ضيوف البرنامج عبر الهاتف: فضيلة السيد حسن الكشميري من مدينة قم المقدسة والاستاذة هدى ابراهيم عيسى الباحثة التربوية من بيروت
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، اهلاً وسهلاً بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. اليوم مستمعينا الأفاضل وكما عودناكم في كل حلقة من حلقات البرنامج أن نتناول المواضيع التي تسبب دائماً في وقوع الإنسان في مشاكل اومواقف محرجة فتنعكس سلباً على طبيعة العلاقة التي تربطه مع الآخرين وموضوع العجالة او عدم التأني هو من المواضيع التي غالباً ما نجدها موجودة عند الشباب اوالشابات لما يحملونه من طاقة في الحركة ونشاط في العمل لكن اذا لم يُرافق الخبرة الكافية او حسن التصرف فهذا يعني أن هناك مشكلة ستعترض طريق هؤلاء الشباب وكما يقول المثل الشائع "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة" لذا علينا دائماً أن نتحلى بالتأني وعدم التعجّل في إتخاذ أي قرار او أي فعل. إذن تعالوا معنا اعزائي المستمعين لنتابع قصة أياد أولاً ثم نعود لمناقشة ذلك مع ضيفي البرنامج لمعرفة الحل المناسب والأمثل لصديقنا أياد فكونوا معنا وأصحبونا.
أعزائي الكرام أياد شاب في مُقتبل العمر، طموح، يتمتع بحيوية عالية ولايعرف الكسل أبداً حتى أصدقاءه في الكلية يعترفون بصفته هذه فهو يكره أن يكون خاملاً بل هو دؤوب في عمله وفي دراسته لكنه للأسف مقابل ذلك عُرف عنه ايضاً أنه عجول في قراراته وفي بعض تصرفاته فإذا جلس مع مجموعة من زملائه في فناء الكلية تراه يقترح أموراً لم يبذل لها كثيراً من الفكر ولم يدرسها منكل جانب فيُصر على تنفيذها وبمشاركة زملاءه وإذا نصحه زملاءه بأن يعدل عن قراره ينزعج أياد كثيراً ويقوم بتنفيذ ذلك الأمر لوحده رغم أنه لايقصد الأساءة في ذلك، واليكم القصة.
في أحد الأيام كان يجلس أياد مع بعض زملاءه وزميلاته في نادي الكلية وإذا بسمير وهو أحد الزملاء يمر من أمامهم وكان سمير طالباً فقير الحال جداً ويبدو ذلك جيداً من ملابسه وحقيبة الكتب التي يحملها. إنتبه اليه أياد وقال لزملاءه على الفور: أنظروا أنظروا الى سمير كم هو مسكين، لاأعرف كيف يتمكن هذا الشخص من مواصلة دراسته وهو بهذا الحال، والله كم انا مستاء لأجله وكم أتمنى أن أقدم له خدمة لأدخل الفرحة في قلبه. قالت له إحدى الزميلات: إنه طالب مجد لقد عرفته منذ سنتين، فهو قوي الإرادة ويمتلك صبراً طويلاً ورغم حالته المادية غير الجيدة فهو عزيز النفس، أبي. رد عليها أياد قائلاً: لا أنا أعتقد أنه يجب عليّ أن أساعده وأنتم كذلك. سألته زميلته: وكيف؟ ضحك أياد وقال: كيف؟ وهل هذا يحتاج الى سؤال؟ بالنقود طبعاً، نعطيه بعض النقود لنعينه بعض الشيء. إعترضت زميلته والحاضرون ايضاً على إقتراح أياد لذلك قال له احدهم: ومن قال لك إنه سيقبل المساعدة؟ ربما سيرفضها، أرجوك لاتجعله في موقف مُحرج. لكن أياداً أصرّ على تقديم المساعدة رافضاً الإستماع لما قاله الزملاء وعلى عادته تعجّل في الحكم وسارع في مناداته وسط الزملاء. سمير سمير، ياسمير تعال الى هنا أرجوك!
إقترب سمير من الحاضرين ثم بادر بالسلام فقد كان يبدو عليه التعب خاصة وأن ما لبسه كانت هي الأخرى متعبة ووجهه شاحب مُصفر ما أثار الحاضرين كثيراً. وهنا حاول أياد أن يُبدي رغبته في مساعدة سمير رغم ممانعة الزملاء له فقال: ياصديقي ياسمير أنت تعلم أننا هنا كلنا اخوة ولافرق بيننا وتجمعنا صداقة متينة منذ أكثر من سنة وربما بالنسبة للبعض أكثر من سنتين او ثلاث. ظل سمير صامتاً بإنتظار ما سيقوله أياد في ختام حديثه ولما وجده مسترسلاً طلب منه معتذراً أن يختصر قوله ويوضح سبب مناداته له. فقال أياد: بإختصار شديد ياصديقي أنا والزملاء هنا الحاضرون معي قررنا أن نقدم لك شيئاً بسيطاً يُعينك في دراستك وفي حياتك بشكل عام وكن متأكداً أن المبلغ الذي سنقدمه لك.... وهنا قاطعه سمير ولم يفسح له المجال لأن يُكمل قائلاً له بالحرف الواحد: لقد اخطأت كثيراً بحق نفسك قبل أن تُخطأ بحقي، فهل تعلم ذلك؟ ساد الحاضرين في تلك اللحظة جو من الصمت وراح الزملاء يتبادلون النظرات بشيء من الخجل الإرتباك فقد جاءت إجابة سمير كالصاعقة على رأس أياد ومن معه ولما حاول أياد أن يتدارك الأمر وأن يقول شيئاً آخر حين شعر بخطأه تقدم سمير منه اكثر وقال وسط كل الزملاء: أنا أشكر لك وللزملاء حرصكم على تقديم المساعدة لي ولكن تيقن ياأياد أنه لايوجد على الأرض دابة إلاّ وعلى الله رزقها لذلك فإن رزقي على الله لاعباد الله، ثم إستأذن منهم ومضى.
المحاور: طيب حضرات المستمعين الأفاضل بعد أن إستمعتم الى قصة أياد تبيّن لكم كم كان شاباً جيداً وكانت نيته حسنة لكن سوء عمله وتصرفه بعض الأحيان في تعجّله في إتخاذ القرار هو الذي أوقعه في مشكلة وحرج مع زميله سمير مثلما أوقع باقي زملاءه في ذلك.
المحاور: أجمل أحلى أنمى أزكى تحية لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، أنتم تتابعون برنامج من الواقع يأتيكم من القسم الإجتماعي. حول القصة التي إستمعتم اليها حضرات المستمعين الأفاضل نسلط الضوء أكثر فأكثر حول مايراه الدين في مسئلة العجلة خاصة في أمور ترتبط بإتقان العمل، حول هذا المعنى وجهنا السؤال لفضيلة السيد حسن الكشميري الباحث الإسلامي من مدينة قم المقدسة فأجاب مشكوراً.
الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله آل الله
طبعاً من الحالات التي أحياناً تكون بين محذورين هي مسئلة العجلة، العجلة مرة تأخذ عنوان الاهتمام وهذا لايمكن أن نسميه عجلة واحياناً التأني ايضاً يأخذ حالة سلبية وهو الاهمال في كل الحالات الله سبحانه وتعالى اعطى الانسان عقلاً ومن خلال العقل هو يزن الحالة ويزن الدواعي لذلك. بالنسبة للعجلة نحن اُمرنا أن نكون عجولين واُمرنا ان لانكون عجولين، اُمر الانسان أن يكون عجولاً ولايتأنى ولايتهاون وكلما يستعجل يكون افضل في اشياء هي لاتتجاوز عدد اصابع اليد مثلاً التوبة من الذنب، هنا العجلة جداً ممدوحة ومقبولة وراحجة ان الانسان يستحب ويفضل منه أن لاينام ليلته ونعوذ بالله وفي عنقه وفي مسؤوليته ذنوب او مثلاً قضاء الدين، يفضل للانسان أن يستعجل في قضاء الدين او مثلاً يريد أن يعمل خيراً فيقول ليس من عجلة، السنة الآتية، لا هنا العجلة تكون مفضلة، راجحة لماذا؟ لأن الايام فرص وفوات الفرص اشد الغصص وماعدا ذلك تكون العجلة مكروهة ومذمومة خصوصاً حينما يستعجل الانسان في اطلاق تهمة او نعوذ بالله نشر تهمة او سوء ظن، لايستعجل الانسان لذلك لأن الله عزوجل يقول "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" (سورة الحجرات۱۲) لا كل ظن. لماذا؟ مثلاً فلان أوعدني الساعة العاشرة أن يصلني ولن يصل فأنني احكم عليه أنه ناكث للعهد... لا، هنا يكون هذا الاستعجال مذموماً وعليّ أن أصبر لأن عذره معه او مثلاً فلان قام بتصرف أنا لاأستطيع أن أحكم عليه بالعجلة بأن هذا ذو جنحة لذلك الامام الحسن صلوات الله وسلامه عليه في نصائحه لجنادة الصحابي يقول "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وإعمل لأخرتك كأنك تموت غداً" يعني إستعجل لقضايا الاخرة ولكن بالنسبة لقضايا الدنيا يحتاج الى تأمل، الى تأني، الى فكرة عميقة، الى إستخدام عقله ووجدانه وأن لايتهم الناس عشوائياً وينسب اليها مما لايصح مما يتسبب له طول الموقف وشدة الحساب يوم القيامة وغالباً ما يتخذ الشيطان اسلحة لألقاء الانسان في المهالك ولتدمير اعمال الانسان وواحدة من هذه الاعمال نعوذ بالله حينما يصاب الانسان بالعجلة إذن العجلة الممقوتة هي سلاح الشيطان، الانسان حينما تسول له نفسه او نعوذ بالله تكون عنده أوهام، نحن نصاب بكثرة فعلينا بالصلاة على النبي حسب تأكيدات أهل البيت والاستغفار هذا يعطي الانسان حالة من التأني ومن التروي حتى تنكشف له الامور ومااحسن الأتكال على الله سبحانه وتعالى والأيمان بأن الله سبحانه وتعالى يرصدني بكل كلمة أنا قائلها. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنحنا قدرة التسلط على أنفسنا وعلى هوانا وأن يمنحنا قوة العقل وشدة الايمان إن شاء الله.
