نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله): ان لابليس كحلاً، ولعوقاً، وسعوطاً، فكحله النعاس، ولعوقه الكذب، وسعوطه: الكبر.
دلالة الحديث
هذا الحديث الوارد عن النبي (صلى الله عليه وآله) متسم بما هو طريق، ومثير، وعميق، انه يتناول الاساليب التي يتبعها الشيطان لاغواء البشر، اننا نعرف جميعاً ان الشيطان يتعامل مع كل شخصية بما يتناسب ودرجة ضغطها أو وعيها، وحتى الملتزم من الشخصيات قد يأتيها من طريق عبادي: كأن يوسوس لها بان هذا العمل فيه رياء، أو شرك، فيجعلها منصرفة عن العمل العبادي المهم: ان الحديث المتقدم يتناول مستويات ثلاثة من السلوك المفضي الى ان يجعل الشخصية الضعيفة متوكئة على الكبر، والكذب، وحتى النعاس حيث يجعلها نائمة عن ممارسة وظيفتها المطلوبة: وجوباً أو ندباً ولسوف تتضح هذه الاساليب او المستويات او الوسائل التي يتخذها ابليس لاغواء الشخصية عندما نحدثك عن بلاغة هذا الحديث.
بلاغة الحديث
من حيث بلاغة الحديث المذكور (وهو نور)، انه ينطوي على سمات بلاغية في نهاية الطرافة والعمق: كما اشرنا. ففي ميدان جعل الشخصية (غافلة) عن ذكر الله تعالى، رمز لها بعبارة هي (الكحل) لان الكحل له صلة بالعين، والعين ترمز الى النوم، فجعل الشيطان من الرمز الغني المذكور اداة لجعل الشخصية غافلة، نائمة عن اداء وظائفها.
واما الرمز الثاني: فهو (اللعوق)، وهو لحس الانسان لاسنانه، حيث رمز بهذه الكملة الى (الكذب) بصفة ان اللسان هو الاداة التي ينطق بها الانسان، فجاء الرمز المتقدم (اللعوق) رمزاً للكلام الكاذب.
واما الرمز الثالث: وهو (السعوط)، فقد جعله النبي (صلى الله عليه وآله) رمزاً لاغواء الشيطان: الانسان، بصفة ان (السعوط) مادة تجعل في الانف لاسباب صحية، فرمز لها لتعبر عن (تكبر) الشخصية، وذلك لان الانف هو جهاز بارز في الوجه، وهو طالما يستخدمه الادباء للتعبير عن تعالي الشخصية وتكبرها فتقول مثلاً: فلان ركب انفه اي: عاند وتكبر وتعالى وشمخ بانفه.
اذن جاء الحديث المتقدم حافلاً برموز مثيرة، وملفتة للنظر، ذات طرافة بالنحو الذي اوضحناه.