بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على مظاهر رحمة الله ومعادن حكمته محمد المصطفى الأمين وآله الطيبين. السلام عليكم مستمعينا الأفاضل، من أخلاق الله عزوجل الذي أشارت إليه عدة من الآيات الكريمة خلق حث الناس وترغيبهم في عمل الخير والإنفاق وإعانة المحتاجين، ومن هذه الآيات تلك التي يدعو الله وهو الغني المطلق عباده إلى أن يقرضوه قرضا حسنا، فهذه الدعوة تعبر في الواقع عن هذا الخلق الكريم الذي تجلى في سيرة أولياءه المقربين عليهم السلام. في كتاب بحار الأنوار نقلا عن كتاب قضاء حقوق الإخوان للمحدث الصوري رضوان الله عليه بسنده عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام وعنده المعلى بن خنيس إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان فقال: يابن رسول الله أنا من مواليكم أهل البيت، وبيني وبينكم شقة بعيدة وقد قل ذات يدي، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينني. قال: فنظر أبو عبد الله يمينا وشمالا وقال: "ألا تسمعون ما يقول أخوكم؟ إنما المعروف ابتداء، فأما ما أعطيت بعد ما سأل، فإنما هو مكافاة لما بذل لك من (ماء) وجهه ثم قال: فيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس والرجاء، لا يدري أين يتوجه بحاجته، فيعزم على القصد إليك، فأتاك وقلبه يجب وفرائصه ترتعد، وقد نزل دمه في وجهه، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرد، أم بسرور النجح فإن أعطيته رأيت أنك قد وصلته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا، لما يتجشم من مسألته إياك، أعظم مما ناله من معروفك". قال الراوي: فجمعوا أي الحاضرون للخراساني خمسة آلاف درهم، ودفعوها إليه. مستمعينا الأفاضل، ومن تجليات خلق حب الإصلاح بين العباد وهو من الأخلاق الإلهية السامية، ننقل لكم النموذج التالي الذي رواه ثقة الإسلام الكليني في كتابه الكافي بسنده عن أبي حنيفة سائق الحاج قال: مرّ بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل فأتيناه، فأصلح بيننا بأربع مائة درهم، فدفعها إلينا من عنده، حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال: أما إنها ليست من مالي، ولكن أبا عبد الله الصادق عليه السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما، وأفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله عليه السلام. أعزائنا المستمعين ولنتدبر معا في المظهر التالي من مظاهر تجلي أسمى مصاديق رأفة الله عزوجل في وليه سادس أئمة العترة المحمدية مولانا الإمام الصادق عليه السلام، روى المؤرخون أنه دخل سفيان الثوري على الإمام الصادق (عليه السلام) فرآه متغير اللون، فسأله عن ذلك، فقال: كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم، والصبي معها فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات، فما تغير لوني لموت الصبي، وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب ثم قال عليه السلام لها: "أنت حرة لوجه الله، لا بأس عليك مرتين ". تقبل الله منكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران، حسن الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (من أخلاق الله)، دمتم في رعاية الله.