بسم الله وله المجد والحمد منزل البركات عظيم العطيات ومجيب الدعوات، واتم التسليم وازكى الصلوات على كنز الرحمات وسادة البريات محمد وآله الهداة.
سلام من الله عليكم أحباءنا ورحمة منه وبركات، تحية مباركة طيبة نستهل بها لقاء آخر يسرنا ان يجمعنا بكم في رحاب البيوت التي أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ. حديثنا في هذه الحلقة أحباءنا عن مشهد خامس اصحاب الكساء حبيب الله وحبيب رسوله وحبيب اوليائه والمؤمنين الحسين الشهيد صلوات الله عليه.
عندما نراجع المجاميع الحديثية المعتبرة نجد فيها كثيراً من الاحاديث الشريفة التي تعرف المسلمين بقدسية ارض كربلاء وانها من البقاع التي اختارها الله عزوجل لعبادته وأذن برفعها في العالمين.
فليكن احباءنا منطلق الحديث عن المشهد الحسيني من معرفة فضيلة بقعته المباركة.
ففي كتاب كامل الزيارات الذي صحح العلماء روايته، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يُقبر ابني [يعني الحسين عليه السلام] في ارض يقال لها كربلاء، هي البقعة التي كان عليها قبة الاسلام التي التي نجى الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان.
وفي كتاب فرحة الغري روى السيد عبد الكريم ابن طاووس بسند معتبر عن مولانا الصادق (عليه السلام) قال: اربع بقاع ضجت الى الله ايام الطوفان: البيت المعمور فرفعه الله والغري وكربلاء وطوس.
وروي في كتاب التهذيب وكامل الزيارات والاصول الستة عشر وغيرها بأسانيد عديدة عن مولانا الامام الباقر (عليه السلام) قال: خلق الله تبارك وتعالى ارض كربلاء وقدسها وبارك عليها فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة ولاتزال كذلك حتى يجعلها الله افضل ارض في الجنة وأفضل منزل ومسكن يُسكن الله فيه اولياءه في الجنة.
وجاء في حديث مولامنا الامام السجاد زين العابدين المروي في عدة من المصادر المعتبرة؛ قوله (عليه السلام): اتخذ الله ارض كربلاء حرماً آمنالاًً مباركاً؛ وانه اذا زلزل الله تبارك وتعالى الارض وسيرها [يعني عند قيام الساعة] رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في افضل روضة من رياض الجنة وأفضل مسكن في الجنة، فإنها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لاهل الارض، يغشى نورها ابصار اهل الجنة جميعاً، وهي تنادي: انا ارض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنة.
ان ما يذكره اهل بيت النبوة والوحي (عليهم السلام) في مثل هذه الاحاديث الشريفة من تكلم الارض او الجبال ونظائرها هو نوع من الكلام الملكوتي وبلسان الحال الذي صرح به القرآن الكريم في آيات من قبيل آيات عرض الامانة على السماوات والارض والخضوع طوعاً للارادة الالهية وغير ذلك.
وبعد هذه الملاحظة نعود الى ذكر نماذج من اسرار قدسية ارض كربلاء طبق ما روته المصادر المعتبرة من احاديث اهل بيت العصمة المحمدية صلوات الله عليهم اجمعين، فمنها ما روي عن مولانا الامام الباقر (عليه السلام) بشأن علاقة الانبياء (عليهم السلام) بكربلاء المقدسة، قال: «الغاضرية هي البقعة التي كلم الله فيها موسى بن عمران، وناجى نوحاً فيها، وهي اكرم ارض الله عليه ولولا ذلك ما استودع الله فيها اولياءه وابناء نبيه (صلى الله عليه وآله) فزوروا قبورنا بالغاضرية».
وقد روي في احاديث اخرى ان الله كلم موسى عليه السلام تكليماً في النجف الاشرف (على نبينا وآله وعليه السلام).
وروي عن الامام الصادق عليه السلام قال: الغاضرية من تربة بيت المقدس.
وهذا البيت كما تعلمون الافاضل مرتبط بالانبياء الابراهيميين عليهم جميعاً سلام الله.
ونختم هذا اللقاء احباءنا بما روي في كتاب تهذيب الاحكام عن مولانا زين العابدين عليه السلام في تفسير قوله تعالى في قصة ولادة عيسى من مريم عليهما السلام: «فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا».
قال (عليه السلام): خرجت من دمشق حتى اتت كربلاء فوضعته في موضع قبر الحسين (عليه السلام) ثم رجعت من ليلتها.