بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من شيعة صاحب الخلق العظيم الذي أرسله الله رحمة للعالمين حبيبنا محمد الأمين صلوات الله وبركاته وتحياته عليه وآله الأطيبين الأطهرين.
- سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات.
- تحية الإيمان والولاء وهي أزكى التحيات نهديها لكم أيها الأطائب في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي نسعى فيه لترسيخ روح الولاء والإتباع لنبي الرحمة من خلال التأمل في روايات تجليات الرحمة الإلهية في سيرته – صلى الله عليه وآله -.
- لنا في هذا اللقاء أيها الأحبة وقفة عند واقعة فصل الحديث عنها كتاب السيرة النبوية من مختلف المذاهب الإسلامية، وهي تحكي جميل رحمة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – بمن يسيء به الظن، وجميل تامله معه بما يرفع سوء الظن هذا وبالتالي يدفع عنه تبعاته الخطيرة لكون سوء الظن بسيد الرسل يستتبع سخط الله وغضبه جل جلاله.
- هذه الواقعة ترتبط بموقف الأنصار من قضية تقسيم غنائم جيش المسلمين بعد واقعة حنين وتفصيلاتها تأتيكم بعد قليل فتابعونا مشكورين..
- نبدأ مستمعينا الأكارم بما رواه ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته ، عن قول الله عز وجل : " والمؤلفة قلوبهم "
- فقال الإمام الباقر عليه السلام: هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد ( صلى الله عليه وآله ) فأمر الله عز وجل نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به .
- ثم قال – عليه السلام - وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله) يوم حنين تألف رؤساء العرب من قريش وسائر مضر ، منهم أبو سفيان بن حرب وعيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس فغضبت الأنصار واجتمعت إلى سعد بن عبادة فانطلق بهم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالجعرانة فقال : يا رسول الله أتأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم ، فقال : إن كان هذا الامر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا وإن كان غير ذلك لم نرض.
- وروي عن أبي سعيد الخدري وغيره من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما سمع بغضب الأنصار لتقسيمه أكثر غنائم وقعة حنين على المؤلفة قلوبهم أمر سعد بن عبادة بأن يجمع كل الأنصار، قال الرواة:
- فلما قعدوا جاء النبي « صلى الله عليه وآله » يتبعه أمير المؤمنين « عليه السلام » حتى جلس وسطهم ، فقال لهم : « إني سائلكم عن أمر فأجيبوني عنه » . فقالوا : قل يا رسول الله . قال : « ألستم كنتم ضالين فهداكم الله بي » ؟ قالوا : بلى ، فلله المنة ولرسوله .
- ثم قال صلى الله عليه وآله : « ألم تكونوا على شفا حفرة من النار ، فأنقذكم الله بي » ؟ قالوا : بلى ، فلله المنة ولرسوله . قال : « ألم تكونوا قليلاً فكثركم الله بي » ؟ قالوا : بلى ، فلله المنة ولرسوله . قال : « ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي » ؟ ! قالوا : بلى ، فلله المنة ولرسوله .
- ثم سكت النبي « صلى الله عليه وآله » هنيهة ، ثم قال : « ألا تجيبوني بما عندكم » ؟ قالوا : بم نجيبك ؟ فداك آباؤنا وأمهاتنا ؟ ! قد أجبناك بأن لك الفضل والمن والطول علينا ! !
- فقال صلى الله عليه وآله: « أم لو شئتم لقلتم ولصَدقتم ولصُدقتم : وأنت قد كنت جئتنا طريداً فآويناك ، وجئتنا خائفاً فآمناك ( ومخذولاً فنصرناك ) ، وجئتنا مكذباً فصدقناك » .
- فارتفعت أصواتهم بالبكاء وقام شيوخهم وساداتهم إليه ، فقبلوا يديه ورجليه ، ثم قالوا : رضينا بالله وعنه ، وبرسوله وعنه ، وهذه أموالنا بين يديك ، فإن شئت فاقسمها على قومك ، وإنما قال من قال منا على غير وغر صدر ، وغل في قلب ، ولكنهم ظنوا سخطاً عليهم ، وتقصيراً بهم . وقد استغفروا الله من ذنوبهم ، فاستغفر لهم يا رسول الله .
- ثم كان أن بين لهم نبي الرحمة صلى الله عليه وآله علل موقفه في تقسيم الغانئم بكل تواضع ورحمة وشفقة فقال:
- إن قريشاً حديثو عهد بجاهلية ومصيبة ، وإني أردت أن أجبرهم وأتالفهم ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا – أي متاع دنيوي قليل - تألفت بها قوماً أسلموا ، ووكلتكم إلى ما قسم الله تعالى لكم من الإسلام ؟ !
- ثم قال – صلى الله عليه وآله - أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله « صلى الله عليه وآله » إلى رحالكم ! تحوزونه إلى بيوتكم ؟ ! فوالله ، لمن تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، فوالذي نفسي بيده ، لو أن الناس سلكوا شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار.
- ثم خاطبهم بلطف قائلاً: أنتم الشعار ، والناس دثار ، الأنصار كرشي وعيبتي ، ولولا أنها الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا بالله ورسوله حظاً وقسماً.
- وتكتمل ملامح الرأفة النبوية العظيمة في دفع سوء الظن هذا عن الأنصار، بما رواه المؤرخون بشأن الغنائم التي كان نبي الرحمة قد خصصها للأنصار من قبل لتأمين مستقبلهم، فقد قال المؤرخ الصالحي الشامي في كتابه سبل الهدى والرشاد:
- ذكر محمد بن عمر : أن رسول الله « صلى الله عليه وآله » أراد حين إذ دعاهم أن يكتب بالبحرين لهم خاصة بعده دون الناس ، وهي يومئذٍ أفضل ما فتح عليه من الأرض . فقالوا : لا حاجة لنا بالدنيا بعدك . فقال رسول الله « صلى الله عليه وآله » : « إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض »
- نشكركم أيها الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج نبي الرحمة.
- وقد قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران... دمتم في أمان الله.