المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وسلام على مستمعينا الكرام واهلاً بهم في ندوة فن المقامة التي تستقبلهم بثلاثة هواتف طوال بقاءها حتى السابعة ونحن والان عند الساعة السادسة والربع بتوقيت ايران الصيفي.
يسعدني ان اعود بحضراتكم الى انوار الخمس الاخير من القرن الرابع الهجري واحل بكم في نيسابور شرقي بلادكم ايران حيث املي الاديب العربي البارع بديع الزمان الهمداني مجالسه الادبية واللغوية التي سماها المقامات.
نعم، وهذه من فلتات المخرج العزيز كاظم صادق هو قد نقلنا الى اجواء المقامات الموسيقية ونحن طبعاً نتحدث عن المقامات الادبية ورحم الله من عمل عملاً فأتقنه، على كل حال وقد بقيت مستمعينا الافاضل المقامات من مفاخر الدهر ومآثره المتألقة التي كتب لي ان التقي اخي العزيز واستاذي السيد بشير الجزائري في ضوءها بعد ما يزيد على الف عام لتشاركنا الحديث بها، اهلاً وسهلاً بك استاذ بشير الجزائري في هذا اللقاء.
الجزائري: وبك اكثر وبارك الله لك وفيك وعليك وبراكك الرب سبحانه وتعالى ولك الهناء بهذه التعديات الاربع.
المحاور: الحمد لله يعني استاذ بشير الجزائري.
الجزائري: انا فقط بودي ان اعلق على الاصرة الطيبة بين المقامات العراقية، المقامات البغدادية والمقامات الهمدانية او المقامات الحريرية، الواقع ان المقام الذي هو معنى موسيقي وهو ايضاً لون موسيقي حار وجيد جداً ويتمنى اولئك المهرة البارعون من الموسيقيين الذين عرفت اسمائهم في الوجود ان يكونوا قد نالوا شيئاً من معرفة المقام العراقي، هذا واحد والاخر المقام او المقامة المنسوب للهمداني او المنسوب للحريري او المنسوب للادب يقال ان اصله كان من المقام اي المكان الذي كان يقيم فيه الجالس او قام فيه القائم، الحريري رحمه الله او سيده الهمداني رحمه الله وكلاهما اصحاب او منارا هذا الفن البديع اولهما بدأ فسمى هذا الفن بالمقام نسبة لكل مجلس جلسه في الناس وعلمهم ذلك المعنى الجميل لأنه آية من آيات الله نمر بها.
المحاور: ان شاء الله، مستمعينا الافاضل اذن بدأنا الحديث مع مقامات ادبية وموسيقية.
المحاور: نعم مستمعينا الافاضل اذن مرة اخرى ارحب بالسيد بشير الجزائري.
الجزائري: سيدي رحبت بك السعادة ان شاء الله.
المحاور: اهلاً وسهلاً يعني عندما قلت بعد ما يزيد على الف عام لم اقصد السن الذي انت فيه استاذ بشير انا قصدت بديع الزمان الهمداني.
الجزائري: جعلها الله نصيبك ان شاء الله.
المحاور: على كل حال السيد بشير يعني استاذي العزيز دعنا لنعود او نقول عوداً على بدأ، انا اسألك لكي تتوضح الفكرة لأنه قبل عدة ايام مستمعينا الافاضل احد الاخوة سألني قال تتحدثون عن المقام قلت نعم قال متى تتحدثون عن القبانجي؟
الجزائري: اي نعم.
المحاور: فقلت ان شاء الله نتطرق اليه، اذن سيدي الكريم بداية ما المقامة ومن مبتدعها لكي تتوضح الصورة مرة اخرى؟
الجزائري: المقامة او المقام؟
المحاور: المقام.
الجزائري: اكرمك الله اما المقام فقد ذكرت انت سيده البارع رحمه الله محمد القبانجي وهو البغدادي الاصيل وصاحب هذا الفن والذي كان يتمنى محمد عبد الوهاب ان يتعلم على يديه ويقبس منه ويتعاون معه ويتآزر في تقديم فن جديد في الموسيقى العربية التي كان يقول هو محمد عبد الوهاب انها عيال على الموسيقى الفارسية.
المحاور: استاذ بشير الجزائري الان لو اردت ان اقول ويجب ان اقول لا اجبتني حب القوم ليس من العصبية، تفضل.
