السلام عليكم أيها الأعزاء، تحية مباركة طيبة نستهل بها لقاءً آخر يسرنا أن يجمعنا بكم في رحاب هذا البرنامج. في لقاء اليوم ننقل لكم روايتين معبرتين تعلمنا مصاديق للتخلق بأحد أعظم أخلاق الله عزوجل بركة وهو خلق مجازاة الحسنة بأحسن منها. وقد تحدثنا في الحلقة السابقة من البرنامج عن بركات التخلق بهذا الخلق الكريم لذا ندخل مباشرة في نقل ما أخترناه من مصاديق تجلت في سيرة أهل بيت النبوة عليهم السلام، كونوا معنا. روى الخطيب البغدادي في موسوعته الشهيرة (تأريخ بغداد) بسنده عن إبراهيم بن إسحاق المعروف بالحربي، وقد سألوه عن حديث عباس البقال، فقال: وزنت لعباس البقال دانقا إلا فلسا فقال: يا أبا إسحاق حدثني حديثا في السخاء فلعل الله يشرح صدري فأعمل شيئاً قال: فقلت له: نعم، روي عن الحسن بن علي عليه السلام أنه كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود بيده رغيف يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن: ما حملك على أن شاطرته ولم تغابنه فيه بشئ؟ فقال: استحت عيناي من عينيه أن أغابنه فقال له: غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ قال لأبان بن عثمان فقال له الحسن: أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك، فمر واشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، قال: فقام قائما فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يامولاي، قال: وقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه الله. والحائط هبة مني إليك، قال: فقال الغلام: يامولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له! قال ابراهيم الحربي: فقال عباس البقال: أحسن والله يا أبا إسحاق، لأبي إسحاق دانق إلا فلسا أعطه بدانق ما يريد. والرواية الثانية مستمعينا الأكارم نختارها من السيرة الكاظمية وقد رويت في مصادر الفريقين مثل تأريخ بغداد وسير أعلام النبلاء وحلية الأبرار وغيرها. ونحن ننقلها من كتاب الأرشاد للشيخ المفيد رضوان الله عليه عن محمد بن موسى الكاظم عليه السلام، قال: خرجت مع أبي إلى ضياعه بساية، فأصبحنا في غداة باردة وقد دنونا منها وأصبحنا على عين من عيون ساية، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستدفئ بخرقة، على رأسه قدر فخار يفور، فوقف على الغلمان فقال: أين سيدكم؟ قالوا: هو ذاك، قال: أبو من يكنى؟ قالوا له: أبو الحسن، قال: فوقف عليه فقال: ياسيدي يا أبا الحسن هذه عصيدة أهديتها إليك. قال عليه السلام: ضعها عند الغلمان، فوضعها عند الغلمان فأكلوا منها، قال: ثم ذهب فلم نقل بلغ (اي لم يتأخر كثيراً)، حتى خرج وعلى رأسه حزمة حطب ووقف عليه (يعني الإمام عليه السلام) فقال له: ياسيدي هذا حطب أهديته إليك، قال عليه السلام: ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا، فذهب فجاء بنار. قال الراوي: وكتب أبو الحسن اسمه أي اسم الغلام واسم مولاه فدفعه إلي، وقال: يابني احتفظ بهذه الورقة حتى أسألك عنها. قال: فوردنا إلى ضياعه، وأقام بها ما طاب له، ثم قال: امضوا بنا إلى زيارة البيت قال: فخرجنا حتى وردنا مكة فلما قضى أبو الحسن عليه السلام عمرته دعا صاعدا وهو غلام له فقال: اذهب فاطلب لي هذا الرجل {يعني إسم مالك ذلك العبد الزنجي}، فإذا علمت بموضعه فأعلمني حتى أمشي إليه، فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي. قال الراوي، قال لي صاعد: فذهبت حتى وقفت على الرجل فلما رآني عرفني وكنت أعرفه وكان يتشيع فلما رآني سلم علي فتتبعني وجعلت أتقصى منه ويلحقني بنفسه فلما رأيت أني لاأنفلت منه مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى أتيته فقال: ألم أقل لك لاتعلمه؟ فقلت: جعلت فداك لم أعلمه، فسلم عليه فقال له أبو الحسن: غلامك فلان تبيعه؟ قال له: جعلت فداك، الغلام لك والضيعة وجميع ما أملك. قال: أما الضيعة فلا احب ان اسلبكها، وقد حدثني ابي، عن جدي، أن بائع الضيعة ممحوق، ومشتريها مرزوق. قال: فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار وأعتق العبد ووهب له الضيعة. إنتهى أحباءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، لقاء اليوم من برنامج (من أخلاق الله)، شكراً لكم على طيب المتابعة ودمتم في رعاية الله.