نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج وطائفة من الأحاديث المعتبرة التي تعرفنا بأهل بيت النبوة وأخلاقهم ووصاياهم (عليهم السلام) وها نحن نبدأ بهذا التصوير المحمدي البليغ لفطرية محبة محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن الله خلق الاسلام فجعل له عرصة وجعل له نوراً وجعل له حصنا وجعل له ناصراً، فأما عرصته فالقرآن، وأما نوره فالحكمة، وأما حصنه فالمعروف، وأما أنصارهم، فإنه لما أسري بي إلي السماء الدنيا فنسبني جبرئيل (عليه السلام) لأهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلي يوم القيامة، ثم هبط بي إلي أهل الأرض، فنسبني إلي أهل الأرض فاستودع الله عزوجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمنوا أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلي يوم القيامة.
ونبقي أعزاءنا مع أحاديث مودة أهل الشجرة المحمدية المباركة فنقرأ لكم بعض الأحاديث في أثر هذه المودة في تطهير المؤمنين من الذنوب وبركات أخري:
قال رسول الله (صلي الله عليه واله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات.
وقال الإمام الحسن (عليه السلام): والله، لا يحبنا عبد أبداً ولو كان أسيراً بالديلم إلا نفعه الله بحبنا، وإن حبنا ليساقط الذنوب من ابن آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر.
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): من أحبنا لله نفعه حبنا ولو كان في جبل الديلم، ومن أحبنا لغير ذلك فإن الله يفعل ما يشاء، إن حبنا أهل البيت يساقط عن العباد الذنوب كما يساقط الريح الورق من الشجر.
نتابع أعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج مصابيح الهدي وندعوكم للتأمل في هذه الرواية من روايات الأخلاق المحمدية:
أنس بن مالك: كانت لرسول الله (صلي الله عليه وآله) شربة يفطر عليها، وشربة للسحر، وربما كانت واحدة، وربما كانت لبنا، وربما كانت الشربة خبزا يماث، فهيأتها له (صلي الله عليه وآله) ذات ليلة فاحتبس النبي (صلي الله عليه وآله) فظننت أن بعض أصحابه دعاه، فشربتها حين احتبس، فجاء (صلي الله عليه وآله) بعد العشاء بساعة، فسألت بعض من كان معه هل كان النبي (صلي الله عليه وآله) أفطر في مكان أودعاه أحد؟
فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله من غم أن يطلبها مني النبي (صلي الله عليه وآله) ولا يجدها فيبيت جائعاً، فأصبح صائماً وما سألني عنها ولا ذكرها حتي الساعة.
وقال أبو بصير (رحمه الله): قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): هل كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يتعوذ من البخل؟
فقال: نعم يا أبا محمد في كل صباح ومساء، ونحن نتعوذ بالله من البخل، يقول الله: «وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
ونقرأ لكم هذه الرواية المعبّرة عن عمق الرأفة بالناس التي لا نجد لها نظيراً في غير محمد وآله صلوات ربي عليهم أجمعين فقد روي أنه دخل سفيان الثوري علي الامام الصادق (عليه السلام) فرآه متغير اللون، فسأله عن ذلك، فقال: كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلي الأرض فمات، ما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب.
وكان (عليه السلام) قال لها: أنت حرة لوجه الله، لا بأس عليك - مرتين -.
ولنفتح قلوبنا لطائفة من وصايا أهل بيت النبوة (عليهم السلام) للمؤمنين قال الإمام الصادق (عليه السلام): مخزن البطاقات. أهل البيت في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - ص 322: معاشر الشيعة، كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسناً، احفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول.
وقال (عليه السلام): كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإن ذلك داعية.
وقال (عليه السلام): أي مفضل قل لشيعتنا: كونوا دعاة إلينا بالكف عن محارم الله واجتناب معاصيه واتباع رضوان الله، فإنهم إذا كانوا كذلك كان الناس إلينا مسارعين.
وقال (عليه السلام): إياكم أن تعلموا عملاً يعيرونا به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شيئاً.