بسم الله والحمد لله أرحم الراحمين الذي تفضل علينا إذ هدانا للتشيع والإتباع لنبيه المرسل رحمة للعالمين سيدنا محمد الهادي المختار ووصيه المرتضى حيدر الكرار صلوات الله عليهما وآلهما الأطهار.
- السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء ورحمة الله وبركاته..
- أطيب التحيات نهديها لكم أيها الأطائب في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
- ننير قلوبنا في هذا اللقاء بمصاديق أخرى لتجليات الرحمة الإلهية في سيرة نبي الرحمة لنتعرف على المعالم السليمة لمنهاج النبوة النقي من تحريفات الأئمة المضلين.
- ونبدأ برواية مشهورة رواها علماء الفريقين تظهر فيها الرحمة النبوية في قبول إستجارة حتى المشرك المحارب وأنظاره حتى يسمع كلام الله كلما ورد في الآية السادسة من سورة براءة حيث يقول عز من قائل:
"وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ
- صدق الله العلي العظيم.. ويتأكد هذا الأمر إذا نطق بالشهادتين ولو ليحقن بها دمه نجاة من القتل.
- قال الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي في كتا تفسيره في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، قال: إنها نزلت لما رجع رسول الله « صلى الله عليه وآله » من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام ، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى ، فلما أحس بخيل رسول الله « صلى الله عليه وآله » جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل ، فأقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فمر بأسامة بن زيد فطعنه فقتله !
- ولأن هذا الموقف يتعارض مع سماحة الروح المحمدية فقد وجد أسامة في نفسه إضطراباً مما فعل فلما رجع إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » أخبره بذلك ، فقال له رسول الله « صلى الله عليه وآله » : قتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ !
- فقال أسامة : يا رسول الله إنما قال تعوذاً من القتل . فقال رسول الله « صلى الله عليه وآله » : فلا شققت الغطاء عن قبله ، ولا ما قال بلسانه قبلت ، ولا ما كان في نفسه علمت ! فحلف بعد ذلك أنه لا يقتل أحداً شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله !
- مستمعينا الأفاضل، يتضح من هذه الرواية شدة إبتعاد الحركات التكفيرية المدعية للحكم والعمل بمنهاج النبوة عن هذا المنهاج الرحيم، وكبر الفاصلة بين منهاج الرحمة المحمدية وبين ممارستها البشعة في التكفير والقتل.
- ونلمح في المقابل عمق الإنكار المحمدي الرحيم لهذا الفعل في تكرار النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – لفعل أسامة – رغم حبه له – في رواية ثانية تتحدث عن واقعة أخرى أو الواقعة نفسها بتفصيل آخر.
- فقد روى في جامع الأصول بأسانيد عن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحرقات ، فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وآله فقال : " يا أسامة أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله " ؟ قلت ، إنما كان متعوذا ، فقال : " أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ " فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
- وجاء في رواية أخرى قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله ، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وآله فقال : " أقال : لا إله إلا الله ، وقتلته ؟ " قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح ؟ قال : " أفلا شققت قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟ " فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
- وجاء في رواية أخرى إشارة إلى غضب رسول الله – صلى الله عليه وآله – من هذا الفعل، وهو غضب لله يعبر عن أذى نبي رحمته عزوجل من إنتهاك أصول الرحمة.
- قال الفقيه الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام: "بل يؤيده (درأ الحدود بالشبهات) أن جمعاً من الصحابة وجدوا أعرابياً في غنيمات، فلما أرادوا قتله تشهد فقالوا: ما تشهد إلا خوفاً من أسيافنا، فقتلوه واستاقوا غنيماته فنزل قوله عزوجل: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا.. فغضب النبي – صلى الله عليه وآله -.
- وبهذا نصل أعزاءنا إلى ختام حلقة أخرى من برنامج (نبي الرحمة) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- شكراً لكم على كرم المتابعة، ودمتم في أمان الله.