بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الي هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 116 من سورة هود فلننصت اليها خاشعين.
فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴿١١٦﴾
في الآيات السابقة حث الله عز وجل النبي (ص) والمؤمنين علي الصبر والاستقامة وإقامة الصلاة وذكر الله. وهذه الآية تدعو العلماء وأصحاب القدرة والعقل والدراية الي السعي في منع انتشار الفساد علي الأرض، وتسائلت لماذا لا يسلح هؤلاء أفراد المجتمع بالعلم والإيمان كي يمكنهم التصدي للظلم والجور؟ وهذه الآيات لها ما يشبهها في القرآن الكريم حيث القرآن الكريم لايشمل الجميع بهذا الكلام، بل إنه وفي الجزء التالي من هذه الآية يبين أنه في كل زمان قام القليل من الناس بانجاز هذا الواجب وكانوا الوسيلة لنجاة الآخرين. أما أولئك الذين اتبعوا أهوائهم وسعوا خلف الملذات في الحياة الدنيا فقد عمدوا الي المجرمين والظالمين واتخذوهم قدوة لهم.
من هذه الآية نستنتج:
- إن أصحاب العلم والقدرة تقع عليهم مسؤولية جسيمة في صد المجتمع عن الفساد والضياع، ولا يقدم هوبنفسه علي نشر المفاسد والمنكرات.
- إن سر سقوط وهلاك الأمم السابقة هوعدم الإكتراث للمفاسد والمنكرات والسكوت إزاءها.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت خاشعين الي تلاوة للآية 117 من سورة هود:
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴿١١٧﴾
بعد أن حدثتنا الآية السابقة عن هلاك الأمم الماضية تخبرنا هذه الآية أن الله عز وجل لم يهلكهم دون سبب، لأن السنة الإلهية تقضي بالقضاء علي الظالمين إذ لا يمكن أن يكونوا صالحين ومصلحين ثم أهلكهم الله. ذكرت الروايات أن معني (إصلاح المجتمع)، العدل والانصاف في التعامل مع الآخرين ومودتهم والاحسان اليهم وإن كان افراد في مجتمع ما، كذلك فإن الله سيرحم الجميع لأجل هؤلاء حتي إذا كان بينهم أفراد مفسدون.
من هذه الآية نتعلم:
- لا يكفي أن يكون الانسان صالحا، بل من الضروري أن يكون مصلحا كذلك، فالانسان مسؤول أمام مجتمعه.
- أن عقاب الله لا يقتصر علي يوم القيامة، فعذاب الدنيا أيضا يحل علي الظالمين.
مستمعينا الكرام،والآن لننصت واياكم خاشعين لتلاوة للآية 118 من سورة هود:
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾
تشير هذه الآية الكريمة الي أهم الصفات التي فطر الله عليها وهي الاختلاف روحيا وجسديا عن بعضهم البعض. وتوضح هذه مع أن مشيئة الله نافذة في كل أمر من الأمور ولا يستطيع أحد أن يحيد عن مشيئة الله، ولكن ارادة الله قضت أن يكون البشرمختلفين ولا يكونون علي رأي واحد وعقيدة واحدة، وإن يختاروا نهجهم بأنفسهم، ومن اختلافهم واختيارهم نتجة الاختلاف الفكري والعقائدي بينهم.
وإن كان الله قد أراد أن يخلقهم مؤمنين لكان فعل، ولكن لافائدة من ايمان كهذا ولا من اتحاد ووئام كهذا ولا يعتبر مثل هذا الأمر مكسبا للانسان.
إن كان كل انسان يختار طريقه بنفسه واستنادا الي افكاره وعقيدته فيجازي علي حسن اختياره. إذ أن بإمكانه أن يختار سبيلا مختلفا. ومن جهة أخري فإن الانسان إن كان مختارا تظهر اختلافات في العقائد التي ينتخبونها. ففريق يختار سبيل الحق سبيلا وفريق يختار سبيل الباطل.
وبالطبع فإن الله قد أعطي الانسان العقل وارسل الرسل لهداية الأمم، وكذلك بتعيين الثواب والعقاب في الآخرة يعطي للإنسان الدافع والرادع إزاءهما. ولكن كل هذه الأمور لاتجبر الانسان علي السير في سبيل الحق والصواب. لذا نري أن العديد من الناس يسير في الاتجاه المعاكس لسبيل الله، ومع ذلك فإن الله عز وجل لم يجبر أحدا علي اتباع دينه، بل يأمر نبيه أن يكتفي بالإنذار ولا يجبر الناس علي الدخول به.
من هذه الآية نستنتج:
- قضت السنة الإلهية بوجود الاختلافات بين البشر واعطاء الانسان حرية الانتخاب واختيار الفكر والعقيدة التي يريدها.
- إن اختلاف الآراء والافكار والعقائد يأتي من حرية الاختيار، وفرض العقائد أمر غير شرعي وليس حسنا.
الي هنا، أعزائي المستمعين نأتي الي نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. علي أمل أن نلتقيكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.