بسم الله وله الحمد والمجد لا اله هو رب العالمين والصلاة والسلام علي سادات الصادقين محمد وآله الطاهرين.
القرآن الكريم هو النور الإلهي الخالد الذي يهدي الي سبل السلام والحياة الكريمة ومن مصاديق هدايته للعالمين تخليده لمجموعة من الوقائع الاسلامية المهمة لكونها تشكل محطات هداية أساسية للأجيال الي يوم القيامة ومنها واقعتي تصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه وهو راكع في الصلاة وقضية المباهلة المحمدية بأهل بيته مع النصاري وقد إستلهم شعراء المسلمين من القرآن الكريم الإهتمام بهذه الوقائع وصوّروها - ببيانهم البلاغي الفني- في أشعارهم.
وفي هذا اللقاء نختار ثلاثة نماذج من الشعر الإسلامي تذكر هاتين الواقعتين لثلاثة من شعراء الإسلام من مختلف عصور التأريخ الإسلامي هم شاعر الرسول (صلي الله عليه وآله) حسان بن ثابت، وشاعر الإمام الرضا (عليه السلام) دعبل الخزاعي والشاعر المصري أحمد محرم.
نبدأ بالشاعر الأنصاري الصحابي حسان بن ثابت حيث يخاطب الوصي المرتضي (عليه السلام) بقوله:
أبا حسن؟ تفديك نفسي ومهجتي
وكل بطيء في الهدي ومسارعُ
أيذهب مدحي والمحبين ضايعاً؟
وما المدح في ذات الإله بضايعِ
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع
فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
بخاتمك الميمون يا خير سيد
ويا خير شارٍ ثم يا خير بايعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية
وبينها في محكمات الشرايعِ
والي القرن الهجري الثالث والشاعر الولائي المبدع دعبل بن علي الخزاعي من الذين قالوا كلمة الحق في وجه سلاطين الجور؛ فضمن قصيدةٍ في مدح أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام)، قال (رحمه الله):
أهل المباهلة الكريمة والكسا
والبيت والاستار والحرمات
ومخازن العلم المنزل عندهم
با لوحي والقوام بالبركات
وذو والكتاب القائمون بأمره
والعالمو متشابه الايات
والحافظو حكم الزبور وما أتي
في الصحف والانجيل والتوراة
فيقول قائلهم سلوني قبل أن
تدهوا بفقداني وحين وفاتي
ذاك الوصي وصي احمد والذي
ناجي الرسول وقدم الصدقات
ذاك الولي الثالث الحاظي بما
أعطي زكاة راكعاً بصلاة
وتعبير (الولي الثالث) الذي يصف به شاعر الولاء دعبل الخزاعي الوصي المرتضي (عليه السلام) فتستلهم من الآية الكريمة التي ذكرت الامام علي (عليه السلام) بأن ولي المسلمين بعد الله ورسوله (صلي الله عليه وآله) ضمن تسجيلها لحادثة تصدقه بخاتمه الشريف وهو راكع في الواقعة المشهورة التي استنزلت آية الولاية المباركة «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ».
ومن القرن الهجري الثالث ننقلكم الي القرن الهجري الرابع عشر، وابيات من قصيدة للاديب المصري أحمد محرم يصور حادثة المباهلة بلغة معاصرة يقول فيها مخاطباً نصاري اليوم في بطن خطابه لنصاري نجران:
وفد نجران ان اردت الرشادا
فاتق الله واتبع ما أرادا
وتأمل فتلك حجته البيضاء
لم تبق ظلمة أو سواداً
وضح الحق وانجلي الشك فانظر
انه النور قد اضاء البلادا
انه الدين قيماً يصلح الامر
وينفي الاذي معاً والفساداً
جئت في زينة وبسطة حال
تزدهيك الحياد اذ تتهادي
وهداياك من مسوح وبسط
زيد فيها الفن البديع وزادا
صدقت صنعة التصاوير فيها
وهي افك سبيله أن يعادي
ردها الصادق الأمين تقاة
وقضي الامر حكمة وسداداً
ودعاهم الي التي هي أهدي
فأبي الظالمون الاعناداً
زعموا انهم علي الحق ماحاً
دوا ولكنه عن الحق حادا
أيظن المسيح عبداً وقد كان
الهاً أتي يدين العبادا
قال لا تكذبوا عليه وتوبوا
واتبعوا الحق ملة واعتقاداً
ان عيسي صلي الاله عليه
كان للحق قوة وعتاداً
هو من روح ربه مستفاد
وسبيل المخلوق أو يستفاداً
كان في قومه رسولاً رضياً
يتقي ربه ويرجوا المعادا
لا أب كالذي زعمتم ولا ابن
فدعوا الشرك وأنبذوا الالحادا
وحدوا الله مالكم من واق
واحذروا الخيل والسيوف الحدادا
ضل من يدعي لمن هو فرد
في علاه الابناء والانداداً
فمنهم أعماله وهي من قدرة
الله وشر الضلال أن يتمادي
رميت يثرب بوفد جماد
هل رأي العالمون وفدا جمادا
عدم العقل فهو يمعن في الجهل
ويأبي فما يريد اتئادا
انزل الله آية لو وعاها
راح بعد اللجاج يلقي القيادا
لم يكن دون أن يبيد محيص
ليته بأهل النبي فبادا
منعهم آجالهم فتفادوا
وما يود الحريص أن يتفادي
وآتوا مذعنين يبغون صلحاً
يدفع الويل والخطوب الشدادا
سيد الرسل أملوه ففازوا
انما أملوا الكريم الجوادا
وبهذ الابيات المصورة لجوانب من واقعة المباهلة والتي أنشأها الشاعر المصري أحمد محرم.