بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم، حضرات المستمعين الأكارم، وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، حيث نتابع جوانب وضاءة في حياة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) من خلال تفسير آيات أخرى من سورة الأنبياء.
ولنستمع الآن إلى تلاوة الآيتين الثامنة والستين والتاسعة والستين من هذه السورة الشريفة؛
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٦٨﴾
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿٦٩﴾
مرّ علينا أن عبدة الأصنام عجزوا عن الإتيان بأدلة تقف بوجه الأدلة الحصينة لإبراهيم (ع) ومن بعد ذلك حاكموه علناً وصدر الحكم ضد هذا النبي الكريم بالإلقاء في النار، وقد ظن هؤلاء أن مثل هذا القرار سيكون رادعاً الآخرين عن التعرض لأصنامهم، وأضرم أعداء التوحيد لحامل راية التوحيد، ناراً وألقوه بواسطة المنجنيق وسط ألسنة اللهب المتصاعد.
وتدخلت القدرة الإلهية وصارت النار المتأججة، برداً وسلاماً على ابراهيم (ع).
إن من يتأمل في هذه الحادثة، حضرات المستمعين، يرى أن أحد القوانين الطبيعية قد تعطل مفعوله بإذن الله وقدرته جل جلاله، توقف هذا القانون ولم تحرق النار إبراهيم (ع).
والمستفاد من هذا النص القرآني الشريف، الآتي:
- إن الذين لا يمتلكون لغة المنطق يلجأوون إلى أساليب القمع والإرهاب، لكن أنى للقمع والإرهاب أن يثنيا الرجال الربانيين عن عزائمهم؟
- إن كل ما في الكون بيد الله تعالى وأنه تبارك شأنه إذا قال لشيء كن يكون، تبارك ربنا جل وعز.
ويقول تعالى في الآيتين السبعين والحادية والسبعين من سورة الأنبياء:
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴿٧٠﴾
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴿٧١﴾
بعد أن أنجى الله سيدنا إبراهيم من نار الطغاة، تسربت الشكوك إلى نفوس هؤلاء، وهنا خطط نمرود حاكم بابل خطة أخرى للتخلص من إبراهيم (ع).
لقد أصدر نمرود أمره بإبعاد إبراهيم (ع) وهكذا توجه إبراهيم وابن خالته لوط إلى أرض الشام.
ويفيدنا هذا النص:
- إن إرادة الله فوق كل شيء.
- في الحرب بين الحق والباطل، تكون النصرة للحق [قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً].
- إن الهجرة من أرض الكفر إلى ديار أخرى، هي من نهج الأنبياء والرسل والسائرين على هذا النهج، ألم يهاجر رسول الله (ص) من مكة إلى المدينة لترفرف منها أعلام دعوته المباركة؟
ويقول تعالى في الآيتين الثانية والسبعين والثالثة والسبعين من سورة الأنبياء (ع):
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴿٧٢﴾
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾
إن إبراهيم (ع) تزوج من إمراة إسمها سارة، لكن لمدة طويلة ولم تنجب له ولداً؛ واقترحت الزوجة على زوجها أن يتزوج من جاريتها هاجر، وكان إسماعيل (ع) ثمرة هذا الزواج.
وكان أن أنجبت سارة من بعد ذلك، حيث وهبها الله وابراهيم، إسحاق ومن صلب إسحاق ولد يعقوب، على نبينا وآله وعليهم الصلاة والسلام، والأمر المهم ليس إنجاب الأبناء بالنسبة لإبراهيم (ع) بل تداوم الرسالة والإمامة بإذن الله تعالى في بنيه.
نعم، لقد وجد الله تعالى في ذرية إبراهيم (ع) الجدارة في النهوض بإعباء النبوة وهداية الأمة.
والآن إلى الدروس المستقاة من نص الآيتين الشريفتين ومنها:
- إن الأبناء الصالحين من نعم الله تبارك وتعالى.
- إن العبودية الخالصة لله جل شأنه تهيأ الأجواء لنزول الوحي الإلهي.
- إن الدعوة إلى طيب الأعمال هي محور الوحي الإلهي، ومن هذه الأعمال بل من أصدق مصاديقها، إقامة الصلاة وإتيان الزكاة.
جعلنا الله وإياكم من السائرين على نهج التوحيد ونهج الأنبياء العظام ومن المصلحين المزكين، آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة قدمت لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، إلى اللقاء والسلام خير ختام.