البث المباشر

احلى الكلام -٦۰

الإثنين 21 يناير 2019 - 12:27 بتوقيت طهران

الحلقة 60

ويسعد أحلى الكلام أن يحظى بسمع خير الأنام، ومنهم هاذا الصوت الّساري في الفمام: تحيّاتي الطيّبات جميعاً الندى والشذى المستفيضين عصر الجمعة المبارك سناءً آيراً للذوق الّرفيع بعنوان أحلى الكلام، ودعائي له بالعزَّة والسّلام ما حيينا وحيي بما لذَّ من جميل، وراق من أصيل.
وغنيمتي منه نسبة هاذا الذهب المصفى لصائغه، وله شكري وامتناني:

ألا حبذا عصر اللوى وزمانه

إذ الدّهر سلم والجميع حلول

قلت لأخى الأديب الكريم زيد الكعبيّ أحياه الله سعيداً، وأدام لطفه العذب مجيداً: هاذا الذهب المصفى لحبيب بن خدرة الهلاليّ، وهو من علماء الخوارج وشعرائهم وخطبائهم، وبيته المسئول أوّل ثلاثة أبيات هاذا هو ترتيبها وشرحها:

ألا حبذا عصر اللوى وزمانه

إذ الدّهر سلم والجميع حلول

وإذ للّصبا حوضى من اللهو مترع

لفاعلل من ورده ونهول

وإذ نحن لم يعرض لألفة بيننا

ثناء ولا ملّّ الوصال ملول

والحلول: الحالّون كما تقول: هم قعود، أي: قاعدون.
والمترع: المملوء، يقال: إناء مترع، اذا كان ملآن. وجرّة مترعة، إذا كانت ملأى، ولا ينصرفان.
ويستعار، فيقال: عينه مترمة بالدّمع، كما يقال: قلبه مطفح بالغيظ.
والعلّ: الشرب الثاني.
والنهل: الرّيّ.
والناهل: الريّان، والعطشان، فهو من الأضداد.
وهو يتلقى بفائق شوقه هاذا السنا لماجاً من فيض المكرمين: سلام عليكم، ودعائي مستدام لكم، واسمحوا لي بالسؤال عمّا بعد هاذا البيت:

ما راقد الليل مسروراً بأوّله

إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا

أخوكم يونس الشماع من الحلّة الفيحاء ولكم فائق شكري واحترامي.
قلت لأخي العزيز الشمّاع نور الله دنياه وأخراه:
هاذا البيت وثلاثة بعده لمحمّد بن حازم الباهلي الشاعر البصريّ المطبوع الذي كان يأتي بما يستغلق على غيره، واكثر شعره في القناعة والعفّة وذمّ الحرص والطمع. ولد ونشأ بالبصرة، ثمّ سكن بغداد وتوفي فيها نحو ۲۱٥ وأبياته التي مطلعها ما سألتني عنه:

يا راقد الليل مسروراً بأوّله

إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا

أفنى القرون التي كانت مسلّطة

مرّ الجديدين إقبالاً وإدبارا

يا من يكابد دنيا لا مقام بها

يمسي ويصبح في دنياه سيّارا

كم قد أبادت صروف الدهر من قلك

قد كان في الأرض نفاعاً وضرّارا

ولمحمد بن حازم الباهليّ هاذا البيتان الطائران:

لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني

إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج

ولي فرس للحلم بالحلم ملجم

ولي فرس بالجهل للجهل مسرج

تحيّاتي الطيّبة لاحلى الكلام، ودعائي أن يبقى متوهجاً بعطائه السنيّ، ولطفه الزكيّ، وأرجو أن يبيّن معنى هاذا البيت، ويذكر لي قائله:

وما رميت على خصم بفاقرة

إلا رميت بخصم فرّ لي جذما

هاذا ولكم الشكر ودوام السّرور.
قلت للأخ الكريم.
بعد السلام عليه والدّعاء الحارّ له: هاذا البيت هو الثاني من ثلاثة أبيات للأقرع القشيريّ، وهو الأشيم بن معاذ وقيل: اسمه معاذ بن كليب بن حزن. وكان يعرف بأعشى بني عقيل.
وكان يناقض جعفر بن علبة الحارثيّ اللصّ، وهما في عهد هشام بن عبدالملك وأبيات الأقرع القشيريّ الثلاثة التي فيها ما سألتني عنه هي:

وما أراك على أرجاء مهلكة

تساتل المعشر الأعداء ما صنعا

وما رميت على خصم بفاقرة

إلاّ رميت بخصم فرّ لي جذعا

وما سدّ من مطع ضاقت ثنيته

إلاّ وجدت سواء الصّبر مطلعا

ومعنى البيت الثاني منها، وهو مرادكم الكريم هو أنني مادهيت خصماً.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة