البث المباشر

احلى الكلام -٥۷

الإثنين 21 يناير 2019 - 12:24 بتوقيت طهران

الحلقة 57

قلت للأخ الكريم مهدي القطّان: هاذا البيت لأوس بن حجر التّميميّ شاعر تميم في الجاهليّه وهو زوج أمّ الشاعر الحكيم المتطهّر زهير بن أبي سلمى، ويشبهه في الحكمة والرّقة، وقبيلته تقدّمه على شعراء العرب كلّهم، وكان شاعراً غزلاً مفرعاً بالغزل.
والبيت المسئول عنه معه بيتان، وهاذه صورتهنّ جميعاً:

وإنّي وجدت الناس إلا أقلهم

خفاف عهود يكثرون التنقلا

وليس أخوك الدائم العهد بالذي

يذمّك ويرضيك مقبلا

ولكنّه النائي إذا كنت أمناً

وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا

قال أبو أحمد الحسن العسكريّ في كتابه المصون: لم يسبق أوس إلى هاذا المعنى، وأخذه اطرّار الفقعسي، فقال:

إذا افتقر المرّار لم ير فقره

وإنّ أيسر المرّار أيسر صاحبه

قلت: والمرّار هاذا هو ابن سعيد بن حبيب الفقعسيّ، وربما قالوا الأسدي يلنى أبا حسّان وهو من شعراء المملكة الأمويّة، وقد أدرك العصر العباسي، ولم يعرف عمره. وفقعس من بني أسد بن خزيمة، وله شعر كثير.
والمرّارون من الشعراء سبعة: الفقعسيّ هاذا، والمرّار العدويّ، والطائيّ، والشيباني، والكلبيّ، والحرّار الحرشيّ.
ولذّت لي تحيّتي أخي أبا الحسن عليّاً الزّيديّ من حاضرة المجد العراقيّ التليد والعتيد بغداد مثلما لذّت له تحيّته العذبة إيّاي مشفوعة بسؤاله عن قائل هاذا البيت:

وكيف بقاء النفس فيها وإنّما

ينال بأسباب الفناء بقاؤها

وقلت في جوابه: هاذا البيت للشاعر الشهير ناظم الدّرّ النثير أبي الحسن علي ابن العبّاس بن جريج المعروف بابن الرّوميّ المتوفى ببغداد مسموماً سنة ثلاث وثمانين ومئتين، ولهاذا البيت سابق يتجلّى به معناه، وها هما ذان معا:

لعمرك ما الدّنيا بدار إقامة

إذا زال عن عين البصير غطاؤها

وكيف بقاء النّفس فيها وإنّما

ينال بأسباب الفناء بقاؤها

ويقال: إنّه أخذه من جواب أعرابيّ قيل له: كيف حالك؟
فقال: ما حال من يفنى ببقائه، ويسقم بسلامته، ويؤتى من مأمنه؟
وحيّاني الأخ مراد الرّحمان الصالح من دهلهي الجديدة بتحية طيّبة أحيِّه بأطيب منها، وأشكر له لطفه بي أيّما شكر، وأعتزّ ان أجيب عن سؤاله أن لمن هاذا الرسم البديع؟ وهل ببالك مثله؟

ودّعته حين لا تودّعه

روحي ولاكنّها تسير معه

قلت لحبيبي الصّالح الدّهلويّ (حفظه الله) هاذا الرسم البديع على ما تقول للغويّ الكبير الشاعر الشهير محمّد بن الحسن بن دريد الأزديّ المتوفى ببغداد سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة مخلّفاً روائع التّراث اللغويّ والشعريّ.
والبيت الذي سألتني عنه مشفوع بمثله في الجمال، وها هما ذان بين يديك:

ودعته حين لا تودّعه

روحي ولاكنّها تسير معه

ثمّ افترقنا وفي القلوب لنا

ضيق مكان وفي الدّموع معه

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة