نص الحديث
قال الامام الرضا عليه السلام: "لايقبل الرجل يد الرجل فان قبله يده: كالصلاة له".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة (تشبيهية) حيث يشبه تقبيل اليد بالصلاة لصاحبها، وهو تشبيه واقعي يعتمد على طرفين واقعيين وليس على تخييلين أو واقعية احدهما وتخيل الاخر، والمهم هو ملاحظة السمة البلاغية للتشبيه المذكور، فماذا نستلهم من ذلك؟.
طبيعياً لكل قاعدة استثناء، وهذا من الوضوح بمكان فالغيبة محرمة الا في موارد، والكذب محرم الا في موارد وهكذا، بالنسبة الى تقبيل الرجل يد رجل آخر له سياقات استثنائية يباح فيها تقبيل يد الرجل ولكن خارجاً عن ذلك، فان الحديث المتقدم يشبه تقبيل الرجل يد رجل اخر بالصلاة له، ترى: كيف نتصور ذلك؟.
بلاغة الحديث
ان (اليد) رمز للعطاء، والمعطي حقيقة هو الله تعالى لان المال مال الله تعالى، والمعطي من البشر انما هو موظف عند الله تعالى يتصرف بالمال وفق ما رسمه تعالى من الانفاق الواجب والمندوب، وبما ان اليد كما قلنا هي الرمز للعطاء: حينئذ فان العطاء هو من الله تعالى، فكيف نقبل يد بشر لاعطاء على نحو الحقيقة لديه!.
هذا من جانب، واما من جانب اخر فان ما يعزز هذا الرمز (اليد) وانه عطاء الله تعالى لا العبد، ان النصوص الشرعية طالما تشير الى ان الانسان اذا اعطى الفقير مالاً: فعليه ان يقبل هو اي المعطي يده وليس الفقير، ما هو السر الكامن وراء ذلك؟.
النصوص الشرعية تشير الى ان المعطي انما يعطي لله تعالى او يقرضه قرضاً حسناً فتتجسد الصدقة في يد الله تعالى، اذن: يد الله تعالى لا يد المعطي هي مورد (التقبيل) وحينئذ لايعد التقبيل هنا الا تقبيلا ليد الله تعالى وهو تقبيل رمزي بطبيعة الحال لان الله تعالى ليس بمحدث بل هو الازلي والقديم، ويجل عن التجسيد.
النكتة الثالثة للتقبيل ومشابهها للصلاة هي: ان الصلاة لله وحده تعالى لاشريك له، فكما لا يمكن لله تعالى ان يكون له الشريك كذلك لا يمكن لله تعالى ان يصلى لغيره ومن ثم لا يمكن ان يقبل او يعبد غيره من خلال تقبيل اليد، مادام التقبيل اساسا هو: عملية لثم تشابه عملية السجود في الصلاة او اية انحناءة تبين خضوع العبد لله تعالى.
اذن: اتضح جانب من نكات التشبيه بين تقبيل يد الرجل وبين الصلاة، سائلين الله تعالى ان يجعلنا ممن يعمل لله تعالى خالصا، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.