البث المباشر

الطارف والتليد - 11/05/2010

السبت 15 مايو 2010 - 00:00 بتوقيت طهران

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام على مستمعينا الكرام واهلاً بهم في اروقة الطارف والتليد المسرور بهم كل السرور وهم يسمعون له ويناقشونه في حقيقة الشعر التي يعتز بتجليتها لهم قدر الامكان في الوقت المخصص به ومن الله تعالى التوفيق. اهلاً بكم ايها الاصدقاء في ندوتكم الطارف والتليد وموضوعكم العذب حقيقة الشعر والذي اتفقنا عليه مع الاستاذ بشير الجزائري في الحلقة الماضية وقد مررنا بآفاقها النظرية واملنا ان نمر بصعيدها العملي وزادنا في المسير ان شاء الله الى هذه الغاية هو حسن اصغاءكم وحرارة مشاركتكم وهما مشكوران لكم ومحفوظان عليكم. من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لازلنا معكم ايها الاخوة والاخوات ونحن نبدأ برنامج الطارف والتليد ودعوني بداية لكي نعيد الذكريات دعوني مرة اخرى ان احيي زميلي واخي العزيز الاستاذ بشير الجزائري، اهلاً وسهلاً بك استاذ بشير. الجزائري: بك ايضاً اهلاً وسهلاً وحياك الله واكرمك، انا سعيد ان اكون معك. المحاور: وانا ايضاً. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: طبعاً بشرط استاذي الكريم لا تخرج مني زلة حول المتنبي وتتخذون جميع التدابير الامنية وغيرها ومن ثم المواقف الشديدة والمتشدة حتى اصبح خارجاً عن القانون وخارجاً عن الدين ويباح دمي، على كل حال. الجزائري: أسأل الله ان لا يباح دمك وأسأل الله ايضاً ان لا تكون انت في هذه الشجاعة على الناس المساكين الذين قدموا للناس خير ما يقدم وها نحن نعيش بهم ونحن نذكرهم ونقف على تلك الروائع التي تركوها بين ايدينا. المحاور: استاذ بشير نصحني ابي ان اخشى المساكين. الجزائري: هذا اول الجرم. المحاور: السلام عليكم احييكم مرة اخرى، الطارف والتليد ودعوني ابدأ الحوار مع اخي العزيز الاستاذ بشير الجزائري، ابو محمد، سيدي الكريم بدأنا في الحلقة الماضية الحديث حول حقيقة الشعر ومدى اقترابه من الخيال وابتعاده عن الحقيقة واقترابه للحقيقة وابتعاده عن الاخر لكن سيدي الكريم اليوم بودي ان اسألك سؤال كبداية، أين ترى حقيقة الشعر يا استاذ بشير من قول الذي؟ قال: "الفن للفن"؟ الجزائري: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ونصلي ونسلم على انبياءه ومرسليه كلهم اجمعين ونمر بسيدهم وفخرهم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين. سيدي العزيز انت تقول اين حقيقة الشعر من الفن للفن، اولاًً بودنا ان نقف على ماهية الفن، ما هو الفن؟ ناس كثيرون عرفوه تعاريف كثيرة قديماً وحديثاً وحتى الان معركة التعريف دائرة ولا اقول معركة الاصطلاح. المحاور: كما حول كلمة الفلوكلور مثلاً. الجزائري: رحم الله واليدك، كثير من الامور حتى الان لم يتفق الناس عليها لأنها متعلقة بذوق الانسان وذوق الانسان لا يمكن توحيده ولكن ان يكون مؤتلفاً يعني يمكن ان تكون هناك كثرة كاثرة نأخذ بها كما يجري في الانتخابات السياسية احياناً. المحاور: حشر مع الناس عيد. الجزائري: حشر مع الناس عيد، على كل حال اذا كان الفن هو