البث المباشر

احلى الكلام -۱۸

السبت 19 يناير 2019 - 11:05 بتوقيت طهران

الحلقة 18

وسألني الأخ العزيز يحيى العلويّ من المغرب - دامت عامرة - أن من القائل؟

أسير الخطايا عند بابك واقف

على وجل مّما به أنت عارف

قلت: هذا البيت أحدستّة أبيات في اللجوء الى الله - تعالى- قالها الحافظ ابن الفرضيّ وهو أبو الوليد عبد الله بن محمّد الأزديّ القرطبيّ الفقيه العالم في الحديث والرّجال والأدب وغيرها.
تولّى القضاء في بلنسية، وقتل في فتح البربر قرطبة سنة ثلاث وأربع مئة عن عمر ناهز إحدى وخمسين سنة، وله شعر كثير منه هذه الأبيات السّتّة، وأوّلها المسئول عنه:

أسير الخطايا عند بابك واقف

على وجل ممّا به أنت عارف

يخاف ذنوباً لم يغب عنك غيبها

ويرجوك فيها فهو راج خائف

ومن ذا الذي سوال ويتّقي

ومالك في فصل القضاء مخالف

فيا سيّدي لا تخزني في صحيفتي

إذا نشرت يوم الحساب الصّحائف

وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما

يصدّ ذوو القربى ويجفوا لموالف

لئن ضاق عنّي عفوك الواسع الذي

أرجّي لإسرافي فإنّي لتالف

ومن جميل شعر ابن الفرضيّ هذا (رحمه الله) قوله:

إنّ الذي أصبحت طوع يمينه

إن لم يكن قمراً فليس بدونه

ذلّي له في الحبّ من سلطانه

وسقام جسمي من سقام جفونه

وقوله: (إن لم يكن قمراً فليس بدونه) يعني: فليس بأقلّ منه، أي: ليس بأقلّ من القمر.
وهذا البيت الجميل من أمثلتي اللغويّة على الاستعمال الصّحيح لـ(دون) إذا اقترنت بالباء، فهما بمعنى أقلّ من، وليس بمعنى (بغير) أو (بلا).
سألني الأخ جابر الجبوريّ المغترب في الولايات المتّحدة أن لمن هذا القول؟

إذا رأينا محبّاً قد أضرّ به

جهد الصّبابة أوليناه إحسانا

قلت: هذا القول لجارية لمحّمد بن عبد الله بن طاهر الخزاعّي أمير بغداد أيّام المتوكّل وكان شيخاً فاضلاً، وأديباً شاعراً، ومألفاً لأهل العلم والأدب. وقد كتب يوماً لجاريته تلك وهي شاعرة:

ماذا تقولين فيمن شفّه سقم

من جهد حبّك حتّى صار حيرانا

فأجابته بالبيت المسئول عنه.
وحدّث الأمير الأديب الشاعر الفاضل محّمد بن عبد الله هذا قال: كنت واقفاً على رأس أبي وعنده أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو الصّلت الهرويّ، فقال أبي: ليحدّثني كلّ بحديث.
فقال أبو الصّلت: حدّثني عليّ بن موسى الرّضا - وكان والله رضاً كما سمّي- عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه علي قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): الإيمان قول وعمل.
فقال بعضهم: ما أعلى هذا الإسناد!
فقال أبي: هذا سعوط المجانين، إذا سعط به المجنون برأ.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة