البث المباشر

صلح الحديبية

الخميس 15 نوفمبر 2018 - 18:54 بتوقيت طهران
صلح الحديبية

قال سهيل بن عمرو: هذا كتاب بيننا وبينك يا محمّد، فافتتحه بما نعرفه، واكتب: باسمك اللّهم. فقال رسول اللّه ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ لأمير المؤمنين: "مح ما كتبت واكتب: باسمك اللّهمّ.

وذلك بعد البيعة التي أخذها النبي صلّى اللّه عليه وآله على أصحابه والعهود عليهم في الصبر، وكان أمير المؤمنين عليه السلام المبايع للنساء عن النبي عليه وآله السلام، وكانت بيعته لهنّ يومئذ أن طرح ثوباً بينه وبينهنّ ثمّ مسحه بيده، فكانت مبايعتهنّ للنبي عليه السلام بمسح الثوب، ورسول الله صلّى الله عليه وآله يمسح ثوب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ممّا يليه.

ولما رأى سهيل بن عمرو توجه الأمر عليهم، ضرع لى النبي عليه السلام في الصلح، ونزل عليه الوحي بالإجابة إلى ذلك، وأن يجعل أمير المؤمنين عليه السلام كاتبه يومئذ والمتولّي لعقد الصلح بخطّه. فقال له النبي عليه وآله السلام: "كتب يا عليّ: بسم اللّه الرحمن الرحيم".

فقال سهيل بن عمرو: هذا كتاب بيننا وبينك يا محمّد، فافتتحه بما نعرفه، واكتب: باسمك اللّهم. فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وآله لأمير المؤمنين: "مح ما كتبت واكتب: باسمك اللّهمّ.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: "لولا طاعتك يا رسول الله لما محوت بسم الله الرّحمن الرّحيم" ثمّ محاها وكتب: باسمك اللهمّ. فقال له النبي عليه السلام: "كتب: هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو أجبتك في الكتاب الذي بيننا إلى هذا، لأقررت لك بالنبوّة! فسواء شهدت على نفسي بالرضا بذلك أو أطلقته من لساني، مح هذا الاسم واكتب: هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّه والله لرسول اللّه على رغم أنفك".

فقال سهيل: كتب اسمه يمضي الشرط. فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: " ويلك يا سهيل، كفّ عن عنادك". فقال له النبي عليه السلام: "محها يا عليّ". فقال: "يا رسول اللّه، إنّ يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوّة". قال له: "فضع يدي عليها" فمحاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بيده، وقال لأمير المؤمنين عليه السلام: "ستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض".

ثمّ تممّ أمير المؤمنين عليه السلام الكتاب. ولما تمّ الصلح نحر رسول الله صلّى الله عليه وآله هديه في مكانه. فكان نظام تدبير هذه الغزاة معلّقاً بأمير المؤمنين عليه السلام، وكان ما جرى فيها من البيعة وصفّ الناس للحرب ثمّ الهدنة والكتاب كلّه لأمير المؤمنين عليه السلام، وكان فيما هيّأه اللّه تعالى له من ذلك حقن الدماء وصلاح أمر الإسلام.

وقد روى الناس له عليه السلام في هذه الغزاة (بعد الذي ذكرناه) فضيلتين اختصّ بهما، وانضافا إلى فضائله العظام ومناقبه الجسام: فروى إبراهيم بن عمر، عن رجاله، عن (فايد مولى عبد اللّه بن سالم ) قال: لمّا خرج رسول الله صلّى اللّه عليه وآله في عمرة الحديبيّة نزل الجحفة فلم يجد بها ماءً، فبعث سعد بن مالك بالروايا، حتّى إذا كان غير بعيد رجع سعد بالروايا فقال: يا رسول اللّه، ما أستطيع أن أمضي، لقد وقفت قدماي رعباً من القوم فقال له النبي عليه وآله: " جلس".


ثمّ بعث رجلاً آخر، فخرج بالروايا حتى إذا كان بالمكان الذي انتهى اليه الأوّل رجع، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله: "لم رجعت ؟" فقال: والّذي بعثك بالحقّ ما استطعت أن أمضي رعباً.

فدعا رسول الله أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما فأرسله بالروايا، وخرج السقاة وهم لا يشكّون في رجوعه، لما رأوا من رجوع من تقدّمه. فخرج عليّ عليه السلام بالروايا حتّى ورد الحرار فاستقى، ثم أقبل بها إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله ولها زجل. فكبّر النبي صلّى اللّه عليه وآله ودعا له بخير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة