بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير أبي القاسم محمد وأهل بيته الطاهرين.
السلام عليكم – حضرات المستمعين الأكارم – وأهلاً بكم في لقاء قرآني جديد، حيث نواصل تفسير آيات أخرى من سورة الأنبياء (ع) بادئين بالآية الخامسة والتسعين التي نستمع إلى تلاوتها:
وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٩٥﴾
في آيات كريمة سبقت هذه الآية ورد حديث حول المؤمنين الصالحين الخيرين هؤلاء لا يضيع الله أجر أعمالهم وأنه تعالى شأنه يثيبهم على حسناتهم بإضعافها وهذه الآية تشير إلى أن الكفار الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، يتمنون بعد الموت لو يعودوا للدنيا لكن أنى لهم ذلك؟ بل لهم سوء العذاب بما كسبوا الإساء ما كانوا يفعلون.
ويستفاد من بعض آيات القرآن الكريم أن الكافرين حين الإحتضار وحينما يكون الموت منهم قاب قوسين أو أدنى، يطلبون من الله أن يبقيهم في الدنيا للإتيان بالعمل الصالح بيد أن هكذا طلب لا يقبله الله.
وأما المستفاد من الدروس من هذا النص فهو:
- على الإنسان أن يستثمر حياته الدنيا في العمل الصالح والإبتعاد عن المعاصي، ذلك أنه إن حل الموت لا جدوى على ما فات ولات حين مندم، وكما نسب إلى مولانا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه...
يا من بدنياه اشتغل قد غره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
- إن الله خلق الإنسان ليكون في ثلاثة عوالم، عالم الدنيا أولاً ثم البرزخ ثانياً ثم الآخرة ثالثاً والآخرة خير وأبقى.
ويقول ربنا جل جلاله في الآيتين السادسة والتسعين والسابعة والتسعين من سورة الأنبياء:
حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ﴿٩٦﴾
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٩٧﴾
إن من علائم إقتراب الساعة، تهدم سد بناه ذوالقرنين لصد هجمات قوم يأجوج ومأجوج وكما مر علينا في تفسير سورة الكهف المباركة فإن قوم يأجوج ومأجوج حينما كانوا يهاجمون شعوب المناطق المجاورة لهم، كانوا يعيشون فيها الفساد، فقام ذوالقرنين ببناء سد لإيقاف هجماتهم، وكما يستفاد من القرآن فإن ذوالقرنين أشار إلى أنه إذا جاء وعد الله هدم هذا السد وفي يوم الحساب تنهار أبنية الغرور والتكبر ويستولي الخوف على الفاسدين الفاسقين من الكفار والضالين الذين كذبوا برسالات الأنبياء والمرسلين.
ويفيدنا هذا النص الآتي من الدروس والعبر:
- إن الهجمات التي تشنها الأقوام المتوحشة من علائم دنو الساعة.
- إن الكفر وإنكار الحق ينشأ عن الغفلة والغرور، وفي يوم المعاد يقر الكافرون بهذه الحقيقة لكن يا ترى ما فائدة هذا الإقرار؟
وآخر آيتين نفسرها في هذه الحلقة الآيتان الثامنة والتسعين والتاسعة والتسعين من سورة الأنبياء (ع)؛
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴿٩٨﴾ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلَاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا ۖ وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٩٩﴾
إن الله جل شأنه جامع الناس يوم المعاد سواء كانوا من المؤمنين أو الكافرين، وأما المؤمنون فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون لكن يوم الحساب شديد على الكفار وحتى إن اعترفوا بذنوبهم فإن هذا الإعتراف لا يفيدهم.
نعم.. إن النار مأواهم وبئس المصير ذلك بما كسبوا وما كانوا يفعلون، والكفار في القيامة يحشرون وما كانوا من دون الله يعبدون، إنهم وآلهة الكفر وقود النار أعاذنا الله وإياكم منها.
أجل.. هذه الأصنام الصماء لا تنفع الكفار في يوم الجزاء رغم أن الكفار كانوا يتصورون أنها تشفع لهم يوم لا يشفع إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا.
وأخيراً ها هي الدروس المأخوذة من هذا النص:
- إن أجساد الكفار هي وقود النار، فلنتقي النار التي وقودها الناس والحجارة التي أعدت للكافرين.
- إن الظالمين الكافرين لا قيمة لهم عند الله وأنهم مثل الحجارة التي لا روح فيها.
نسأل الله تباركت أسماؤه وجلت آلاؤه أن يوفقنا لعمل الطاعات ويجنبنا فعل العصيات إنه الكريم المنان ذو المواهب والعطيات.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا وإياكم إلى نهاية حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامج (نهج الحياة) إلى اللقاء والسلام خير ختام.