السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء نحمد الله جل جلاله علي جميل توفيقه لنا لأن نكون معكم في لقاءٍ آخر من هذا البرنامج الذي نسعي من خلاله لمعرفة أخلاق الله عزوجل كمقدمةٍ للتخلق بها إستجابة للوصية المشهورة المروية عن حبيبنا المصطفي صلي الله عليه وآله. والخلق الإلهي الذي نتحدث عنه في هذه الحلقة هو خلق تكريم الإنسان المؤمن بالخصوص بعد أن عرفنا في حلقةٍ سابقة أن من أخلاق الله تبارك وتعالي هو تكريم الإنسان عموماً.
وتكريم الله عزوجل للمؤمن من أخلاقه التي تحدثت عنها كثير من النصوص الشريفة حتى صرح بعضها بأن المؤمن أكرم علي الله من الكعبة، فيما ذكرت أحاديث أُخري شدة إهتمام الله جل جلاله بحفظ كرامة المؤمن، وتحدثت عن أنه من شدة حفظه لماء وجه المؤمن لايسمح لأحد من خلقه يوم القيامة بالإطلاع علي ما في صحيفة أعماله من ذنوب بل يذكرها له وحده ثم يغفرها له. وقد إخترنا في هذا اللقاء روايتين من سيرة معلمي العباد مصاديق التخلق بأخلاق الله جل جلاله الأولي عن إمامنا الحسين عليه السلام، والثانية عن مولانا الرضا عليه السلام، وكلاهما يتجلي فيهما هذا الخلق الإلهي بأسمي صوره تابعونا مشكورين.
في كتاب تحف العقول نقل المحدث الجليل ابن شعبة البحراني، أن رجلاً من الأنصار جاء إلي الحسين بن علي عليهما السلام يريد أن يسأله حاجة فقال عليه السلام: "ياأخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة وارفع حاجتك في رقعة فإني آت فيها ما سارك أن شاء الله" . فكتب: يا أباعبد الله انّ لفلان علي خمسمائة دينار وقد ألح بي، فكلمه ينظرني إلي ميسرة، فلما قرأ الحسين عليه السلام الرقعة دخل إلي منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار وقال عليه السلام له: "أما خمسمائة فاقض بها دينك، وأما خمسمائة فاستعن بها علي دهرك ولا ترفع حاجتك إلا إلي أحد ثلاثة: إلي ذي دين، أو مروة، أو حسب، فأما ذو الدين فيصون دينه وأما ذو المروة فإنه يستحي لمروته وأما ذو الحسب فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك" .
مستمعينا الأفاضل ولنتأمل معاً في السيرة الرضوية فيما يرتبط بجميل تكريم الإنسان فنقرأ لكم الحادثة التالية التي رواها الشيخ الكليني قدس سره في كتاب الكافي بسنده عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام أحدثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام إذ دخل عليه رجل ضخم فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك عليهم السلام، مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة فإن رأيت أن تنهضني إلي بلدي ولله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة فقال عليه السلام له: اجلس رحمك الله وأقبل علي الناس يحدثهم حتي تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا فقال عليه السلام: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلي الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا، "فقال: خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عني واخرج فلا أراك ولا تراني" ، ثم خرج فقال له سليمان :جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: "مخافة أن أري ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته" ، أما سمعت حديث رسول الله صلي الله عليه وآله: "المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له" ، أما سمعت قول الأول:
متي آته يوما لاطلب حاجة
رجعت إلي أهلي ووجهي بمائه
والي هنا ينتهي أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامج (من أخلاق الله)، قدمناه لكم من صوت الجمهورية الإسلامية في إيران. تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.