البث المباشر

المعرفة الحسينية واهتداء نيكولاس اليوناني

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:29 بتوقيت طهران

السلام عليكم ايها الأحبة…. قبسة من خصائص المعرفة الحسينية نستنير بها في لقاء اليوم من هذا البرنامج ثم نتعرف على تأثيرها العميق في قلب طالب جامعي يوناني درس الفلسفة في الجامعات اليونانية ثم وجد فلسفة الحياة الحقة في ملحمة عاشوراء الحسين(عليه السلام) تابعونا على بركة الله. 

كلنا يعلم، أيها الإخوة، أن العلم نور، والنور من شأنه هداية الناس ومعرفة الحق، وهو سبب مهم في سلوك الطريق إلى الله تبارك وتعالى.
ويكفينا في كشف حقيقة ذلك أن نقرأ هذه الروايات الثلاث:
الأولى: قول رسول الله(صل الله عليه وآله): "من ازداد علما ولم يزدد هدى، لم يزدد من الله إلا بعدا".
الثانية: قول أمير المؤمنين(عليه السلام):"العلم أفضل هداية".
أما الثالثة: فقول الإمام علي(عليه السلام) أيضا:"بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يطاع الله ويوحد، وبالعلم توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال والحرام. والعلم إمام العقل والعقل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء".
 

وإذا كان لابد للناس من إمام هاد لهم، فلا بد– فيما يشترط فيه – أن يكون عالما، بل أن يكون أعلمهم، ليأخذ بأيديهم إلى سبيل الخير والصلاح والصواب. ومن هنا كان تعريف الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام للإمامة والإمام في بعض عباراته الشريفة: "إن الإمامة خلافة الله، وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله، ومقام أمير المؤمنين عليه السلام، وميراث الحسن والحسين عليهما السلام.

الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم.. إن العبد إذا اختاره الله عز وجل لإمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع سأل حكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولايحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته البالغة على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم".
هذه الصفات والمزايا الجليلة - أيها الإخوة الأحبة – لم تنطبق ولن تتحقق إلا في أهل البيت النبوي الطاهر، ومن هنا كان هذا البيت القدسي مصدر هداية ورحمة عمت الدنيا، وأحد أشخاص بيت رسول الله، أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه، فشعت حياته الطيبة بالأنوار الإلهية الهادية إلى العقائد الحقة، والتقوى الصالحة الرفيعة، والأخلاق الفاضلة الزاكية الكريمة، والمعاني الإنسانية السامية، وعلوم الشرائع السماوية من كل تحريف وتشويه، فكانت الهدايات، وكانت العبادات، إذ كان الإمام الحسين سلام الله عليه منارا في المعارف جميعها.

كتب الأستاذ محمد رضا المصري في مؤلفه (الحسن والحسين سبطا رسول الله) معرفا بالإمام الحسين عليه السلام: هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلم المهتدين، ورجاء المؤمنين).
أجل، عقدت عليه الآمال، إذ هو أعلم أهل زمانه، كما أقر أصحاب السير وأهل تراجم الرجال، فهو الذي يكون لهم معين المعرفة والفهم، وهو الذي يعلمهم ما ينجون به ويفوزون، وهو الذي يدلهم على الصراط المستقيم، والسبيل الحق القويم..

وهو الذي يكشف الحقائق، ويشوق في الطاعات، ويجيب على كل مشكل وسؤال، ويرفع كل حرج وحيرة، ويبدد كل غبش وظلام، عليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأتم السلام.
إخوتنا الأعزة الأكارم..

لو أبحرنا في آفاق المعارف الحسينية النيرة، لوجدنا فيها عالما من البلاغة المعنوية، مقرونة بالبلاغة اللفظية، حتى انها تنساب إلى القلب انسياب الماء في النهر قد انطوت فيها أصول الحقيقة، وتزينت بالبلاغة الجميلة، والأسلوب السهل الممتنع، حتى أصبحت راشدة إلى سبيل الحق، مشوقة إليه، هادية إلى سعادة الدنيا والآخرة وعزهما.


وكان للدم الحسيني الزكي أعظم الأثر في إيصال معارف الهداية الحسينية النقية الى القلوب الطالبة للهدى أيا كان موطنها، وهذا ما تشهد له تجارب الكثير من المهتدين بسيد الشهداء(عليه السلام) عبر الدهور ومنهم نيكولاس اليوناني الذي نحكي لكم قصته في هذا اللقاء طبقا لما جاء في موقع صحيفة (الإنتقاء) اللبنانية، فكونوا معنا.


نيكولاس صاحب الأعوام الأربعة والعشرين يوناني لازال يعيش في بلده بعد أن إعتنق الإسلام سنة عشرة والفين للميلاد، ومن ذلك يجتهد في تعلم العربية والقرآن الكريم لايصده عن ذلك بعد المسافة وإختلاف اللسان بعد أن ملأ الحسين قلبه بحب الإسلام..

يقول نيكولاس الذي إختار بعد إسلامه إسم(حسن): كان لمادة الفلسفة التي إخترتها عنوانا لدراستي الجامعية السهم الأكبر في بلورة إهتمامي بالإسلام.. لقد أحسست ببعد عن سبل التعبد الأخرى التي تحررت منها لأختار الإسلام..

الدين المكمل للديانات وخاتمها ومحط العودة الى هوية الإنسان والتوافق مع الحقيقة... لم أنظر يوما الى عاشوراء كحادثة تاريخية، بل رأيت فيها سردا لقوة التاريخ، فوقائع عاشوراء تفرض على قلب كل مؤمن وقفة ما، إنها سبيل لتحرير الإنسان من قيود المآسي...
ونبقى مستمعينا الأكارم مع طالب الفلسفة نيكولاس أو حسن اليوناني بعد إسلامه وهو يحدثنا عن ما فاز به ببركة الإهتداء بالملحمة العاشورائية، قال: لقد أدركت أن الحسين والذين توجهوا معه الى أرض كربلاء كانوا على علم بما ستشهد تلك البقعة الطاهرة من ظلم وسبي وسفك دماء..

وكان بمقدورهم تفادي ذلك.. غير أن إصرارهم على المواجهة جاء لتفادي حصول ما هو أسوء فبذلو ما بذلوه من تضحيات لننعم نحن اليوم بدين الإسلام، إذ لم يكن للحسين عليه السلام وأصحابه ملجأ في أرض الطف ولا هدنة مع الظالمين لم يكن أمامهم سوى خيط رفيع يفصل بين الحياة والشهادة...

إن جل ما يؤثر بي من مراسم عاشوراء منذ إعتناقي الإسلام هو الحداد فهذه المراسم تجمع بين الألم والفداء وطهارة الفكر.. إنها لاترمز فقط الى الشهادة.. بل فيها إعتزاز وفخر بالحياة الحسينية التي تقتلع الظلم من جذوره، وفيها قمع للإضطهاد، لأنها تعزل الحياة عن مفهوم العدالة المدنسة.
ويواصل هذا المهتدي الى فلسفة الحياة الكريمة ببركة الملحمة الحسينية تعريفه بما إستلهمه من القيم العاشورائية قائلا: إن يوم عاشوراء كتب في تأريخ البشرية الى الأبد، فالإمام الحسين عليه السلام لم يبذل مهجته يوم العاشر من المحرم ليكون مثلا لمن قاسى المآسي، بل فعل ذلك من أجل الوجود الإنساني ككل..

ولذلك عززت وقعة عاشوراء في نفسي الثقة بالإسلام الحقيقي الذي أنزله الله من أجل الإنسان.. وسيبقى الإسلام الدين الذي ينشد العدالة والحرية للإنسانية... إن تعمقي في فكر كربلاء جعلني أدرك أن المفهوم الحقيقي للجهاد متجذر في الاسلام.

فعاشوراء الحسين تقوم على مبدأ الجهاد الذي تحيا به الأمة والذي يشكل ركنا في الصراع ضد أي مظهر من مظاهر معاداة الإنسانية والإستبداد..

ومجرد أن يضع الأنسان روحه بين الحياة والموت من أجل الآخرين ومن أجل إثبات الحق، كما فعل الإمام الحسين يوم عاشوراء، ففي ذلك كرامتنا وجوهر حياتنا الذي لن يسلبه منا شئ... .
كانت هذه أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران بعض كلمات حسن(نيكولاس) الطالب الجامعي اليوناني الذي إعتنق الإسلام وعرفه الدين الحق ببركة الملحمة الحسينية وقد قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج(بالحسين إهتديت). تقبل الله منكم جميل المتابعة والى لقاء مقبل نستودعكم الله بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة