فقد اغتالت القوات الامريكية المتواجدة على ارض العراق وبأمر من الرئيس دونالد ترامب شخصية عسكرية عراقية مع ضيف دولة العراق الذي دخل في زيارة لبغداد وضمن برنامج محدد من قبل الحكومة العراقية، حيث كانت اول فقراته لقاء مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي صباح اليوم الذي نفذت فيه الجريمة الارهابية وبطريقة بشعة.
وعندما اذيع نبأ الاغتيال ، وقف العراقيون الغيارى مذهولين لهول المصاب الذي حل بهم وكان الكثير منهم لم يقبل ان يصدق بهذا الخبر المشؤوم... مستفهما كيف لدولة تدعي الديمقراطية وتعتبر نفسها حليف للعراق وقواتها متواجدة في هذا البلد تحت غطاء مكافحة الارهاب وبالتالي هي تمارس ارهاب دولي تتجاوز فيه كل الخطوط الحمراء وجميع الاعراف والقوانين الدولية والاخلاقية ، واذكر الاخلاقية هنا انطلاقا من الطبيعة الاجتماعية التي يتميز بها الشعب العراقي ويعطي المعايير الاخلاقية اهمية كبيرة بعيدا عن المواقف السياسة وغيرها من الاعتبارات التي تعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
ولو كانت جريمة اغتيال قادة النصر نفذت في دولة اخرى قد تكون اقل وقعا على العراقيين، ولكن بما انها حصلت على ارضهم واستهدفت ضيفهم "قاسم سليماني" مع ابن العراق البار "ابو مهدي المهندس" وهما شخصيتان عرفهما العراقيون بالوفاء والاخلاص والتضحية والدفاع عن كرامة العراق، حيث حققا اعظم انتصار على اعتى واشرس تنظيم ارهابي مدعوم من دول استكبارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ، كل هذه العوامل جعلت للحدث خاصية مميزة وحفر في ذاكرة العراقيبن "ان لا امان ولا مواثيق ولا اعراف ولا قانون تلتزم بها ادارة البيت الابيض".
من هنا جاء الرد والاستنكار من كافة شرائح المجتمع العراقي ورسخت لدى العراقيين ان "امريكا العدو الاول للعراق... وكل مصائب العراق مصدرها امريكا".
ولهذا تجد الخطوة الاولى من الرد العفوي للشعب العراقي ومعه اغلب الشعوب العربية والاسلامية، هي تخليد ذكرى شهادة قادة النصر.
فقد شهدت العاصمة بغداد مسيرة ضخمة عشية الذكرى السنوية لاستشهاد قادة النصر، حيث اتجهت نحو المكان الذي نفذت فيه امريكا جريمتها الارهابية التي لم يكن لها مثيل في تاريخنا المعاصر.
لقد تحركت الجماهير العراقية نحو شارع مطار بغداد الدولي لتشكل تجمع بشري كبير في نفس التاريخ وعلى نفس المكان الذي نفذت فيه القوات الارهابية الامريكية جريمتها النكراء، لتقول هذه الحشود كلمتها الفصل "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل" وذلك عند المكان الذي اريقت فيه دماء الشهداء الابرار اللواء قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهم رضوان الله عليهم جميعا.
وشاهدنا من بين هذه الجموع وعلى غير ما هو معتاد في مثل هذه المسيرات هناك عوائل جاءت بكاملها مع اطفالها لتشارك في احياء هذه الذكرى، الامر الذي يدلل على مدى التفاعل الجماهيري العفوي مع الذكرى التي ستخلدها الاجيال القادمة.
واليوم شهدت ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد تظاهرة مليونية بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد قادة النصر وهي ترفع صور الشهيدين وتردد شعارات "كلا كلا امريكا.... كلا كلا اسرائيل" و"كلا كلا ارهاب... كلا كلا عملاء". وبالطبع كل شعار يحمل في طياته الكثير من المعاني والمفاهيم والدلالات.
الجدير بالذكر كل هذا حصل امام الانظار وعدسات القنوات الفضائيات، والغريب ان يخرج علينا الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتغريدة يقول فيها: "ان العراقيين يحتفلون في ساحة التحرير ابتهاجا بمقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس" حسب زعمه.
وينشر ترامب ايضا مقطع تصويري معد مسبقا للجوكرية في ساحة التحرير... أي دجل هذا يا ترامب؟
ما حصل في ساحة التحرير وسط بغداد هذا اليوم ورغم الظروف الامنية والصحية التي يمر بها العراق فانه مشهد تكرر في اغلب المدن العراقية حيث نفذت الجماهير العراقية فعاليات مشابهة لما جرى في العاصمة بغداد لإحياء الذكرى السنوية الاولى لإستشهاد قادة النصر ورفاقهما.
كذلك شهدت مناطق وبلدان اسلامية اخرى وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية الايرانية نشاطات واسعة لإحياء الذكرى السنوية لاستشهاد قادة النصر.
كل هذه المشاهد والتحركات الجماهيرية التي حصلت بعفوية تامة لم تأتي من فراغ بل هي تعبير عن ايمان راسخ بخط الشهداء اصحاب الذكرى وعرفانا منها لكوكبة شهداء جريمة مطار بغداد الدولي.
ومن هنا نقول لكل الشامتين واعداء الاسلام والعدالة والانسانية ان امة تخلد شهداءها، وتمتلك القدرة على تحويل الشهادة الى انتصار لا يمكن لاحد ان يهزمها ابدا... "ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب".
جابر كرعاوي