بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم واهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، وقد أنهينا بعون الله حتى الآن تفسير 99 آية من سورة الأنبياء المباركة.
وفي هذه الحلقة تفسير لآيات أخرى منها ونبدأ بالآية المئة وهي قوله تعالى:
لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ﴿١٠٠﴾
الآيات السابقة لهذه الآية تحدثت عن أوضاع المشركين والكفار يوم القيامة يوم الوفود على رب الأرباب ويوم الحساب والجزاء، وفي هذه الآية إشارة إلى ما يصيبهم من حسرة وندم وهم في النار، منها تتعالى أصواتهم طالبين الخلاص، لكن أنى لهم ذلك وما يصيبهم هو حصاد ما كسبت أيديهم.
ويفيدنا هذا النص أن النار مكان لا تسمع فيه إستغاثة الإنسان وفي هذا عذاب الروح فضلاً عن عذاب الجسد.
ويقول جل جلاله في الآيتين الأولى والثانية بعد المئة من سورة الأنبياء:
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴿١٠١﴾
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴿١٠٢﴾
وفي هذا النص إشارة إلى أوضاع أهل الجنة، حيث أنهم في ظلالها الدارفة يحيون الحياة الطيبة ذلك بما وعدهم الله وأن وعد الله حق.
نعم.. في جنات النعيم يرفل المؤمنون بأثواب السرور والحبور وفي الجنة تغدق على الإنسان المؤمن المواهب الإلهية، وتلبى له كل ما تشتهي نفسه، ذلك بما فعلوا فنعم عقبى الدار.
إن أهل النار فيها خالدون وإن أهل الجنة فيها خالدون، وشتان ما بين الخلودين.
وإليكم الآن الدروس المستفادة من هذا النص القرآني الكريم فهي:
- إن الله تبارك وتعالى هو الرؤوف الرحيم، برحمته الواسعة يمن على بعض أهل النار فينقلهم إلى الجنة، لكن العكس لا يحدث فلا يدخل من أهل الجنة النار أبداً لأن الجنة للمؤمنين والنار للكافرين.
- إن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى.
والآن نستمع إلى قوله تعالى في الآية الثالثة بعد المئة من سورة الأنبياء:
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿١٠٣﴾
إن أهوال يوم القيامة عظيمة بيد أن الخوف في ذلك اليوم لا يستولي إلا على الكافرين والضالين.
والمؤمنون في يوم القيامة يدخلون الجنات فرحين بما آتاهم الله من فضله تحف بهم الملائكة وذلك هو الفوز العظيم.
ويستفاد من كلام أميرالمؤمنين (ع) الحث على لزوم الطاعة، طاعة الله والترغيب فيها فمن كان مطيعاً لله تعالى يكون يوم القيامة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، إنه يفد على الوهاب والكريم المنان والأنبياء الكرام والملائكة وحسن اولئك رفيقاً.
والمأخوذ من هذا النص، التالي:
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة هي الرابعة بعد المئة من سورة الأنبياء، حيث يقول عز شأنه:
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٠٤﴾
في هذا النص تشبيه للخلق بسجل يفتح في بداية الخلق ويطوى في آخره، وفي الواقع أن الكون لا يفنى كما قد يتصور البعض، إنه يتحول من حالة إلى أخرى، ولا ريب أن لكل حالة قوانينها وأنظمتها، ويعلمنا هذا النص الشريف أولاً: أن نظام الكوني متغير.. ثانياً: إن إقامة القيامة أمر يسير في قدرة الله الواسعة.
ولنختم الحديث في هذه الحلقة بقول لإمام المتقين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، حيث يقول كما ورد في نهج البلاغة [إن الدنيا تغر وتضر وتمر].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينور قلوبنا بنور الإيمان ويجعل همنا الآخرة لا الدنيا لكي نفد عليه تبارك شأنه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
المستمعين الأفاضل كنا وإياكم على مدى دقائق معدودات في رحاب كتاب الله العزيز أحسن الحديث، طبتم وطابت لكم الأوقات بالخيرات والسلام خير ختام.