الجزائري: اكرمك الله، لا انا فقط اشير الى نقاط تمر في الحديث.
المحاور: نعم تفضل.
الجزائري: نحن اذا اردنا ان نمر بهذا الفن الادبي او الفن القولي البارع جداً والكامل جداً واول من بدأه هو ذلك الطيب بديع الزمان الهمداني، ذاك الذي جاء لهذه الدنيا سريعاً جداً وكان كثير التحول فيها، لم يكتمل العشرين من العمر غادر همدان في غرب ايران وهمدان مدينة الثلوج، مدينة الجمال والبهاء والتي تفتح العقول ولذلك كان عقله هائلاً جداً ويقال انه كان اذا نظر في كتاب من الكتب وقرأ خمس صفحات اعادها من تلك القراءة الاولى سريعاً، عادها كما كتبت في ذلك الكتاب، اي كتاب كان واذا قرأت عليه القصيدة من خمسين بيتاً فصاعداً اعادها ايضاً كما سمعها من اول مرة واذا اراد المريدون منه ان يعيدها من اخرها الى اولها فعل، هذه موهبة مازه الله سبحانه وتعالى بها.
المحاور: النبوغ.
الجزائري: احسنت، اكرمه الله سبحانه وتعالى بها وهو رجل عربي من اولئك الفقراء الذين نشأوا في تلك الارض المباركة في غرب ايران، انتقل منها الى الري عاصمتك ها هنا يعني الى طهران او جنوب طهران وهي ايضاً مدينة العلم والعلماء والشعر والادباء، مدينة الانفتاح الابداعي في كل شيء في ذلك الزمن وان شاء الله ايضاً في هذا الزمن وفي كل زمن، سيدي الكريم جاء الى هنا فكان بين يدي سيد كريم جداً غني برعايته لأهل العلم والادب والثقافة والحياة، اولئك هم عنوان الحياة، اهل الادب واهل العلم هم الذين يعطون الحياة معناها الكريم الا وهو الصاحب بن عباد، الصاحب اسماعيل بن عباد هذا الرجل اكرمه غاية الاكرام وعلمه تعليماً جميلاً جداً لأن الصاحب كان اديباً وشاعراً وعالماً ولغوياً بارعاً جداً جداً واثره المسمى المحيط في اللغة يشهد على براعته فيها وديوان شعره كذلك وكتبه الكثيرة التي لا تعد تشهد له بالاسبقية، كان قد علم هذا الرجل كيف ينساب في بيانه يعني علم ذلك الفتى الاتي من همدان الى الري ومع ذلك لم يستقر عنده برغم اكرامه، اكرامه المادي والمعنوي فقصد سبزوار وكانت عاصمة الثقافة والمعرفة، كل ايران كانت عجباً وليست ايران وحدها وانما كل بلاد المسلمين او بلاد الاسلام الشرقية دعنا نقول يعني من العراق وانت ماضي الى افغانستان التي اصبحت الان تحت سنابك خيل الظالمين والمحتلين، كانت مناراً للمعرفة وكان المحدثون يقولون حدثني فلان الهروي وكان اللغويون يقولون حدثني فلان الغزنوي وهكذا انت لاتكاد تمل من كثرة الاسماء البارعة في الفنون المختلفة والعلوم المتباينة التي هي محياة البشر.
المحاور: نعم يعني.
الجزائري: هذا الرجل انتقل وهو فنى من همدان الى الري ومن الري الى نيسابور وكان فيها سيداً برع فيها ايما براعة واملى فيها اربعمئة مقامة، مع الاسف ما وصلنا الان هو احدى وخمسون مقامة التي بين ايدينا، احدى وخمسون مقامة من اصل اربعمئة فقط في نيسابور وحدها، بعدها ايضاً بحكم براعته وبحكم الموهبة الالهية العظيمة التي اوتيها كان له حساد كما تدري في كل الزمان، في كل الازمنة، الله... الظلم من شيم النفوس "فأن تجد ذا عفة فلعلة لايظلم" فبأيذاء اولئك الذين حسدوه ولااسميهم اكراماً لهم اضطر ان يهجر الى سيجستان المسماة اليوم في ايران بسيستان كما تعلم ومن سيجستان الى خراسان ومن خراسان الى افغانستان وهرات، هرات المدينة التي عاش فيها سيداً كريماً غاية السيادة والكرامة وتزوج فيها وانجب فيها وكان له الشان العظيم عند الملوك والامراء ولعلني اسرفت في اليبان عنه.
المحاور: لا بالعكس.
الجزائري: لا عن المادة التي سألتني عنها وهي فن جميل جداً، مزعج جداً وهذا من التناقض أليس كذلك؟
المحاور: طبعاً يعني اما جميل واما مزعج؟
الجزائري: جميل ومزعج، أما رأيت جميلاً لا يروق لك او لا تستطيب النظر اليه؟
المحاور: يعني سيدي الكريم اذا كان جميلاً بعيني فكله جميل.
الجزائري: لا جمال المظهر وشيء آخر خلافه.
المحاور: نعم صحيح.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: طيب استاذ بشير الجزائري طبعاً بالمناسبة ايران كانت تحتضن اشبه بمنتدى خلال هذه الايام، المنتدى هو يتحدث عن طريق الحرير وكما يسمى "جادة ابريشم" وكما تعلم ان اساسياتها ايران والصين ومن ثم البلدان الاخرى، انا طرحت هذا الموضوع حول طريق الحرير مع العلم ان الغربيين وعلى اساس الوثائق هم لم يعرفوا ماهو الحرير الصيني بل كانوا يستخدمون الديباج الايراني والسجاد الحريري الايراني ولكن سمي بأسم الحرير وللاسف الشديد مع العلم هو ملتقى الحضارات، ألا تعتقد، ليس بودي ان اسألك الان لأن لدينا ضيف، ألا تعتقد ان طريق الحرير هو الذي اسس لكي تكون ايران ملتقى للحضارات فيؤثر فيها وتخرج هكذا ناس منها؟ ارجو ان تبقى معي.
الجزائري: اقول فقط شيء، من الذي فتح هذا الطريق غير هؤلاء الذين تشير اليهم؟
المحاور: حتماً حتماً.
الجزائري: هم الذين وصلوا الشرق بالغرب والغرب بالشرق ووصلوا الماء بالبر والبر بالماء.
المحاور: حتماً والحمد لله، لنذهب الى سوريا يعني هناك مشاركة من الاخ ماهر العقل، اخ ماهر اهلاً وسهلاً بك.
ماهر: اهلاً وسهلاً.
المحاور: يا مرحباً اهلاً وسهلاً اطلنا عليك الحديث اعتذر.
ماهر: سلام عليكم ورحمة الله.
المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله اهلاً وسهلاً.
ماهر: اشكر السيد رائد كثير الشكر على هذا البرنامج الجميل وعلى ضيفه السيد بشير الجزائري.
المحاور: انا اشكرك الشكر الجزيل اهلاً بك تفضل.
ماهر: اود ان اقول ان لهذا البرنامج كثير الفائدة لاسيما وان المقامة في هذه الايام قد انحسرت كثيراً بل انعدمت تقريباً.
المحاور: نعم مئة بالمئة.
ماهر: حيث كانت قديماً عبارة عن كتابة حسنة التأليف انيقة تتضمن نكتة ادبية وتدور على رواية لطيفة، تدور ايضاً حول الكدية والاحتيال ومن اشهرهم بديع الزمان الهمداني والحريري الذي يقول ايضاً في المقامات اسمع حديثي فأنه عجب يضحك في شرحه وينتحب امر ليس في خصائصه عيب ولا في فخاره ريب.
المحاور: احسنت.
ماهر: اود في هذا البرنامج ان اسأل سؤال للضيف الكريم هو لماذا انحسرت المقامة من الابداع الى التراث؟
المحاور: نعم شكراً، شكراً جزيلاً اخ ماهر ونحن نشكرك على هذه المشاركة الجميلة وطبعاً قبل ان تجيب على سؤال الاخ العزيز ماهر العقل يعني استاذ بشير الجزائري عادة يسأل لماذا انحسرت ولكن هناك سؤال ايضاً يطرح نفسه سيدي الكريم اعتقد انه اهم، لماذا ظهرت؟ لأنك كما تعلم المستمعين الافاضل يعلمون انه هو نوع جديد من الادب لم يسبق له على الرغم انه عليه لباس النثر والسجع لكنه هو فن خاص به، لماذا يجب ان يظهر؟
الجزائري: جميل جداً.
المحاور: اشكرك تفضل.
الجزائري: اكرمك الله اما السيد ماهر الذي احييه كل التحية الطيبة فقد نظر الى المقامة في اوانها الان وانا نظرت الى بدأها وكلا الامرين جميل وكريم.
المحاور: الحمد لله.
الجزائري: اما انحسارها فنحن قد قلنا في تلك الحلقة ونقول في هذه الحلقة التي بين ايدينا ان المقامة كانت فناً لغوياً رائعاً جداً وانا اكاد انفرد بمثل هذا الرأي، الناس يقولون ان المقامة فن ادبي ومنهم من يتحرك قليلاً ويقول انها فن ادبي لغوي اما هذا المسكين الذي بين يديك الان.
المحاور: حاشاك.
الجزائري: فيقول انها فن لغوي بارع جداً، اراد هؤلاء الاكابر وهم بديع الزمان الهمداني ومن تبعه بقبرة وبراعة جداً ربما ايضاً فاقته وهو الحريري ابو محمد القاسم بن علي بن محمد، هذا الرجل كان قد زاد على سابقه بكثير من الامور ولكن كان قد زاد ذلك الفن تعقيداً، الاول كان قد نظر الى البيئة التي عاش فيها، هذا الجواب سيكون لك وللسيد العزيز ماهر، نظر الى البيئة التي كان قد عاشها فوجد الناس قد باءوا بفقر شديد وفاقة متقعة، مؤلمة فجاء وصور احوال الناس في ذلك وصور احوال العلماء خاصة لذلك انت ترى انه يقول حدثنا عيسى بن هشام.
المحاور: وليس وجود لعيسى بن هشام.
الجزائري: وعيسى بن هشام هو بديع الزمان، والله والعباس والحسين والكاظم هو ذاك الرجل الذي تعرفه يعني بديع الزمان الهمداني لأنه كما قلت لك في بدأ الحديث كان هائل المعرفة.
المحاور: نعم استاذ بشير الجزائري انت تقول ان الانسان في بعض الاحيان عندما يصبح فريداً من نوعه ولايرى ما بقي ان يقوله للاخرين فيقول عن نفسه يعني هناك من يقول ان صورة الموناليزا كما تعلم هي نسخة لدافتشي نفسه وهناك من يقول ان وانغوغ ايضاً رسم نفسه اذن انت تقول ان بديع الزمان الهمداني وصل الى درجة بحيث انه لم ير احداً يحدثه الا نفسه، لو اخذنا هذا الاسلوب ارجو استاذ بشير، يعني المخرج سيدخل علينا لو لم نذهب الى فاصل.
الجزائري: لا حول ولا قوة الا بالله.
المحاور: اذن باغتنا المخرج مرة اخرى ونحن نتحدث والساعة تشير الى السادسة وخمسة وثلاثين دقيقة والوقت يداهمنا بسرعة ويبدو ان لدينا ضيف اخر استاذ بشير، الاخ شمس زيد من السعودية او اعتقد الاخت شمسة زيد من السعودية، سلام عليكم اختي العزيزة اهلاً وسهلاً.
شمسة: السلام عليكم ورحمة الله تحياتي اليكم واهلاً بك وبضيفك الكريم السيد الجزائري، اشكركم على هذا البرنامج الرائع جداً، لن اطل عليكم سؤالي فقط هو ماالذي عالجته المقامة في اوج ابداعها، في فترة من الفترات كانت في اوجها، في هذه الفترة ماالشيء الذي عالجته؟
المحاور: شكراً جزيلاً اعتقد ايضاً يا اخت شمسة كنا في خضم ان نخوض هذا الحوار وما الذي تعالجه؟ اذن اعود اليك سيدي الكريم.
الجزائري: اكرمك الله واعزك واعز الاخت السائلة الكريمة.
المحاور: ونبقى في نفس الحديث.
الجزائري: والله انا سررت كثيراً بسماع هذا السؤال لأنه يذكرنا بالدافع الاساسي، بالدافع الرئيس لظهور المقامة على يد صاحبها الاول بديع الزمان الذي كما قلت لك رغم الموهبة الهائلة التي اعطاه الله سبحانه وتعالى كان فقيراً فأنتقل من بلد الى بلد، انتقل من همدان كما مر الى الري ومنها الى نيسابور والى خراسان وسيجستان اوسيستان كما تسمى اليوم باللغة الفارسية ومنها الى هرات في افغانستان، هذا التحول التاريخي الطويل الذي مر به الفتى الموهوب جداً هو الذي حفزه على ان يكتب هذه الحالة البائسة التي تعانيها الامة في ذلك الوقت على يد اولئك الحاكمين اياً كانوا اولئك الحكام اذا كانوا من الضفة الشرقية او الضفة الغربية لافرق كلهم كانوا بعيدين عن الله سبحانه وتعالى لذلك عاشت هذه الامة البأساء والضراء في كنفهم برغم الامكانات الهائلة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لهذه الديار التي نسميها ديار المسلمين او التي تسمى اليوم الشرق الاوسط.
المحاور: طيب استاذ بشير الجزائري انت جعلتني ان انتقل الى نقطة لا اعتقد انها دون علاقة بما ذهب اليه الهمداني لو صدق ما قلت وانت صادق حتماً، سيدي الكريم المصطلح الان لايساورني الحقيقة، كان لكل خليفة او لكل ملك منذ قديم الزمان شخصية الى جانبه يطلق اسوء الكلمات بحق الملك والخليفة وهو مصان من القتل ومصان من ان يحاسب، نحن نسميه المهرج اوغير ذلك.
الجزائري: او المضحك.
المحاور: او المضحك، اللغة الفارسية ذهبت لتنتخب كلمة هي تليق بهذا المضحك بآلاف المرات بل هي واقع الامر سمته التلخك الذي يقول المر بلسان حلو فهو يذكر الملك بأسوء الحالات التي يعيشها الملك واسوء حالات الرعية ولكن بلغة الفكاهة ولذلك سموه التلخك، التلخ باللغة الفارسية كما تعلم يعني المر وهو حتى يهين الملك والملك يضحك، يهينه بشكل يضحكه، ألا تتصور ان البدايات الاساسية رغم ان الكثير يتحدثون ان القصة القصيرة هي جذور المقامة ولكن ألا تتصور ان اوائل المبدعين في المقامة هم المضحكون او المهرجون الذين عاشوا في كنف ظلم الملوك والخلفاء، رأوا منهم ما رأوا وصانوا نفسهم بالدعابة وبالكلمات المرة الحلوة التي يطيقها الخليفة ولايأمر بقتله؟
الجزائري: الناظر في الادب العربي يكاد يجد ان هذا الفن كان جذوره ضاربة حتى في الجاهلية الاولى يعني كانت اخباراً وحكايات تتعلق في النقد الاجتماعي، مطلق النقد الاجتماعي، نقد المالك ونقد المملوك، نقد السلطان ونقد الرعية، تطورت حتى وصلت الى حالة طيبة جداً عند محمد بن الحسن بن دريد اللغوي والشاعر المشهور جداً، شاعر عظيم جداً وهو من محبي اهل البيت، بصري من اصل عماني من محبي اهل البيت كان بارعاً في هذا الفن غاية البراعة لكنه كان مترسلاً ولم يكن معقداً ولم يكن ايضاً مسجعاً كما فعل الهمداني.
المحاور: ولذلك ذكرت ان الهمداني قد سرق من.
الجزائري: احسنت.
المحاور: جورجي زيدان اعتقد له رأي في هذا الامر، نعم.
الجزائري: انه اخذ من محمد بن الحسن بن دريد الذي يكنى ابا بكر، على كل حال او اخذ من احمد بن الحسين بن فارس اللغوي المشهور.
المحاور: اشرنا اليه في البرنامج السابق.