مايحرك النفس الانسانية السوية فالشعر هو ذاك، حقيقة الشعر هي تلك لأن الشعر هو ذاك الذي يحرك النفس الانسانية السوية العارية او العرية، فعيلة اذا اجزتني ان اكون حراً في التعبير. المحاور: انت حر ان شاء الله دائماً. الجزائري: المملكة مملكتك، مملكة الطارف والتليد لك بدأً وختماً وانا نزيل عليها يا سيدي. المحاور: ها انت السيد واخذت بناصيتها، نعم تفضل. الجزائري: اكرمك الله اكرمك الله فأذن اذا كانت هذه النفس هي تلك النفس الصافية التي تحب كل جميل وتميل الى كل خير وتأخذ بكل ما يعود على الناس بما يسرهم. المحاور: استاذ بشير انت تضع الشعر في خانة يصبح تعريف الفن حسب ما فهمت انا ان كل شيء يحرك الشعور والعاطفة والاحساس لدى الانسان فهو فن. الجزائري: هكذا ارى و والله لم اقرأ هذا التعريف عند احد، قرأت تعاريف كثيرة للفن واعجبت بها ايضاً ولكني انا اميل الى هذا المعنى الذي عرضته على حضرتك واتمنى ان يكون مقبولاً لدى فئة ولو قليلة من اخواننا، يعني هو ذاك الذي يعبر عن الحق والخير والجمال هذه الاشياء الثلاثة التي هي في صميم فطرة هذا الانسان مذ خلقه الله سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال فمالنا لا نحبه والله سبحانه وتعالى يحب الحق وهو الحق. المحاور: الجميل ايضاً استاذ بشير الجزائري برأيك أليس هو نسبي من جماعة الى جماعة ومن فرقة الى فرقة وقبيلة الى قبيلة وكذلك؟ الجزائري: انا فداء لك، بأعلى الصوت اقول هو ذلك كما تفضلت لماذا؟ لأن فطر الناس لن تكن على ما فطرها الله سبحانه وتعالى. المحاور: وجعلناكم شعوباً وقبائل. الجزائري: احسنت، وانما مرت عليها رياح التغيير والتحويل والتبديل فمنها ما تكدر ومنها ما بقي نصف صافي ومنها ما بقي صافياً كل الصفاء وهذا اندر النادر وهو شبيه العدم. المحاور: دعني استاذ بشير الجزائري اتجرأ واخطو خطوة لربما خارج اطار البرنامج، الحقيقة انا لطالما عجبت من البعض الذين ينعتون انفسهم بالفنانين ومن ثم يقف وقفة المتكبر ويوقع ومن ثم تراه في الفضائية يهزأ مثلاً من الهنود او يهزأ من الافارقة في حركاته لكي يضحك الاخرين، اين تضع هذا الفنان وفنه؟ الجزائري: هو صاحب موهبة وهو يشبه ذالكما المسرحيين او الممثلين المسرحيين اللذين وقفا على خشبة المسرح وادى احدهما الدور اداءاً كاملاً كل الكمال وصفق له الجميع واحبه الجميع وتاقوا لمعرفته وللالتصاق به والاخر ادى اداءاً لكنه لم يتمه، هذا الانسان اعطاه الله موهبة لن يحسن استعمالها، اعطاه الله عطية عظيمة جداً كان المفروض به ان يوظفها كما امره الله سبحانه وتعالى بتوظيفها لأنه هو مالك اعتباري لها ليس مالكاً حقيقياً ونحن على يقين ثابت ان كل لطيفة تصدر عن اي انسان مهما كان بارعاً في اللطافة والظرافة والطرافة لا يحق له ان يعبث بكرامات الناس او ان يمس احاسيسهم الطيبة، يجب عليه ان يؤنسهم، ان يلاطفهم ويسرهم من غير ان يمس حتى قمصانهم لا ان يمس قلوبهم الكبيرة، هذه القلوب مصونة هي، منزل الله سبحانه وتعالى، قلب الانسان هو منزل رب العالمين سبحانه وتعالى فيجب على المرء اللطيف ان يكون لطيفاً لطافة ربه عزوجل ويصون ذلك المنزل الذي فيه ربه سبحانه وتعالى وانت تدري هذه الجملة الاخيرة ان رب العالمين لم يسعه كونه الفسيح، سماواته وارضه وليله ونهاره، هو يقول كما جاء في الحديث القدسي: "ووسعني قلب عبدي المؤمن". المحاور: نعم صحيح، استاذ بشير الجزائري طبعاً المخرج يصر على ان نذهب الى استراحة قصيرة لكي لا نثقل عليك وكذلك لا نثقل على المستمعين الافاضل ولكن لدي حديث وان تبقى معي. الجزائري: انا بين يديك. المحاور: نعم مستمعينا انتهت الاستراحة الساعة تشير الى السادسة والنصف مستمعينا الكرام لازلنا معكم من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران والطارف والتليد ويبدو ان احداً دخل علينا على الخط ولكن ارجو ان نبقى في الموضوع استاذ بشير، الان التحق بنا الاخ العزيز رشيد من تونس، اخ رشيد سلام عليكم اهلاً وسهلاً، اخ رشيد هل تسمعني؟ طيب حتى يتم الاتصال استاذ بشير، اخ رشيد تسمعني؟ رشيد: نعم اسمعك استاذ رائد. المحاور: اهلاً وسهلاً ومرحباً اهلاً بك تفضل. رشيد: احييك استاذ رائد والاستاذ بشير. المحاور: اهلاً وسهلاً ومرحباً. رشيد: وكافة الكادر المحترمين حيثما كانوا. المحاور: شكراً جزيلاً. الجزائري: وانا مشتاق اليك وحقك كل الاشتياق. رشيد: ونحن مشتاقون اليك كثيراً كثيراً استاذ بشير وانت تعلم جيداً. الجزائري: برغم انك في قلبي. رشيد: ممنون والله ممنون لك كثير استاذ بشير. الجزائري: من الله عليك بالسلامة والسعادة. رشيد: انت تعلم حقيقة استاذ بشير ان سنة كاملة قد مرت على هذا البرنامج الطارف والتليد فأحلمتمونا وهامت النفس بكم شوقاً كبيراً فشكراً لكم جزيلاً. المحاور: شكراً على هذه الاحاسيس، ان شاء الله نكون عند حسن ظنكم. الجزائري: انت عزيز. المحاور: تفضل اخ رشيد. رشيد: استاذ رائد اليوم يعود الطارف والتليد الى احد معادنه الا وهو الشعر ذلك الفن العتيق المتجدد على الدوام، بث فيه البشر مآثرهم ومراسيهم وهمومهم واشواقهم فكانت ابياتاً تختزل التاريخ ولازالت تترد اصداءها الى اليوم، ان الشعر ليس مجرد كلام موزون مقفاً له معنى انما هو معين لا ينضب من تاريخ الانسان حيثما كان، من خلاله تخلد الاحداث والابطال والفتوحات والاحلام، انا أسأل الاستاذ بشير الجزائري جزاه الله كل خير. الجزائري: وجزاك كل خير. رشيد: لم كانت علاقة التاريخ بالشعر وثيقة على مر العصور؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المحاور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اوجست واجدت اخ رشيد اذن تفضل. الجزائري: زاد الله فضلك، قد احيانا رشيد بأطلالته واحيانا ايضاً بكلماته الطيبات في وصف الشعر وذكره انه ليس كل منظوم هو شعر، كل ما جاء بألسنة الناس على انه شعر منه من يقرب من الشعر ومنه ما يكون شعراً ومنه ما ليس له اي صلة بهذا الشعر اما سؤاله الكريم الجميل جداً الذي احترمه كل الاحترام، مالعلاقة الوثيقة بين التاريخ او لم كانت علاقة الشعر بالتاريخ وثيقة؟ سيدي الشاعر معلم، الناس يتصورون ان الشاعر مجرد انسان يأتي على لسانه كلام فيقوله لهم. المحاور: يعني مؤرخ يومه. الجزائري: احسنت ولذلك انت سبقتني واحطت بكل ما اريد ان اقوله هو مؤرخ يومه وامسه وغده يعني حتى انه ليسبق زمانه، هو يقول اشياء وتأتي توقعاته في ايدي الناس مباركة وطيبة، هذا اذا كان ذلك الشاعر الممتلك تلك النفس الصافية التي اشرت اليها قبيل الفاصل الاول الذي ذكرته انت فعلى هذا الاساس يريد الشاعر لأهل زمانه ولأهل مستقبله ان يعرفوا ان كل ما يعيشونه وكل ما يمر بهم من بؤس وشقاء وسعادة وهناء وخير وشر وصدق وكذب ودنيا متقلبة. المحاور: وكل الاضداد. الجزائري: انما هي قد جرت في اول الزمان ومايعيشونه هو تكرار لذلك، هو نسخة ثانية او استنساخ كما يقول اهلنا في العراق (سلام الله عليه). المحاور: التاريخ يعيد نفسه. الجزائري: احسنت لا يقولون فتوكبي وانها للغة جميلة جداً هذه اللغة، على كل حال كل ما يحياه الانسان في يومه تكرار لأمسه وهو ايضاً استشراف لغده لهذا السبب كانت الصل وثيقة بين الشعر والتاريخ. المحاور: طيب استاذ بشير انت يعني اجبت الاخ رشيد من تونس وكان لدي تعقيب اذن لنعود الى ما بدأناه وبودي ان تجيبني بما يشفي غليلي على الاقل. الجزائري: انا اتمنى ان اشفي قلب سيدي الحبيب الرشيد اولاً لأن الاديب لا يمكن اقناعه بأيسر مايكون وقد يكون. المحاور: صحيح. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: صحيح، استاذ بشير نحن تحدثنا ان حقيقة الشعر حول الفن والفنان ثم تطرقنا الى من يستهزأ بالهنود ويستهزأ بالافارقة هؤلاء الاخوة الاعزاء في الخلق ان لم يكونوا في الدين وهم عبيد الله كما نحن فيستهزأون بهم لكي يضحكوا الاخرين ويسمون ذلك فناً وانت اشرت الى ان الشعر هو المؤثر في العاطفة والشعور الانساني والاحساس ويجعله ان يمتزج مع حتى يذهب الى عالم الخيال ويتصور ما يريد ان يتصوره هو فكل واحد منا ينهل من قصيدة مايريد معناها الذي يفسره بنفسه، سيدي الكريم اذن انا فهمت من كلامك ان الشعر لا يتحدث الى العقول بل يحدث العاطفة ويحدث القلوب. الجزائري: دقيق. المحاور: طيب عندما. الجزائري: ولكنه لا يحتمي من مخاطبة العقول، هو يمر بها مثلما يمر الماء بالاراضي المختلفة، يمر بأرض حلوة ويمر بأرض سبخة. المحاور: أليست هذه خدع؟ الجزائري: ليس خدعة. المحاور: يعني انا عندما اتلاعب بالكلام واعرف ضعفك انت المحب، عندما انا اعرف ضعف قيس وعندما اتلاعب بالكلام واصف له ليلى. الجزائري: انت اعجبتني بمرورك بقيس لا بغيره. المحاور: وعندما اتلاعب به حتى الرجل يسقط كورقة خريف ويغشى عليه، الا تتصور انني اخادعه؟ الجزائري: لا ابداً، انت في منتهى الكمال تمر بهذا الانسان فتخاطبه على قدر ما آتاه الله سبحانه وتعالى. المحاور: اذن أين تضع العقل استاذ بشير؟ الجزائري: العقل؟ هو السيد، هو السيد ولكن نحن ساعة نقدم الشعر نقدم التجربة للقلب حتى ان كثيراً من العاني السامية في تاريخ هذا الانسان من قديم وحديث انما هي خطاب للقلوب قبل العقول، لو كانت العقول هي الحاكمة المطلقة على ما تتفضل به لكان الناس كلهم بألف خير، كلهم الان يعرفون الحلال والحرام والحق والباطل، أليس كذلك؟ المحاور: نعم. الجزائري: والظلم والعدل والجميل وسواه لا اريد ان اسميه. المحاور: تذكرني بايليا ابو ماضي. الجزائري: احسنت. المحاور: استاذ بشير الجزائري يعني انا الحقيقة. الجزائري: انا ذكرته قبلك ولكن اسمح لي ان اقول "نسي الطين انه طين حقير فصال تيهاً وعربد". المحاور: استاذ بشير الجزائري انا بودي ان اتفهم بما ان الموضوع بالنسبة لي لطيف ان احدثك حتى خارج ما يجب ان نتفق عليه ونخطو خطواته. الجزائري: انت سلطان. المحاور: انا اشكرك الشكر الجزيل ولكن السؤال الذي عادة يشغلني "لا فن فوق الدين" هذا شعاري فالقرآن الكريم بعد اربعة عشر قرناً لازال فناً لو وصفناه كفن، لازال فناً رفيعاً يأخذ القلوب ولازال اخاذاً بها في المساجد ولازلت تسمعها ولا تملها، سيدي الكريم فلماذا نبخل على شاب هو يتلذذ ويذهب بعاطفته وقلبه عندما يسمع الى اغنية؟ ارجو ان تبقى معي يعني يبدو ان معي من العراق الاخ غزوان، الاخ غزوان سلام عليكم اهلاً بك. غزوان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المحاور: يا اهلاً وسهلاً يا مرحباً اخي العزيز. غزوان: تحية لك اخي رائد وحيا الله استاذنا العزيز اخانا ابو محمد. الجزائري: وحياك. غزوان: وايضاً نقول استاذ رائد يعني كما في اللهجة العراقية يعني "على كيفك ويه الاخ بشير الجزائري لأنه له قاعدة شعبية من المستمعين". المحاور: نحبه كما تحبوه واكثر. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: هو يدري نحن نحبه اكثر من اكثر الناس. الجزائري: والله لا اصون نفسي عن حبيبي. غزوان: الله يخليك استاذ رائد. المحاور: والله يخليك. غزوان: يعني كان لدي سؤالين اود ان اطرحهما بأختصار يعني لضيق الوقت. المحاور: تفضل. غزوان: السؤال الاول ما صلة الشعر بالثقافة العامة وكذلك هناك حقيقة الشعر فهناك من يقول حسب التاريخ الادبي بأن هناك مصطلحين للشعر، الشعر العربي والشعر عند العرب، ايهما اقرب من الاخر وايهما اسبق من الثاني؟ وتحياتي لكم. المحاور: السعر العربي؟ غزوان: والشعر عند العرب ايهما اقرب او ايهما اسبق من الاخر الشعر العربي ام الشعر عند العرب؟ الجزائري: الاول لم نسمعه جيداً؟ المحاور: يقول ماصلة الشعر بالثقافة العامة؟ الجزائري: آها. المحاور: والثاني هو الشعر العربي ام الشعر عند العرب ايهما اسبق؟ الجزائري: اكرمك الله. المحاور: طيب نبدأ من الاول، ماصلة الشعر بالثقافة العامة سيدي الكريم؟ الجزائري: الشعر اذا كان على صلة بهذه الثقافة كان قد ازداد توهجاً وجمالاً وبهاءاً وآنس من استمع اليه ومن سمعه وانت تعلم ان هناك فرقاً بين استمع اليه وبين من سمعه او استمع، استمع يعني هو مار في الطريق وسمع وتأثر، انت حتماً اذا مررت وسمعت:
افديه ان حفظ الهوى اوضيعا
ملك الفؤاد فما عسى ان اصنعا
يا ايها الوجه الجميل تدارك الصبر
الجميل فقد عفا وتضعضعا
انت حتى وان كنت مشغولاً بألف فكرة وفكرة تترك كل ذاك الرعيل من الافكار وتلتفت الى يا ايها الوجه الجميل تدارك الصبر الجميل. لماذا؟ لأنه قد مر على شغاف قلبك بل استوطن ذلك القلب برغمك وانت غافل فكيف بك اذا انتبهت، كيف بك اذا كنت ملتفتاً، هذا كما ترى هذا شاعر نطق من صميم قلبه زكياً صفياً سنياً لم تملئه فلسفة سقراط ولا افلاطون ولا ارسطو ولا ديكارت ولا باروخ سبينوزة ولا السيد مير داماد ولا الملا صدرا ولا الشهيد محمد باقر الصدر، انما الذي جاء فيه ذاك النفح الالهي الكريم الذي يجعل الكلمة تسير كالندى، كالندى الرقيق جداً، رقراق دعني اقول الذي يسلم على قلبك بأشذاء الصباح، اشذاء الفجر، بعطر الليل ليهيج ذلك القلب الى ان يذكر الله سبحانه وتعالى، اذا كان هذا الوجه هكذا فكيف بخالقه، كيف بصانعه، كيف يكون المرء ازاءه ساعة يراه او ساعة يكتبه الله. المحاور: وهذ كله يتأثر بالثقافة العامة للشخص يعني دعني استاذ بشير الجزء الثاني من سؤال الاخ غزوان ولكن قبل ان اذهب الى ذلك انت ذكرتني بهذه القصيدة، قصيدة هجينة من العراق عندما يقول:
ما بال من ملك الفؤاد بلحظه غض
الطرف من شاف روحي ابتلت به
الجزائري: هذا الملمع، يسميه العراقيون وهم السادة فيه بين اخوانهم العرب. المحاور: لاغبار عليهم، طيب سيدي الكريم الشعر العربي، من هو اسبق الشعر العربي او الشعر عند العرب؟ الجزائري: اذا سمح لي اخي ومعلمي الاستاذ غزوان ذكره الله بألف خير وجعله منتصراً ان شاء الله اعتقد ان التسمية لا مشاحة فيها يعني ليس هناك من جدال فيها، مسألة واضحة جداً الشعر وطبع العرب وهم اسبق الناس فيه وهم اروع الناس فيه، صحيح ان الناس غلبوهم في اخر الزمان لا في اوله، في اول الزمان هم غلبوهم، في اخر الزمان غلبهم غيرهم لأن هذا اخذ ينقل الشعر من القلب الى العقل كما انت اسرتني من قبل فصار يحكم عقله في شعره ويري الناس تجارب عقلية بألفاظ رقيقة نسميها شعرية، في اول الزمان ايضاً اذا كان هناك من سابق لهم فهو ذاك الذي روى اقاصيص الحياة التي عاشها بقصائد طوال ولعلك تذكر اليونان الذين اعنيهم انا بهذه العبارة فأذا قلت شعراً عربياً مثلما قلت شعر يوناني، الشعر اليوناني عريق والشعر العربي عريق واذا قلت الشعر عند العرب اعتقد انه اقل شأناً يعني مع انهما متقاربان، اقل شأناً كأنه شيء من الاشياء التي عند العرب بينما الشعر عند العرب هو كل شيء عندهم، ألم يقل الناقد العربي القديم وحتى غير العربي القديم الشعر ديوان العرب؟ المحاور: نعم. الجزائري: ألم يقل ديوان العرب ليس بمعنى الديوان اليوم يعني هو مجموعة القصائد وانما الديوان بالمعنى العربي الاصيل الذي يستوفي كل جوانب الحياة يعني كل مايمر في حياتهم. المحاور: يجمع العرب تحت خيمة واحدة. الجزائري: الثقافة، المثل والقصة والحكاية والتجربة والانساب والاحساب والكرم والجود والبخل الخ، كل ذلك موجود في هذا الديوان الذي نسميه الشعر. المحاور: يعني استاذ بشير الجزائري انت تعلم اني لم انته منك ومزاحمك وهذه مزاحمة طالب لأستاذه اذا لم ازاحمك فلن تتكلم وانا اعرف طبعك ولذلك انا سأبقى ازاحمك. الجزائري: متى زاحم القلب صدره. المحاور: نعم، دقائق حوالي عشر دقائق او تسع دقائق سوف نكون معكم وفي الفاصل كنا نتحدث عن الاخ العزيز فاضل المغسل و وصف جميل من الاستاذ بشير الجزائري، اذن دعونا نرحب بهذا الاتصال اخ فاضل المغسل من السعودية سلام عليكم اهلاً وسهلاً. المغسل: عليكم السلام اهلاً اخي رائد انا ادعوك ان تقدح الاستاذ قدحاً حتى تشتعل النار ونتدفأ قليلاً بنار الادب في فصل الشتاء. المحاور: الحمد لله طبعاً ان مؤيدك سأكون معك تفضل. المغسل: اتعبه فكلما اتعبته كلما اعطانا من جميل كلامه. المحاور: وهذا هدفي، تفضل. المغسل: سؤالي الى الاستاذ بشير الجزائري، سلام عليك استاذنا العزيز. الجزائري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المغسل: أين صارت حقيقة الشعر في ظل التحولات التي اعتمدت هذا الفن الجميل في العقود السبعة الاخيرة؟ وبودي انا لم استمع في الطارف والتليد الحديث عن المقامات، بودي ان يكون في الايام القادمة الحديث عن هذه المقامات حتى نستفيد من فيضك المبارك. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: اذن اخ فاضل دعني انا اعدك من نفسي لا اعلم الاستاذ بشير ان شاء الله هو دائماً كريم ودائماً يجيبنا، اذن دعنا نقول من الان ان البرنامج القادم يكون حول المقامات، استاذ بشير هل تعدنا بذلك ام لا؟ الجزائري: على ما تتفضلون. المحاور: اذن اخ فاضل في الحلقة القادمة لو كان لي حياة ان شاء الله سوف اكون في خدمتكم والاستاذ بشير الجزائري ازاحمه على طيلة هذه الفترة ونتحدث عن المقامات. الجزائري: رحم الله بديع الزمان الهمداني. المحاور: استاذ بشير قبل ان تذهب لتجيب على اي صارت حقيقة الشعر لدي اتصال هاتفي اخر ايضاً من اخ عزيز من طهران السيد رحيم الحسيني من طهران سلام عليكم. الحسيني: سلام عليكم وتحياتي لكم، اشكركم على برامجكم الجيدة. الجزائري: اكرمك الله سيدي. المحاور: يا اهلاً وسهلاً. الحسيني: نزاحمكم بسؤالين الحقيقة، سؤالي الاول قصير جداً هل ان الفن الادبي الان في حالة تطور ام في حالة سكون ولماذا؟ والسؤال الثاني هل ان الاديب الان يملك الحرية في البلدان العربية ليستطيع ان يطور الفن الادبي الذي هو غذاء وتراث للانسان وغذاء روحه ايضاً؟ والسلام عليكم. المحاور: شكراً، اذن هل الفن الادبي هو في حالة تطور ام في حالة افول؟ والسؤال الثاني لا اعلم استاذ بشير اذا كان في مجالك او لا، هل الاديب يملك الحرية؟ دخلنا الى السياسة. الجزائري: والله الدنيا اليوم دنيا السياسة ونحن فررنا منها لنقول كلمة الله سبحانه وتعالى في رقة القرآن الكريم الذي هو ايضاً من جانب آخر نبع السياسة. المحاور: استاذ بشير الحقيقة انا ارى شتان ما بين تعريف السياسة عند اليونان والسياسة اليوم، على كل حال الاخ فاضل المغسل بداية أين صارت حقيقة الشعر في ظل التحولات التي اعترت هذا الفن في العقود السبعة الاخيرة؟ الجزائري: احسنت يعني من الاربعينيات الى الان، يعني من ظهور ما يسمى الشعر الحر، من ظهور ما يسمى الشعر المرسل، الشعر المرسل هو الكلام الذي كان المرحوم الدكتور طه حسين يكتب به، اذا نظر ناظر من اولي البصائر في كتب الدكتور طه حسين يكاد يجد كل النثر الذي كتب به موزوناً وهو في غاية الجمال وانا اوثر هذا النثر على كل نثر اخر على انه لا يتصنع فيه وانما هو نثر مطبوع واضح لكل من عرف العربية ومن لم يعرفها حتى من تعلم اولياتها اذا قرأ طه حسين احس بالجمال في كلامه وهو موزون لكنه غير مقفا هذا يقال له الشعر المرسل والشعر الحر كما انت تدري المعركة دائرة بين ان يكون المرحوم بدر شاكر السياب مبتكره والجائي الاول به وبين الدكتورة نازك الملائكة رحمة الله عليها الاستاذة الجامعية القديرة وبين الاستاذ احمد عبد المعطي الحجازي الشاعر المصري الشهير وبين من يذهب الى ان هذا اصلاً لم يكونوا هم مبتكريه وانما هو كان في زمن بعيد جداً حتى من اخريات القرن التاسع عشر بل ربما في اوساط القرن التاسع عشر، كان يخرج في صور شتى ولاسيما عند العراقيين لأني كما قلت لك وليس هذا بدعاً ولا فخراً اريد ان انسبه للعراقيين انما هو سجية عرفوا بها، هم اسبق اخوانهم العرب في الشعر وهم امهرهم في هذا واليوم لو استمعت الاهازيج العراقية لوجدت شيئاً في غاية الجمال عند اولئك الذين لايقرأون ولايكتبون وهم يقولون الشعر الذي نسميه الشعبي. على كل حال انا اريد ان اقول لسيدي المغسل فاضل (سلام الله عليه) ربما سكب كثير من الناس من حامض الكبريتيك المركز على هذا الشعر وجعلوه ذائباً في H2SO4. المحاور: يتلوى. الجزائري: يتلوى واذابوه وربما ترحم عليه قوم وربما لم يترحم عليه اخرون، هذا هو شأنهم، هناك شعر جميل جداً ظهر وتجدد ولا ننسى سيدنا وحبيبنا ابن البصرة والعمارة سابقاً ولا حقاً السيد احمد مطر. المحاور: حفظه الله ورعاه. الجزائري: الذي. المحاور: سمعت انه الان يعاني من وعكة او مرض واقلقنا ذلك جداً. الجزائري: عافاه الله عافاه الله، ذاك الرجل قدم لنا صوراً جميلة جداً من الشعر الذي نفخر انه هو رمز الشعر العربي الجديد. المحاور: وكذلك الاستاذ مظفر النواب ايضاً. الجزائري: ومظفر النواب الذي قد سبق احمد مطر ولكل منهما نكهة خاصة به ولكل ورد رائحة. المحاور: طيب استاذ بشير والوقت يعني يداهمنا اذن في الحلقة القادمة سوف نتحدث عن المقامات، انت عاهدتنا بذلك ولكن بقي الاخ عبد الرحيم الحسيني. الجزائري: يعجبني ايثارك للمغسل. المحاور: نعم على كل حال لأنه عاضدني على الاقل، هل ان الفن الادبي هو في حالة سقوط، افول ام في حالة تطور؟ الجزائري: والله عند قوم في افول وعند قوم في ارتفاع، اقول لك بصريح القول وهذا ايضاً مرة اخرى ارجو ان لا يتصورن متصور ان هذا مدح لأحد او ثناء عليه وغمط لحق احد لا، الشعر في العراق الان يتوهج بكل صوره واساليبه، فصيحه وعاميه، شعبيه وخاصه الذي هو عند الشعراء الكبار او حتى عند اولئك الناهضين تواً من العراقيين، يقدمون لنا صوراً تبهر العقل، تبهر القلب، تجعل الانسان حائراً فيها يقول سبحان الله هذا ابن العشرين سنة من اين جاء بهذه الصور الجميلة اذا كان بالفصيح واذا كان في العامية اذن هو في بعض البلاد العربية التي نالت شيئاً من الحرية والكرامة اخذ يتألق وفي بلدان اخرى تغمطه وتكمم فمه كل التكميم وتكبل يده كل التكبيل، لا يمكن ان ينهض. المحاور: دعنا نخطو خطوة نحو السياسة ايضاً، بالعكس انا اتصور ان الان في العالم العربي الاصم هو يواجه خطراً اكثر ممن يقول فمن يقول هو معلوم للحكومة اما الاصم فيخفي في داخله لربما يخشون مما يخفيه. الجزائري: احسنت احسنت. المحاور: انا اشكرك استاذ بشير الجزائري واشكركم مستمعينا الافاضل على حسن المتابعة اتمنى ان القاكم دائماً من خلال هذا المنبر، في امان الله وحفظه.
*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة