علي بركة الله نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج نخصص أولي فقراتها لفقرات من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تدعونا الي تجسيد المصداق الكامل لموالاة العترة المحمدية الطاهرة، وهو المتمثل بمتابعتهم والسعي للإقتداء بهم في جميع شؤون الحياة، فقد قال (عليه السلام): انظروا أهل بيت نبيكم، فالزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدي ولن يعيدوكم في ردي، فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا وقال (عليه السلام): لنا رأية الحق، من استظل بها كنته، ومن سبق إليها فاز، ومن تخلف عنها هلك، ومن فارقها هوي، ومن تمسك بها نجا وعنه (عليه السلام) أيضاً قال: من تمسك بنا لحق، ومن سلك غير طريقتنا غرق. لمحبينا أفواج من رحمة الله، ولمبغضينا أفواج من غضب الله. وطريقنا القصد، وفي أمرنا الرشد وقال (عليه السلام) - في أول خطبة خطبها بعد بيعة الناس له علي الأمر - : ألا إن أبرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغاراً، وأعلم الناس كباراً. ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، وبقول صادق أخذنا، فإن تتبعوا أثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا. معنا رأية الحق، من تبعها لحق، ومن تأخر عنها غرق، ألا وبنا تدرك ترة كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقهم.
ننقلكم في الفقرة الثانية من برنامج مصابيح الهدي في حلقته هذه الي رحاب أخلاق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) مع روايتين بليغيتين في الحث علي الكسب الحلال والعمل النافع فقد روي إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أري أن علي بن الحسين (عليهما السلام) يدع خلفا أفضل منه حتي رأيت ابنه محمد بن علي (عليهما السلام)، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟
قال: خرجت إلي بعض نواحي المدينة في ساعة حارة، فلقيني أبو جعفر محمد بن علي - وكان رجلاً بادنا ثقيلاً - وهو متكئ علي غلامين - يشير الراوي الي تعب أصاب الإمام (عليه السلام) وهو يعمل في المزرعة، قال الراوي:
فقلت في نفسي: سبحان الله! شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا!
أما لأعظنه، فدنوت منه فسلمت عليه، فرد علي السلام وهو يتصبب عرقا، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا! أرأيت لو جاء أجلك وأنت علي هذه الحال ما كنت تصنع؟
فقال: لو جاءني الموت وأنا علي هذه الحال، جاءني وأنا في [طاعة من] طاعة الله، أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا علي معصية من معاصي الله.
فقلت: صدقت يرحمك الله، أردت أن أعظك فوعظتني أما الرواية الثانية فهي عن علي بن أبي حمزة قال: رأيت أبا الحسن يعني الإمام الكاظم (عليه السلام) يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق.
فقلت له: جعلت فداك، أين الرجال؟ - يعني أن يكفيه عن العمل في المزرعة غيره.
فأجابه (عليه السلام): يا علي، قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي.
فقلت له: ومن هو؟
فقال: رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين، وآبائي (عليهم السلام) كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين.
أحباءنا ومن بيدر الوصايا الهادية الي سعادة الدنيا والأخرة، نقرأ لكم في أخر فقرات البرنامج فقرات من الوصية الجامعة التي أوصي بها الإمام الصادق شيعته، قال (عليه السلام): اعلموا أنه ليس يغن عنكم من الله أحد من خلقه شيئاً، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك، فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلي الله أن يرضي عنه. واعلموا أن أحداً من خلق الله لم يصب رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد صلوات الله عليهم، ومعصيتهم من معصية الله، ولم ينكر لهم فضلاً أو صغر، سلوا الله العافية واطلبوها إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.