بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَنْ أحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَيَ اللّه وَ عَمِلَ صَالَحًا وَ قَالَ إنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) -سوره فصلت آيه 33
انتقالُ العالم الرّبّاني سماحة آية الله إبراهيم أميني إلي جوار ربّه في الليلة الأولي لشهر رمضان المبارك، يدلّ علي أنه في ضيافة الله حقّاً وما هو أفضل منها؟ لأنه ضيف الرحمان و في لقاء الله، أمل يتمنّاه العرفاء و لذلك تقول الآية الشريفة:
(مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّه فَإنَّ أَجَلَ الله لآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعلِيمُ) – العنكبوت : 5
آية الله ابراهيم أميني ذو الكفاءَة وله شخصية متعددة الجوانب، تنقسم حياته إلي ثلاثة محاور:
اولاً : المحور العلمي
ثانياً : المحور السياسي والاجتماعي
ثالثاً : المحور المعنوي والعرفاني
حياة آية الله أميني العلمية ..
له مؤلفات كثيرة و كتب عديدة منوعة ممتعة أشهرها هي التي صنفها بابسط اللغات وأسهلها لملايين من طلبة المدارس الإبتدائية و الثانوية، وعمله هذا يشبه تمامام بكتاب صنفه العلامة الطباطبائي في مجلدين وسمّي الأول منهما بـ : العقائد الدينية، و الآخر بـ : الأخلاق و الأحكام.
قبل الثورة الاسلامية، آية اميني ألّف كتاباً يحمل عنوان : «ناشر العدل في العالَم» ردّا علي الشّبهات و القضايا الخاصة بالمهدويّة وكذلك فيما يتعلق بالتّعرف علي مقام الامام الثاني عشر الحجة المنتظر «عج»، و كان هذا الكتاب ولايزال يدرس في الحوزة العلمية وصدرت له طبعات عديدة.
وما تُرك المرحوم اميني من كتب، أُلفت تلبية لضرورات العصر، خاصة تلك التي خصصت للرد على تساؤلات الجيل الشاب، والتي حرّرها بعبارات بسيطة تخدم كافة الناس.
المحور السياسي و الاجتماعي
بشأن الحياة السياسية والإجتماعية لآية اللّه أميني نشير إلي بعض المناصب التي شغلها، ومنها خطيب الجمعة في قم المقدسة وعضويته في مجلس خبراء القيادة ومجلس تشخيص مصلحة النظام وكذلك العضوية في لجنة تعديل وتنقيح الدستور و رحلاته التروية والدعوية في انحاء البلاد وخارجها ومرافقته الامام الخميني (رض) منذعام 1962 و مشاركته في تأسيس جماعة مدرسي الحوزه العلمية بقم المقدسه و ذلك قبل الثورة الاسلامية، و تعزيز أمر مرجعية الإمام الخميني (ره) بعد رحيل آية الله العظمي السيد محسن الحكيم، و سفرة الي طهران برفقه رجال الدين حماية للامام الخميني من كيد الكيان البهلوي البائد الذي كان قد حُكم عليه بالاعلام، وخلاصة القول أن المرحوم آية الله اميني (ره) بذل جهودا مكثفة مشرقة في سبيل الله في حياته السياسيه و الاجتماعيه.
و كانت لخطبه من منبر صلاة الجمعة صدي واسع في المجتمع، فكان قد كرس دعوته الي الله تعالي وكان يؤكد في عباراته علي الأسس الأخلاقيه دوما، و تجدر الاشاره الى أن الحوزة العلمية فقدت برحيله أحد اكبر اساتذة الأخلاق الاسلامية.
آية الله اميني (ره)، كان سليم النفس يدعو الي تعزيز الوحدة في المجتمع وكان من أساطين الثورة الاسلامية المباركة، و من هواجسه أنه كان يسير علي منهج الإمام الراحل (ره) والسيد القائد (حفظه الله)، و لم تكن له مواقف بنّاءة مبدئيّة وعادلة إزاء الذين كانوا بصدد بثّ الفرقة والنفاق في المجتمع فحسب، وانما كان يصمد بوجههم وفي نفس الوقت لم يخرج عن حدود العدل والتقوي. ولنا في هذا الصعيد نماذج كثيرة نكتفي بهذا القدر فقط.
حياة آية الله أميني المعنوية والعرفانية
لم يُذكر عن حياة آية الله اميني المعنويّة و العرفانية إلّا شيء يسير نادر، و لذلك أنني اركز علي هذا الوجه من مراحل حياته الشريفة لأن مشاهدة سلوك العلماء الكبار تؤثر في حياة المجتمع أخلاقيا.
آية الله أميني (ره) دخل الحوزة العلمية بقم المقدسة في سنة 1947 (1326 هـ .ش) و تتلمذ علي أساتذة كبار مرموقين مثل المرحوم آية الله حاج رحيم أرباب وآية الله سلطاني الطباطبائي و آية الله بهاءالديني و آية الله مجاهدي، وايضا المراجع العظام مثل آيه الله مرعشي النجفي و آية الله محمدرضا الكلبايكاني والعلامة الطباطبائي والامام الخميني وآية الله البروجردي.
ولكل من هذه الشخصيات العلمية في قم المقدسة كانت آنذاك مكانة مرموقة ممتازة لدي الشعب الايراني فآية الله أميني (ره) تأثر بهم و لكل من هؤلاء العلماء الكبار، دور في ارتقاء شخصيته الاخلاقية.
قبل نفي الامام الراحل إلي النجف الاشرف، كان آية الله أميني يشارك في محاضرات الامام الخميني المشهورة بـ : (درس الاخلاق)، ثم تابع محاضرات سماحته في الفقه و الاصول، ثم كان مهتما بالمشاركة في دروس العلامة الطباطبائي العامة منها و الخاصة، اي الصفوف أو الدروس التي تركت آثاراً فذة نادرة في تشكيل شخصية آية أميني المعنوية العرفانية.
إعجاب آية الله أميني بشخصية العلامة الطباطبائي
آية الله أميني كان في المعجبين بشخصيته العلامة الطباطبائي بحيث لم يترك محاضراته من أولها الي آخرها و بما أن هناك تغييرات في مراحل دروس الطلبة داخل الحوزة من حيث تغيير الأساتذة، وتتلمذهم علي اساتذة آخرين، ولكن آية الله أميني كان يري أن الاستفادة من محضر العلامة الطباطبائي، من عنايات الله بالنسبة اليه، إذن كان يشارك في حلقات درس العلامه منذ البداية الي النهاية حتي في العطلات الدراسيّة و في حقبة مرض العلامة، كان بينه و بين العلامه علاقات وطيدة يستفيد منها في تلك الفرص السانحه له.
من عادات آية الله أميني الجميلة أنه كان مهتما بقراءة الزيارات و الادعية المأ ثورة لأهل البيت عليهم السلام ، إذن في كل فرصة سانحه له كان يستفيد منها لهذه المبادرة الطبية .
بقلم : مرتضي نجفي قدسي