الجزائري: احسنت رحم الله والديك ايضاً هذا الرجل كان له كلام مرسل وجاء فتعلم ايضاً الترسل عند سيد هؤلاء جميعاً وهو الصاحب بن عباد، على كل حال هذا المسار التاريخي لظهور المقامة، اراد اللغوي الكبير والموهوب العظيم جداً بديع الزمان الهمداني ان يميز نفسه عن غيره فأبتكر هذا الفن ولذلك قلنا انه كان مبدعاً اما صاحبه اللاحق به الذي هو الحريري فأنه كان مصطنعاً يعني قلد بديع الزمان فيما كتب ولذلك اوغل ايضاً هو في التسجيع وفي التعقيد وفي الغريب من كلام العرب وفي الاحاجي، الاحاجي الاتي هي الالغاز عند العرب وفي المسائل الفقهية المعقدة، في المسائل النحوية التي لاتكاد تجد لها حلاً في مقامات الحريري بينما صاحبه الاول كان قد مر بمثل هذه الاشياء ولكن مرور الكرام، براحة، انت حينما تقرأ للهمداني تلذه لكن حينما تقرأ للحريري تقف متعباً وتمسح عينيك مرات وربما تمد يدك الى شاربك وتقول يارب لم ابتليتني بقراءة مثل هذا، تلاحظ؟ ذلك من ثقله على النفوس.
المحاور: طيب استاذ بشير الجزائري الحقيقة انا وصلت الى هذه النتيجة لااعلم ان كنت تؤيدني ام لا؟ اذن مادامت ضاربة الجذور في الجاهلية واستمرت حتى القرن الخامس لو صح التعبير او القسم الثاني من الخلافة العباسية كما يقال، سيدي الكريم.
الجزائري: ثم قفزت الى القرن التاسع عشر واوائل العشرين.
المحاور: وحتى في الاندلس ايضاً، يبدو انها في الاندلس ايضاً كان لها باع طويل.
الجزائري: لأن الشرق كان مناراً فنوره يسطع في تلك الافاق البعيدة التي نسميها الاندلس رحمها الله.
المحاور: سؤال وارجو ان تكون الاجابة قصيرة لكي نذهب الى فاصل سيدي الكريم.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: اذن يمكن القول ليس هناك فلوكلور في العالم او تراث شعبي في العالم يخلو من المقامة؟
الجزائري: اكاد.
المحاور: لأن كل الشعوب على كل حال هناك من يستغلها، هناك من ملوك
الجزائري: والله يلذ لي هذا القول
المحاور: نحن نتحدث عن المقامة وكان بودي ان يكون الى جانبنا ايضاً احد الموسيقيين لكي يتحدث عن المقام لأنه انا اعتقد انه قد ضرب جذوره ايضاً في اعماق تاريخ هذا الشرق العريق وامتد منه حتى اخذ منه الترك واخذ منه الغربيون واخذ منه والكل نهلوا من هذا المعين، على كل حال نحن نختص بالادب في هذه الجلسة الى جانب استاذي العزيز والكريم استاذ بشير الجزائري.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: الى البحرين ومشاركة من الاخ العزيز جميل احمد، اخ جميل سلام عليكم.
جميل: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: اهلاً وسهلاً.
جميل: كيف الاحوال؟
المحاور: الحمد لله الحمد لله وانتم.
جميل: في البداية اتوجه بالشكر الجزيل الى كل العاملين في اذاعة طهران الاسلامية.
المحاور: شكراً جزيلاً نيابة عنهم اجمعين.
جميل: واشيد بذلك عن جميع البرامج الجميلة التي تقدمها هذه الاذاعة الموقرة.
المحاور: شكراً جزيلاً.
جميل: سؤالي للاستاذ الجليل صاحب الاسلوب الراقي والجميل في الحديث.
الجزائري: اكرمك الله.
جميل: والذي يجذب كل من يستمع اليه الاستاذ بشير الجزائري حفظه الله.
الجزائري: فديتك وحفظك الله.
جميل: سلمك الله استاذي، سؤالي اليك استاذي الكريم متى وصلت المقامة الى الاندلس؟
المحاور: اذن هذا هو السؤال اخ جميل؟
جميل: نعم.
المحاور: شكراً جزيلاً يعني العجيب استاذ بشير الجزائري كلما اشرنا الى شيء جاء سؤال.
الجزائري: جاء سؤال عنه.
المحاور: يعني انا تحدثت عن الاندلس، طيب متى وصلت المقامة الى الاندلس؟ منذ عبد الرحمن الداخل؟
الجزائري: لا بعده، الهمداني لما سطع في الشرق لم يكن سطوعه خاصاً بهذه الارض، لم يكن كمسيره هو نحو الشرق انما كان ضوءه ايضاً يرتد الى خلفه، يمضي الى الغرب.
المحاور: يعني الشمس اخذت المقامة من الهمداني وذهبت به الى مأواها نحو الغرب.
الجزائري: انا اشكرك كل الشكر اعنتني، في ذلك الوقت كان اسم الهمداني قد مضى الى تلك الارض سريعاً جداً لأن المغاربة عامة كانوا يقلدون اخوانهم الشرقيين سريعاً سريعاً وكانوا ينافسونهم في الابداع ايضاً يعني يريدوا حتى الان، والله الان اساتذة الادب العربي البارعون جداً في الجامعات المغربية عامة، في الجامعة التونسية، في الجامعة الجزائرية، في الجامعات المغربية كلهم يسعون الى اثبات ان المغاربة كانوا قد وازوا اخوانهم المشارقة في كل فن ابتدعوه، لم يكونوا مقلدين لهم، اعتقد اني قد اجبت.
المحاور: ووفيت ايضاً.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: طيب استاذ بشير الجزائري لنذهب الى قشر هو من اقشار المجتمع وهو ضحية المجتمع في الواقع رغم ان التهم الكثيرة عادة اشارت بالبنان الى هذه المجموعة من الناس اقصد المتكدين او مهنة الكدية بغض النظر عن من يستغل هذه الفرصة ولااعتقد ان هناك وجود انسان له كرامة يمد يده الى الاخر الا ان يكون هناك سبباً، ان يكون سبب هذا السبب يبعثه ان يذل نفسه ويمد يده، السؤال الذي بودي ان اقوله كما اشار الاخ العزيز اعتقد الاخ ماهر، اعتقد من سورية اشار اليه، لماذا شكلت الكدية اساساً في المقامة، هل لأنها كانت تمثل حالة الهمداني ام هل لأننا لانجد.
الجزائري: لا لا، استطيع ان اقول واعتذر اليك من قطع كلامك الكريم جداً، استطيع ان اقول ان الهمداني كان غيوراً غاية الغيرة على دينه وعلى اخوانه الذين ساكنهم يعني من كان بينهم، عامة المسلمين اقصد ورأى هذه الظاهرة تفشوا فيهم، تنتشر ظاهرة الكدية كما تسميها انت، ظاهرة الاستجداء، ظاهرة التكفف، بسط الايدي الى الناس، نسيان الله سبحانه وتعالى والالتفات الى عبده، الاستعانة بالتراب بدلاً من السماء.
المحاور: يعني سيدي الكريم انا هنا دعني ان اقطع عليك الحديث.
الجزائري: تفضل.
المحاور: وليس قصدي اساءة الادب.
الجزائري: لا تفضل.
المحاور: يعني كم نحن جربنا الجوع وتمكنا ان نصبر عليه، نحن لسنا زهاد، الناس بحاجة الى ثلاث وجبات من الغذاء، بحاجة الى الثياب، بحاجة الى مأوى، كم نحن جربنا ذلك لكي نقول ان هذا الرجل نسي ربه فمد يده الى اخيه؟ ألم يوكل الله سبحانه وتعالى اهل المال لكي ...وكذلك امر الاخرين بالتعفف ولكن الى حين ولذلك سيدي الكريم كان هناك بيت المال الذي كان يدفع عن هؤلاء الفاقة كي لا يمدون يدهم؟
الجزائري: انا استجير بلطفك انت ان تنتقل بنا من الادب الى الفلسفة، انت الان خرجت من قاعة الادب الى قاعة الفلسفة.
المحاور: يعني دعنا نلون.
الجزائري: اكرمك الله، اذا خرجنا الى الفلسفة هناك اجوبة واجوبة تمنعنا عن الوصول الى الغاية التي ننشدها في قاعة الادب.
المحاور: طيب اذن نبقى في الادب، نبقى في الادب سيدي الكريم.
الجزائري: اكرمك الله، اريد ان اقول التعبير عن الكدية بمثل هذا الفن كان ذا نوعين او ذا شقين حقيقي ومجازي، حينما تحدث الهمداني وجعل عيسى بن هشام اسماً له الذي هو الراوي.
المحاور: حدثني عيسى بن هشام، نعم.
الجزائري: او جعل ابا الفتح الاسكندري الرجل العالم الشاعر الاديب الناقد الفقيه اللغوي المتكلم الذي احاط بكل فن وعلم من فنون الحياة وعلومها جعله في الوان شتى، جعله مرة سارقاً وجعله مرة اماماً، امام صلاة وجعله مرة مجاهداً عظيماً جداً يقود الجيوش في مواجهة الاعداء وصيانة ارض المسلمين عن عدوان المعتدين والاثمين، صور متعددة اعطى ذلك الرجل، هذا مرة ننظر اليه على انه حقيقة لأناس عاشتهم المجتمعات في ذلك الوقت عيشاً حقيقياً ومرة نجده مجازاً وهو مثل الهمداني نفسه، الهمداني لم يبسط يده يستجدي من احد برغم انه تناول الكدية ولم يسرق ولم يغش ولم يخدع.
المحاور: دع شجارنا الى الدقائق الاخيرة ومعي الان الاخت سهام من العراق اهلاً وسهلاً سلام عليكم.
سهام: سلام عليكم.
المحاور: اهلاً بك.
سهام: عفواً فقط اردت حلقة خاصة بالشعر وكيفية تقطيع الاوزان اذا امكن.
المحاور: اذن انت تطلبين حلقة خاصة بالشعر وتقطيع الاوزان؟
سهام: نعم تقطيع الاوزان.
المحاور: تتحدث عن العروض.
الجزائري: اي نعم.
المحاور: نعم ولو ان صوت الراديو لا يسمح ان نسمع جيداً، اذن اختي العزيزة انت تتحدثين عن العروض وتقطيع الاوزان.
سهام: اي نعم نعم.
المحاور: طيب، طبعاً نحن تطرقنا الى ذلك خلال برامج سابقة ولكن استاذ بشير الجزائري هل تعدنا ان نقيم حلقة خاصة بذلك؟
الجزائري: البرنامج برنامجك.
المحاور: اخت سهام نشكرك الشكر الجزيل، ماذا لو قلت لك انه في الحلقة القادمة سوف نتحدث نزولاً عند رغبتك عن تقطيع الاوزان.
سهام: شكراً جزيلاً.
المحاور: نحن معك اختي العزيزة، اذن استاذ بشير وضح لنا الامر سوف نتحدث عن العروض في الحلقة القادمة، استاذ بشير قبل ان اذهب الى ما انت قلته، دعنا نذهب لحظات ونعود لأن لدينا دقيقتين.
المحاور: اذن نزولاً عند رغبة كل المستمعين الاخت سهام من العراق في الحلقة القادمة سوف نتحدث عن العروض واثره في الابداع الشعري، هذا هو لقاءنا القادم ان شاء الله لو كان لدينا عمر، استاذ بشير لدي دقيقة يعني اجبني مختصراً جداً، هل تحسب سرفانتس في دونكيشوت انه هو ايضاً تحدث عن المقامة ولكن بلغة غربية؟
الجزائري: اي والعباس واخذها من العربية.
المحاور: شكراً جزيلاً، استاذ بشير الجزائري انا اعتقد انه في كل المجتمعات الكدية متفشية على المستوى العالي اكثر مما هو من المستوى الواطئ ولكن الناس عندما يرون في الشارع المتكدي لأنه وسخ ولأنه قذر ولأنه يمد يده في وضوح النهار فهو الرجل غير محترم ولكن سيدي الكريم كم من العلماء ذهبوا الى كنف الخلفاء والامراء فجلسوا على موائدهم ثم تحدثوا عن الكدية وجعلوا من الناس عرضة للسخرية رغم انهم كانوا بشكل من الاشكال.
الجزائري: ولذلك اخذ الهمداني بتلابيبهم ونكثهم نكثاً وهزهم هزاً، اراد ان يستيقظوا من سباتهم فما استيقظوا.
المحاور: الحمد لله، انا اشكركم الشكر الجزيل على هذه المتابعة واشكر جميع الذين معنا وخاصة الاخ مصطفى قربانعلي التحق بنا التو وهو مهندس الصوت وايضاً المخرج العزيز الذي يبتسم خلف الكواليس، اذن وعدناكم ان نذهب الى العروض واثره في الابداع الشعري اي تقطيع الاوزان بشكل بسيط نقوله في الحلقة القادمة لو كان لدينا عمر.
الجزائري: ان شاء الله.
المحاور: الى اللقاء.
*******