المحاور: نتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة السيد حسن الكشميري الباحث الإسلامي من مدينة قم المقدسة. بعد أن سلّطنا الأضواء على مفردة الدين الإسلامي ورؤية الدين لمسئلة العجلة خاصة في امور ترتبط بإتقان العمل وتخص خصوصيات الآخرين ننتقل الى البُعد الإحتماعي والتربوي ونتوجه الى الأستاذة هدى ابراهيم عيسى الباحثة التربوية من بيروت لسؤالها عن الأسباب التي تجعل أياداً دائماً على عجلة من أمره فهل هناك دافع نفسي او مرضي وراء ذلك وماهي النصيحة التي يمكن أن نقدمها لأياد في هذا الشأن؟ فلنستمع معاً
عيسى: بالنسبة الى الاستعجال، طبعاً الاستعجال له حسنات وله سيئات فمن سيئات الاستعجال أن الانسان يأخذ قرارات سريعة، غير مدروسة، قد يأخذ قرارات ليست من صلاحيته أن يأخذها تو من صلاحيات غيره او قد يأخذ قرارات غير صائبة او لم يفكر بالكلام قبل أن يتفوه به؛ يجب على الانسان أن يفكر بأبعاد الكلام؛ سلبياته وإيجابياته، ماهو الضرر، ماهو النفع من الكلام قبل أن يتكلم او قبل أن يبادر بالعمل. من الاشياء المهمة أن يستشير الانسان الاخرين، بعض الامور الافضل أن تكون على إنفراد منها على الملأ، أحياناً الانسان يتغافل عن بعض التفاصيل فلابد أن يدرس يعض التفاصيل التي قد تفوته إذا إستعجل في الامر. دائماً الانسان يقارن الضرر والنفع من الكلام او من الموقف او من القرار؛ هل الضرر اكثر ام النفع أكثر؟ يعطي أولويات لبعض الامور مثلاً يعطي أولوية للامور الدينية على كل شيء ثم أمور الكرامة؛ يجب على الانسان أن يهتم بأمور الكرامة وكرامته وكرامة الاخرين أهم من الامور الدنيوية، عند الكلام او عند أخذ القرار لابد للانسان أن يأخذ هذه الثلاث اولويات، أولاً الدين، يعرض الامر على الشرع من حلال او حرام. ثانياً الكرامة، هل في ذلك أهانة للاخرين او لنفسه؟ ثالثاً النفع الدنيوي، هل في ذلك نفع له ام فيه ضرر؟ النفع أكثر من الضرر أم الضرر اكثر من النفع؟ فلابد للانسان أن يوازن الامور وطبعاً المثل المعروف "في العجلة الندامة وفي التأني السلامة". لكن للعجلة أيضاً حسنات، أحياناً السرعة في المبادرة، أحياناً إستغلال الفرص فقد تفوت الفرصة على الانسان إن لم يبادر ويسرع وأحياناً هناك الناس البصرية معروفة إنها تحب السرعة وتنجز وتأخذ مخاطرة ولكن في المقابل قد يربحون الكثير في الامور التجارية بينما السماعيون هم الاداريون الناجحون لأنهم يخططون قبل ان يبادرون فالتخطيط مهم والتفكير في أبعاد الكلام مهم والاستشارة مهمة والانسان يفكر ويعد عشر مرات قبل أن يتفوه بأي كلمة ويعد عشرمرات قبل أن يأخذ قرار ولكن ليس أكثر من عشرة ولايطيل فإذا أطال يفوّت عليه فرص كثيرة وعلى الاخرين.
المحاور: نتقدم بالشكر الجزيل لأستاذة هدى ابراهيم عيسى الباحثة التربوية من بيروت لأجابتها حول هذا المعنى وفي ختام حلقة اليوم نشكر لكم حضرات المستعمين الأفاضل حسن إصغاءكم لبرنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. نتمنى لكم حياة مفعمة بالخير والنجاح بإذن الله تبارك وتعالى، حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.