بسم الله وله جزيل الشكر وكامل الحمد رب العالمين وأسنى صلوات المصلين على صفوته من العالمين محمد المختار وآله الأطهار. السلام عليكم إخوة الإيمان، كنا في الحلقة السابقة من هذا البرنامج قد نقلنا لكم القسم الأول من الوصية التي كتبها العلامة الحلي لولده في ختام كتابه قواعد الأحكام، وننقل لكم في هذا اللقاء تتمتها. والعلامة الحلي المتوفى سنة ۷۲٦ للهجرة هو الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر من أعلام فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وقد إمتاز بتبحره التحقيقي في النصوص الشريفة قرآناً وسنة وبأحاطته الموسوعية بمختلف فروع المعارف الإلهية إضافة الى زهده وتقواه وهذا الأمر يضفي على وصيته أهمية مضاعفة لأنها تمثل خلاصة ما أستنبطه من القرآن والسنة من أمهات ما ينبغي للسالك الى الله عزوجل أن يقوم به في سيره التكاملي. قال العلامة الحلي رضوان الله عليه في تتمة وصيته لولده: "وليكن يومك خيرا من أمسك، وعليك بالتوكل والصبر والرضا، وحاسب نفسك في كل يوم وليلة، وأكثر من الاستغفار لربك، واتق دعاء المظلوم، خصوصا اليتامى والعجائز، فإن الله تعالى لايسامح بكسر كسير. وعليك بصلاة الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حث عليها وندب إليها وقال: (من ختم له بقيام الليل ثم مات فله الجنة)، وعليك بصلة الرحم، فإنها تزيد في العمر، وعليك بحسن الخلق، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) وعليك بصلة الذرية العلوية فإن الله تعالى قد أكد الوصية فيهم وجعل مودتهم أجر الرسالة والإرشاد فقال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق، ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا". مستمعينا الأفاضل ونبقى مع العلامة الحلي وهو يوصي ولده بل وسائر المؤمنين بالإرتباط المستمر بينابيع العرفان الإلهي حيث يقول رصوان الله عليه: "وعليك بتلاوة الكتاب العزيز، والتفكر في معانيه، وامتثال أوامره ونواهيه، وتتبع الأخبار النبوية والآثار المحمدية، والبحث عن معانيها واستقصاء النظر فيها. وقد وضعت لك كتبا متعددة في ذلك كله. هذا ما يرجع إليك . وأما ما يرجع إلي ويعود نفعه علي، فان تتعهدني بالترحم في بعض الأوقات، وأن تهدي إليّ ثواب بعض الطاعات ولا تقلل من ذكري فينسبك أهل الوفاء إلى الغدر، ولا تكثر من ذكري فينسبك أهل الغرم إلى العجز، بل أذكرني في خلواتك وعقيب صلواتك، واقض ما علي من الديون الواجبة والتعهدات اللازمة، وزر قبري بقدر الإمكان واقرأ عليه شيئا من القرآن، وكل كتاب صنفته وحكم الله تعالى بأمره قبل إتمامه فأكمله وأصلح ما تجده من الخلل والنقصان والخطأ والنسيان. هذه وصيتي إليك، والله خليفتي عليك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خير خلقه محمد وآله المعصومين وعترته الطيبين". وها نحن نصل أيها الاخوة والأخوات الى ختام حلقة أُخرى من برنامج (من فيض أهل المعرفة)، إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعاية الله.