان احصاءها على سبيل الاجمال فان في الطعام فقط وفي الاكل فقط عشرات ومئات النعم الدقاق والكبار الصغار والعظام فالانسان اذا لم يلتفت الى هذه النعم فانه سوف قد لا يشكرها اولاً وسوف لا يتعامل معها المعاملة الصحيحة تضعف وتزول لان النعم اذا لم تحترم اذا لم تستخدم في موضعها وبالشكل اللائق بها تزول، ولذلك في الحديث الشريف "احذروا نفار النعم"ونفار النعم هو زوالها عندما يحتقرها عندما يزدري بها عندما لا يلتفت اليها الانسان اذا لم يلتفت الى نعمة الصحة والسلامة فانه سوف يفقدها نتيجه اهماله لصحته ولقواعد السلامة. وفي رواية ايضاً يقول احد "اكلنا عند ابي عبد الله(ع) فلما رفع الخوان والصحن اخذ الامام يلقط ما وقع من الخوان ويأكله ثم قال: انه ينفي الفقر. 
اجل هذا هو ايضاً درس كبير ان الاهتمام بنعم الله حتى لو كانت صغيرة حتى لو كانت حقيرة هذا مما يساعد على ازدياد النعمة وازدياد النعمة هو ازدهار الاقتصاد اذا نظرنا الى الامر بنظره دقيقة وتأملنا فيها بتأمل اقتصادي، وما اكثر الاسراف في عصرنا وما اكثر الطعام الذي يسرف فيه ويفرط فيه حتى انه قيل ان احدى العواصم الاسلامية فيها كل يوم سبعون طناً من القاذورات خمس وثلاثون فها مواد غذائية صالحة للاستفادة والاكل اذا غسلت واذا نقحت واذا طهرت واعدت للاكل، فهذا الاسراف هو الذي ال بنا الى المحن الاقتصادية والى الفقر وما اكثر المواقف من هذا النوع. 
ان اخلاق رسول الله واهل بيته الاكارم في الاهتمام بالنعمة. انظر الى قول رسول الله(ص) يقول: "اكرم الخبز فلو لا الخبز فلا صمنا ولا صلينا" ان تكريم الخبز يعني الاستفادة الكاملة من هذه النعمة الالهية او قال(ص): "اكرم الخبز فانه عمل فيه ما بين السماء والارض". اليوم نحن نرى في بعض البلدان مشكلة حتى الخبز يعني هناك من لا يحصل حتى على الخبز قرص من الخبز، فضلاً على الاطعمة الملونة والغالية والاطعمة المتنوعة، حتى الخبز لا يجد بعض الناس لقمة منه وسمعنا فب بعض البلاد المصابة بالقحط والمصابة بالجرب، المصابة بالمحن الاقتصادية ان بعض الناس كانوا يقتفون اثار النمل ليجمع ليأخذوا ما جمعته النمل في عشاشها من الاطعمة الحقيرة والقليلة. 
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا للاقتداء بسيرة رسول الله واهل بيته الطيبين الطاهرين الصادقين، عسى ان يمن علينا بالفلاح والنجاح آمين رب العالمين. والسلام عليكم ورحة الله وبركاته. 

*******