البث المباشر

احلى الكلام -۷٦

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 10:58 بتوقيت طهران

الحلقة 76

بعث إليّ الأخ عبد الحكيم الّسقاف من ماليزية أن لمن هاذا القول:

نبذ الهوى وصحا من الأوهام

قلب تيقظ بعد طول منام؟

قلت للأخ السيد السقاف: هاذا بيت عبثت به يد التصحيف، وأتلفت رونقه فأصله:

نبذ الهوى وصحا من الأحلام

شرق تنبّه بعد طول منام

وهو مطلع قصيدة مؤلّفة من خمسين بيتاً من شعر أمير الشعراء أحمد شوقي، وبعده:

ثابت سلامته وأقبل صحوه

إلاّ بقايا فترة وسقام

صاحت به الآجام هنت فلم ينم

أعلى الهوان ينام في الآجام

والآجام: جمع أجم، وهو الحصن وهاذه القصيدة نظمها شوقي في افتتاح مصرف مصر مبناه الجديد سنة سبع وعشرين وتسع مئة وألف.
وهتف إليّ المستمع الكريم أحمد التميميّ من الأهواز أن لمن هاذا البيت:

لئن خاب ظني في رجائك بعدما

ظننت بأني قد ظفرت بمنصف؟

قلت لمستمعنا العزيز التميمي الأهوازي: هاذا البيت للقاضي الرشيد أبي الحسين أحمد ابن القاضي الرّشيد أبي الحسن عليّ الفسّاني الأسوانيّ الشاعر المجيد أوحد زمانه في الهندسة والرّياضة والفقه والأدب.
وقد قتله شاور صاحب مصر مظلوماً بدسيسه حسد عليه.
وها هو ذا بيته المسئول عنه، وبعده بيتان، وثلاثتهنّ في رجل:

لئن خاب ظنّي في رجائك بعدما

ظننت بأني قد ظفرت بمنصف

فإنك قد قلدتني كلّ منة

ملكت بها شكري لدى كلّ موقف

لأنك قد حذرتني كلّ صاحب

وأعلمتني أن ليس في الأرض من يفي

وسألني الأخ بكر البكريّ من مصر أن من القائل:

ما أنصفتك جفوني وهي دامية

ولا وفى لك قلبي وهو محترق؟

قلت للأخ البكريّ العزيز: قائل هاذا القول البديع هو أحمد بن عبد الغنيّ القطرسيّ المنعوت بالنفيس، وهو أديب شاعر مجيد له ديوان أجاد فيه، وهو فقيه مصريّ.
وبيته المسئول عنه هو وواحد قبله من قصيدة كتبها من مصر إلى القاضي الفاضل الذي كان يثني عليه، وهاذان هما البيتان البديعان:

ياراحلاً وجميل الصّبر يتبعه

هل من سبيل إلى لقياك يتفق

ما أنصفتك جفوني وهي دامية

ولا وفى لك قلبي وهو محترق

وتوفي في الرابع والعشرين من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وستّ مئة بمدينة قوص، وقد ناهز السبعين من عمره (رحمه الله).
كتب إليّ بلديي الأخ طالب الصّقريّ نزيل النجف الأشرف أن لمن هاذا السّحر الحلال:

وقفت وقد فقدت الصبر حتى

تبين موقفي أنّي الفقيد

فشكَّت فيّ عذالي فقالوا

لرسم الدّار أيكما العميد

فقلت لأخي الصَّقريّ الكريم: هاذا السّحر الحلال للشاعر البارع المشهور أبي العبّاس أحمد بن محمّد المعروف بالنامي، وهو من خواصّ مدّاح سيف الدّوله الحمداني، وتلو المتنبيّ عنده في المنزلة والرّتبة، وكان فاضلاً أديباً بارعاً عارفاً باللغة والأدب. وتوفي بحلب سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، وعمره تسعون سنة رحمه الله تعالى.
وأرسل إليّ عبد الهادي الموسويّ من أنقرة ان لمن هاذا القول الجميل:

كأنّ نجوم الليل سارت نهارها

فوافت عشاءً وهي أنضاء أسفار

وقد خيمت كي يستريح ركابها

فلا فلك جار ولا كوكب سار

قلت للأخ الموسويّ الكريم المقيم في أنقرة: هاذا القول الجميل- على ما نعتّ- في طول الليل، وهو معنىً غريب- على ما قال القاضي الشاعر الناقد الأديب ابن خلّكان.
وهو للشريف الحسنيّ نقيب الطالبيين بمصر أبي القاسم أحمد بن محمّد بن اسماعيل بن إبراهيم طباطبا ذي الشعر المليح الرّائق في الزّهد والغزل وغيرهما.
توفي بالقاهرة لخمس بقين من شعبان سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
وطباطبا: لقب جدّه إبراهيم، فقد كان ألثغ يجعل القاف طاءً، وطلب ثيابه يوماً فقال له غلامه: أجيء بدرّاعة؟
فقال: لا، طباطبا، يريد قبا، قبا، فبقي عليه لقباً عرف به.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة