حارَتْ في مَلَكُوتِكَ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفْكيرِ، فَتَواضَعَتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِكَ، وَعَنَتِ الْوُجُوهُ بِذِلَّةِ الْاِسْتِكانَةِ لَكَ، وَانْقادَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِكَ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِكَ، وَخَضَعَتْ لَكَ الرِّقابُ، وَكَلَّ دُونَ ذلِكَ تَحْبيرُ اللُّغاتِ، وَضَلَّ هُنالِكَ التَّدْبيرُ في تَضاعيفِ الصِّفاتِ، فَمَنْ تَفَكَّرَ في ذلِكَ رَجَعَ طَرْفُهُ اِلَيْهِ حَسيراً، وَعَقْلُهُ مَبْهُوتاً، وَتَفَكُّرُهُ مُتَحَيِّراً.
اَللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مُتَواتِراً مُتَوالِياً، مُتَّسِقاً مُسْتَوْسِقاً، يَدُومُ وَلا يَبيدُ، غَيْرَ مَفْقُودٍ فِي الْمَلَكُوتِ، وَلا مَطْمُوسٍ فِي الْعالَمِ وَلا مُنْتَقِصٍ فِي الْعِرْفانِ، وَلَكَ الْحَمْدُ فيما لا تُحْصى مَكارِمُهُ فِي اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ، وَفِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، الْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ، وَالظَّهيرَةِ وَالْاَسْحارِ.