وأوضح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ في بيان قدمه لرئاسة مجلس الأمن خلال جلسة اليوم حول (الإجراءات المتعلقة بالألغام) أن الحرب الإرهابية التي شنت على سوريا خلال السنوات الماضية خلفت آثاراً كبيرة على مختلف مناحي حياة السوريين، لافتاً إلى أنه رغم تحرير سوريا مساحات واسعة من أراضيها من الإرهاب إلا أن الخطر لا يزال يطال أرواح مواطنيها بشكل يومي جراء وجود بقايا التنظيمات الإرهابية في بعض المناطق ووجود مساحات واسعة من الأراضي التي زرعتها تلك التنظيمات بكثافة بمختلف أنواع الألغام والعبوات المتفجرة بدائية الصنع خلال فترة سيطرتها السابقة ما يؤدي إلى إزهاق أرواح آلاف المدنيين بمن فيهم الأطفال من العائلات العائدة إلى مناطقها ومنازلها بعد تحريرها من الإرهاب.
وأشار صباغ إلى أن سوريا وضعت مهمة حماية مواطنيها من الألغام والمخلفات المتفجرة في مقدمة أولوياتها وبذلت جهوداً كبيرة للتوعية بمخاطرها وإزالتها ومساعدة ضحاياها، حيث قامت الفرق المعنية في الجيش السوري بدعم من الجانب الروسي بتنفيذ خطط عاجلة لإزالة الألغام من العديد من المناطق المحررة، كما قدمت أرمينيا دعماً لسوريا في هذا المجال إلا أن تلك الجهود واجهت تحديات كبيرة فرضها اتساع رقعة المناطق الملوثة بالألغام ونقص المعدات الفنية والآليات المتطورة ذات الصلة وقلة الموارد المالية إضافة إلى الآثار السلبية الناجمة عن الإجراءات القسرية الغربية الأحادية المفروضة على الشعب السوري.
وبين صباغ أن سوريا وقعت في الرابع من تموز عام 2018 اتفاقاً رسمياً مع دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (أونماس) بهدف الاستفادة من خبراتها وتأمين الدعم المادي والتقني المطلوب لتطهير المناطق الملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة وتنفيذ برنامج توعية بمخاطرها واستقبلت مراراً أغنيس ماركايو مديرة (أونماس) وفريقها حيث جرى بحث التعاون المشترك وسبل تعزيزه وقدمت سوريا كل التسهيلات اللازمة لعمل (أونماس) على أراضيها.
ولفت صباغ إلى أن سوريا قامت بالتعاون مع عدد من وكالات الأمم المتحدة المختصة مثل اليونيسيف و(أونماس) والمنظمات الدولية الأخرى بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والشركاء في العمل الإنساني ببذل جهود كبيرة لتنظيم حملات التوعية للسكان لرفع الوعي بمخاطر مخلفات الذخائر غير المتفجرة والألغام والأشراك الخداعية وتدريب وإعداد الميسرين من الجنسين ومن مختلف الأعمار وإطلاق حملات إعلامية شملت توزيع نشرات توعية وتوجيه رسائل نصية هاتفية ورسائل في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي واللوحات الإعلانية الطرقية.
وأوضح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة أن العمل الميداني الفعلي لإزالة الألغام في سوريا بقي دون المستوى المطلوب جراء العراقيل الكبيرة الناجمة عن ربط الدول الغربية أي مساعدات في هذا السياق بشروط سياسية لا تنسجم والطابع الإنساني لعمليات إزالة الألغام وإحجامها عن توفير الموارد المالية والتقنية المطلوبة لإنجاز عملية إزالة الألغام والذي يمثل تسييساً غير مقبول يزيد من أعداد الضحايا ويعرقل العودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين إلى مناطق إقامتهم.
وأشار صباغ إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تعمل بصفتها المنسق الوطني لجهود الحكومة السورية لشؤون التنمية الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة على تنسيق الاستجابة لاحتياجات ممن تضرروا من الألغام وفقدوا أطرافهم أو تعرضوا لإعاقات جسدية أو تشوهات كما تقوم وزارة الصحة بجهود كبيرة لتوفير الرعاية الصحية لهم، مبيناً أن سوريا أقرت جملة تشريعات وتدابير لتيسير حصول هؤلاء على فرص التعليم والعمل والرعاية الصحية المناسبة.. وتوفر حالياً اثنا عشر مركزاً تابعاً للحكومة والجمعيات الأهلية الأطراف الصناعية والرعاية الطبية المجانية لضحايا الألغام في مختلف المحافظات إلا أنه رغم أهمية هذه الإجراءات والجهود فإن هناك نقصاً كبيراً في لوازم الاستجابة ومعدات الرعاية الطبية بما فيها الأطراف الصناعية.
وجدد صباغ مطالبة سوريا برفع الإجراءات القسرية الغربية أحادية الجانب المفروضة عليها وتوفير الدعم الدولي والموارد المالية والتقنية اللازمة لنزع الألغام ولتنفيذ برامج العمل المتفق عليها مع (أونماس) ومن ضمنها بناء القدرات السورية بعيداً عن التسييس والمشروطية والانتقائية وبالتنسيق المباشر مع الحكومة السورية.